أعلن حزب التجمع الوطني اليميني المتطرف في فرنسا التنصل من حركة "فلنشلّ كل شيء" المقررة، في 10 سبتمبر/أيلول المقبل، في الوقت الذي أعلنت فيه قوى اليسار دعمها.
وأوضحت نائبة رئيس حزب التجمع إدويدج دياز، أن "دور التجمع الوطني ليس في إطلاق الهتافات عبر مكبرات الصوت، بل في تقديم حلول ملموسة لمشكلات الناس ومطالبهم".
نشأت حركة "فلنشلّ كل شيء" عبر شبكات التواصل الاجتماعي، وسرعان ما حظيت، هذا الأسبوع، بدعم قوى يسارية متتالية: حزب فرنسا الأبية (يسار متطرف) بزعامة جان لوك ميلانشون، ثم الخضر، يليه الحزب الشيوعي والحزب الاشتراكي.
لكن بالنسبة إلى دياز، فإن هذا الدعم يمثل "أكبر هدية يقدمها ميلانشون لإيمانويل ماكرون"، معتبرة أن استحواذ أحزاب اليسار على الحراك "يفقده مصداقيته، ويثني كثيرين عن المشاركة فيه"، بحسب صحيفة "لوموند" الفرنسية.
وأشارت دياز إلى أن "أنصار الحزب وناخبيه أحرار فيما يفعلون"، لكنها في الوقت نفسه حذرت من مخاطر "انزلاقات خطيرة" في المظاهرات.
وأبدت شكوكها في قدرة وزير الداخلية برونو ريتايو على منع تسلل مجموعات "البلاك بلوك"، محذرة من احتمالات "تخريب الممتلكات العامة، وتحطيم واجهات المحال التجارية".
من جهته، شدّد النائب توماس ميناجيه عن حزب التجمع الوطني، خلال مقابلة إذاعية على أن دور حزبه يتمثل في الدفاع عن مصالح "الطبقات الشعبية والمتوسطة والمتقاعدين وكل من أنهكتهم الضرائب"، وليس في "تأجيج الحركات الاجتماعية".
ودعا إلى "عدم تحويل البلاد إلى ساحة فوضى"، مضيفاً أنه لو كان الحزب في الحكم "لما ظهرت أصلاً حركة مثل فلنشلّ كل شيء".
في المقابل، اتسم موقف النقابات العمالية بالحذر. فقد أكدت صوفي بينيه، الأمينة العامة للاتحاد العام للشغل (CGT)، أن مطالب الحركة الاجتماعية وانتقادها لمشروع الميزانية الحكومية "تتطابق تماماً مع تحليلنا".
لكنها شددت على أن "ما عدا ذلك، تظل الأمور غامضة"، محذّرة من مخاطر "اختراق اليمين المتطرف للحراك".
وأعلنت أن النقابة ستناقش موقفها النهائي الأسبوع المقبل، على أن يُحسم الموقف في اجتماع مشترك للنقابات في 1 سبتمبر.
التوترات قد تتفاقم مع تداعيات سياسات التقشف الجديدة، فالميزانية المقترحة في أغسطس 2025، والتي تتضمن خفضًا في الدعم الاجتماعي مع الحفاظ على مزايا مالية للأثرياء، تثير السخط مرةً أخرى على غرار انهيار حركة 2018.
كما تشير دوائر استخباراتية إلى أن القوات الحراكية تتهيأ، حاليًا، عبر شبكة تنظيم حديثة لتنظيم احتجاجات جماهيرية قد تتفجر في الذكرى السابعة لانطلاق الحركة في نوفمبر 2025، بحسب صحيفة " لوفيغارو" الفرنسية.
وبحسب الباحثة الفرنسية في معهد البحوث السياسية في بوردو، مجالي دو لا سودا فإن حركات "السترات الصفراء" لم تتلاشَ بالكامل بعد "خلع السترات"، بحسب صحيفة "لا تريبين" الفرنسية.
وأوضحت أن فرنسا قد شهدت، على مر السنوات، تحركات متفرقة على الدوّارات ومواقع احتجاجية في أعقاب سياسات مثيرة للألم الشعبي.
ولفتت إلى أنه على الرغم من أن التاريخ لا يعيد نفسه بصورة مطابقة، إلا أن هناك "موجات تعبئة" متجددة عند أي تفعيل لقضايا مثل القدرة الشرائية أو المساواة الاجتماعية، وكلما تكرر اختلال التوازن الاجتماعي وسياسات الضغط، ازدادت فرص نشوء حراك قوي جديد، ولو بشكل مختلف.