كشفت صحيفة "وول ستريت جورنال"، أن كبار المسؤولين الأمنيين والوزراء في إسرائيل يحثون رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، على التوصل إلى اتفاق وقف إطلاق نار مؤقت مع حماس، بدلاً من توسيع الهجوم البري ضد الجماعة المسلحة في مدينة غزة.
وفي اجتماع ناري استمر ست ساعات لمجلس الوزراء الأمني الإسرائيلي عقد يوم الأحد، وكشفت "وول ستريت جورنال" تفاصيله ليل الخميس، حذّر رئيس هيئة الأركان الإسرائيلية، إيال زامير، نتنياهو ووزراء كبار آخرين حاضرين من أن العملية قد تؤدي إلى "حكم عسكري إسرائيلي على غزة".
ونقلت الصحيفة عن مسؤولين كبار حضروا الاجتماع العاصف أن رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، الموساد، ديفيد برنياع، ووزير الخارجية جدعون ساعر، أبديا ترددهما في الأسابيع الأخيرة بشأن المضي قدماً في الهجوم على مدينة غزة.
وأضافوا أنهم، إلى جانب زامير، طالبوا بالتوصل إلى اتفاق وقف إطلاق نار مع حماس، يُفرج بموجبه على الأقل عن بعض الأسرى الإسرائيليين المتبقين في غزة.
ووفق "وول ستريت جورنال"، يعكس الخلاف انقساماً بين نتنياهو وبعض أعضاء المؤسسة الأمنية في البلاد حول أهداف الحرب وتنفيذها ومستقبل غزة.
وقد اصطدم رئيس الوزراء الإسرائيلي كثيراً مع الجنرالات وقادة الأمن الذين شعروا بالإحباط، ما اعتبروه عجزاً عن رسم خطة نهائية واضحة للحرب.
ويُبرز الخلاف مجدداً إلى العلن، مع قرار نتنياهو المضي قدماً في هجوم مدينة غزة، في ظل تنامي المعارضة الداخلية لاستمرار الحرب، إلى جانب الإدانة الدولية.
ومن أبرز المخاوف التي أثارها زامير، المسؤوليات القانونية المحتملة التي ستُحمّلها إسرائيل في حال إزالة آخر بقايا حكم حماس في غزة، فيما يقول خبراء قانونيون داخل إسرائيل وخارجها إن تل أبيب تُخاطر بتحمّل المسؤولية القانونية عن توفير الخدمات الأساسية في القطاع، بما في ذلك الرعاية الصحية والتعليم وخدمات الصرف الصحي.
وتُقدّم هذه الخدمات الآن من قِبل منظمات الإغاثة أو مسؤولي الحكومة المحلية، وقد تُكلّف الحكومة العسكرية إسرائيل نحو 10 مليارات دولار سنويًا، وفقًا لبعض التقديرات.
كما أن هناك مخاوف أخرى، إذ يشعر ساعر بالقلق إزاء التكلفة الدبلوماسية لاستمرار الحرب في ظل تزايد الانتقادات الدولية لارتفاع عدد الضحايا المدنيين، وفقًا للمصادر التي نقلت عنه قوله إنه ينبغي لإسرائيل إنقاذ أكبر عدد ممكن من الرهائن الآن.
ويُنظر إلى هجوم مدينة غزة على أنه محفوف بالمخاطر بالنسبة للرهائن الإسرائيليين المتبقين والجنود، إذ عارض زامير احتلال غزة بالكامل في اجتماع مجلس الوزراء الأمني، ويعود ذلك جزئياً إلى نقص القوى العاملة نتيجة إرهاق عناصر الاحتياط بعد استدعائهم المتكرر للخدمة لمدة عامين تقريباً.
وقال إسرائيل زيف، القائد السابق لفرقة غزة في الجيش الإسرائيلي، إن هناك خلافاً واضحاً حول الحاجة إلى القيام بعملية ستكون تكاليفها باهظة للغاية، ولن تعيد الرهائن في النهاية.
ورغم تردد الجيش بشأن العملية، فإنه يواصل استعداداته للهجوم، إذ تعمل القوات الإسرائيلية في عدة أحياء على أطراف مدينة غزة، حيث يعيش مئات الآلاف من سكانها، ويُعتقد أن بعض الرهائن الإسرائيليين محتجزون فيها، وتحشد عشرات الآلاف من جنود الاحتياط للمعركة الأوسع.
ووصف نتنياهو مدينة غزة بأنها معقل لحماس، وقال إن العملية ضرورية لهزيمة الجماعة المسلحة، فيما أكّدت حكومته أنها غير معنية بوقف إطلاق نار محدود، ولن توقف الحرب إلا إذا استسلمت حماس، وأعادت جميع رهائنها، ونزعت سلاحها، وسلمت السلطة في غزة لإدارة مدنية، مع احتفاظ إسرائيل بالسيطرة الأمنية.