بدأ حزب الشعب الجمهوري في تركيا مرحلة جديدة في سعيه الدؤوب للوصول إلى السلطة في الانتخابات الرئاسية والبرلمانية القادمة، حيث أنهى مؤتمره العام بانتخاب قيادة للحزب وتشكيل حكومة ظل مستقلة تتبع مرشحه للرئاسة.
وعقد أكبر أحزاب المعارضة التركية، مؤتمره العام رقم 39، في أنقرة، على مدى ثلاثة أيام شهدت انقسامًا واضحًا وعلنيًّا بين الجناح الجديد الذي يمثله زعيم الحزب الحالي، أوزغور أوزيل، والجناح القديم برئاسة كمال كليتشدار أوغلو.
كما كشف المؤتمر عن ذهاب الخلاف بين حزب المعارضة الرئيسي في تركيا وحزب العدالة والتنمية الحاكم، إلى مرحلة اللاعودة في ظل القيادة الحالية لحزب الشعب الجمهوري.
شهد مؤتمر الحزب، في يومه الثاني، انتخاب رئيس له، وقد فاز المرشح الوحيد، أوزغور أوزيل بغالبية ساحقة في تصويت مندوبي فروع الحزب (1333 صوتًا، فيما ألغي 24 صوتًا لبطلانها)؛ ما يعزز شرعية الزعيم الجديد بعد معركة قضائية سابقة حول الشرعية، استمرت عامين.
ومنذ فوز أوزيل في مؤتمر الحزب الماضي رقم 38، عام 2023، واجه دعاوى قضائية رفعها أعضاء آخرون في حزبه، بتهمة التأثير في المندوبين في التصويت، والمطالبة بإبطال ذلك المؤتمر وما نتج عنه.
وأدخلت تلك المعركة القضائية الطويلة التي ظلت جلساتها حتى وقت قريب من انعقاد المؤتمر العام رقم 39، حزب الشعب وقيادته في دوامة من المحاكمات والاعتراض وعقد المؤتمرات الاستثنائية، وأبرزت الانقسام الداخلي في الحزب بين الجناحين القديم والجديد.
استبق الزعيم السابق لحزب الشعب الجمهوري، كمال كليتشدار أوغلو، عقد المؤتمر العام الـ 39 لحزبه، بأيام، وظهر في خطاب بفيديو موجه لأنصار الحزب، دعا فيه لتطهير الحزب من الفساد، في إشارة أغضبت الجناح الجديد الذي يشكك في تهم الفساد التي يواجهها نحو 15 رئيس بلدية تابعين له، وبينهم رئيس بلدية إسطنبول، أكرم إمام أوغلو.
وأكمل كليتشدار أوغلو مسار المعارضة العلنية للقيادة الحالية لحزبه، عندما ظهر خلال انعقاد مؤتمر حزبه، في مقابلة صحفية مع جريدة "الصباح"، التي تعد من أكثر وسائل الإعلام التركية قربًا من حكومة حزب العدالة والتنمية ورئيسها رجب طيب أردوغان.
كما غاب كليتشدار أوغلو عن أيام المؤتمر الثلاثة، وسط دعم وتأييد وشعبية يتمتع بها من قبل أنصار الجناح القديم في الحزب، وبينهم "غورسيل تيكين"، وهو عضو بارز في الحزب عينته المحكمة وصيًّا على فرع إسطنبول قبل أشهر، تنفيذًا لدعوى قضائية تشكك في شرعية رئيس الفرع أوزغور تشيليك.
شهد المؤتمر العام لحزب الشعب الجمهوري، انسحاب وفد حزب العدالة والتنمية الحاكم من المؤتمر الذي تحضره وفود تمثل الأحزاب السياسية في تركيا، بعد عرض مقطع فيديو اعتبر مسيئًا للرئيس أردوغان.
حمل الفيديو عنوان "ضحية الأمس ظالم اليوم"، وأشار إلى سجن أردوغان عندما كان رئيسًا لبلدية إسطنبول في تسعينيات القرن الماضي، ثم أشار الفيديو لكون رئيس بلدية إسطنبول الحالي، أكرم إمام أوغلو، مسجونًا في ظل حكم أردوغان.
ويندرج انسحاب وفد الحزب الحاكم ضمن مسار طويل وصل ذروته في مارس/آذار الماضي، عندما اتهم حزب الشعب الجمهوري الحكومة والرئيس أردوغان بالضغط على الحزب المعارض عبر القضاء، واعتقال مرشحه للرئاسة أكرم إمام أوغلو.
وقوبلت تلك الاتهامات التي رددها أوزيل ونواب من حزبه في البرلمان في العديد من المرات، بردود من أردوغان وفريقه الحاكم، ينفون فيها التدخل في مسار القضاء، ويقولون إن حزب الشعب يعيش انقسامًا داخليًّا ويسيطر الفساد على إدارته للبلديات التي فاز فيها مرشحوه في الانتخابات المحلية خلال دورتي 2019 و2024.
شهد المؤتمر العام لحزب الشعب الجمهوري تشكيل حكومة ظل مستقلة عن مجلس رئاسة الحزب كما كان متبعًا منذ المؤتمر السابق، وتتبع حكومة الظل الجديدة، مرشح الرئاسة الحالي، أكرم إمام أوغلو، فيما يعتبر خطوة متقدمة وواثقة في الوصول للسلطة في الانتخابات الرئاسية والبرلمانية القادمة.
وحمل المؤتمر رقم 39 عنوان "حان وقت السلطة"، وأكد زعيم الحزب أوزيل خلال خطاباته في جلسات المؤتمر، أنهم قريبون من الوصول للسلطة بالنظر لشعبية الحزب التي وصلت ذروتها في صناديق الانتخابات المحلية العام الماضي، عندما اكتسح بلديات كبرى من حزب العدالة والتنمية الحاكم، وبينها أنقرة وإسطنبول، للدورة الثانية على التوالي.
وقال أوزيل في خطاب خلال افتتاح المؤتمر: "بعد 100 عام (تأسس الحزب قبل 102 عام على يد مصطفى كمال أتاتورك)، سينقذ حزب الشعب الجمهوري هذا البلد مرة أخرى، من خلال هذه الجهود، وبهذا العزم".
وقال في خطاب آخر عقب إعلان فوزه برئاسة الحزب: "هذا آخر مؤتمر لنا ونحن في المعارضة. سنعقد مؤتمرنا الـ40 ونحن في السلطة".