logo
العالم

فرنسا.. هل يتجاوز ميلانشون انقسامات اليسار بـ"حراك سبتمبر"؟

فرنسا.. هل يتجاوز ميلانشون انقسامات اليسار بـ"حراك سبتمبر"؟
زعيم حركة "فرنسا المتمردة جان لوك ميلانشون المصدر: (أ ب)
19 أغسطس 2025، 2:46 م

يرى خبراء سياسيون فرنسيون أن جان لوك ميلانشون، زعيم حركة "فرنسا المتمردة"، يسعى من خلال دعمه لحراك "فلنُعطِّل كل شيء" المقرر في 10 سبتمبر/ أيلول إلى استعادة موقعه كصوت الغضب الشعبي، بعد تراجع حضوره في المشهد نتيجة انقسامات اليسار وانشغاله الطويل بالقضايا الدولية.

وأشار الخبراء إلى أن خطوة ميلانشون لا تقتصر على التضامن مع حركة اجتماعية ناشئة، بل تمثل محاولة لإعادة ربط حزبه بالشارع الفرنسي الغاضب، كما فعل سابقا مع حراك "السترات الصفراء"، لكن في ظرف سياسي مختلف تميل فيه فئات واسعة من الفرنسيين إلى الاستقرار أكثر من الثورة.

وقال الدكتور دومينيك رينيه، أستاذ العلوم السياسية في جامعة العلوم السياسية بباريس لـ"إرم نيوز"، إن الخطاب الجدلي الذي يعتمده ميلانشون يهدف إلى إبراز نفسه "محركا للغضب الشعبي"، لكنه صيغ بطريقة منمّقة تتحدث عن مصلحة الحركة أكثر مما تخدم الأصوات الشعبية الحقيقية.

ويرى رينيه أن الأمر لا يمثل محاولة لإشعال احتجاج عفوي، بل خطوة محسوبة لإضفاء شرعية حزبية على احتجاج عابر لم يتبلور بعد.

وأضاف أن ميلانشون يواجه تحديا مزدوجا، يتعلق بضعف التجاوب الشعبي من جهة، واستنفاد السرد الثوري القديم من جهة أخرى، ما يجعله يكرر سيناريو "السترات الصفراء" لكن باندفاع أقل وحماس أضعف.

ويستند هذا الطرح إلى تحليل رينيه لمسار ميلانشون كخط سياسي شعبي تقليدي اعتمد على "وسائل تحريك الشعوب"، من دون أن ينجح في بناء مؤسسات حقيقية خلفه.

من جهتها، قالت الدكتورة كلوي موران، الباحثة السياسية في جامعة ليون لـ"إرم نيوز"، إن ميلانشون يشكّل أصل قوة حزب "فرنسا المتمردة"، لكنه في الوقت ذاته يشكّل عقبة أمام قيام تحالفات أوسع.

أخبار ذات علاقة

جان لوك ميلانشون

الاعتراف بالدولة الفلسطينية.. ميلانشون يناور بورقة ماكرون

 وترى موران أن دعم ميلانشون للحركة يمثل محاولة لإعادة استنهاض زخم شعبي في أعقاب تراجع الاهتمام بالقضايا الاجتماعية لصالح التركيز على الملفات الدولية.

ويؤكد هذا الموقف، بحسبها، فكرة أن ميلانشون "يبقي جمهوره منقسما طوعا" عبر إثارة الانفعالات، ما يساعده في الحفاظ على أسلوبه الاستقطابي المباشر، لكنه يحدّ في الوقت نفسه من قدرته على أن يكون زعيما جامعا للغضب الاجتماعي العريض.

غضب بلا قادة واضحين

منذ إعلان رئيس الوزراء فرنسوا بايرو عن الخطوط العريضة لموازنة 2026، تصاعدت على الإنترنت دعوات غامضة وغير محددة المصدر لدعوة إلى شل البلاد يوم 10 سبتمبر/ أيلول.

وبدأت الدعوات عبر قناة على تليغرام، ثم انتشرت عبر موقع "Les essentiels France"، وتوسعت إلى منصات مثل "إكس"، فيسبوك، تيك توك، وتليغرام.

وتراوحت مطالب الحركة بين الدعوة إلى استفتاء شعبي، رفع الأجور والمعاشات، والمقاومة والإضراب العام، مستحضرة ذاكرة "السترات الصفراء" (2018)، لكنها تختلف عنها بغياب وجوه قيادية بارزة مثل جاكلين مورو وبريسيليا لودوسكي.

ميلانشون على الخط

في البداية، أكد ميلانشون على مدونته تفهمه "أسباب هذه التعبئة"، مشددًا على أن استقلاليتها شرط أساسي لنجاحها.

لكنه سرعان ما دعا في مقال بصحيفة "لاتريبين ديمانش" إلى إسقاط حكومة بايرو والمشاركة في اللجان المحلية لدعم مبادرة 10 سبتمبر/ أيلول، معيدا تفعيل استراتيجيته القديمة كصوت للغضب الشعبي حتى وإن لم يكن صانعا له.

وواجه ميلانشون انتقادات اتهمته بمحاولة استغلال موجة احتجاج غير واضحة المعالم، كما حدث في 2018، لكن منسق حزبه مانويل بومبار اعتبر أن المطالب ليست من اليمين المتطرف، مؤكّدًا أن الهدف الرئيس هو إسقاط خطة بايرو ودعا الفرنسيين للتحرك في كل الساحات.

وسبق وأن أوضح ميلانشون خلال حراك "السترات الصفراء" أن هدفه ليس السيطرة على الحركة بل السماح لها بالسيطرة عليه، وهو خطاب لم يقبله بعض المشاركين حينها، معتبرين إياه محاولة استغلال من اليسار الراديكالي.

ويرى الخبراء أن الفرصة مع غياب قادة بارزين داخل حركة "فلنُعطِّل كل شيء"، تبدو سانحة أكثر لميلانشون لربط مشروعه السياسي بغضب شعبي غير مؤطر.

وأشار الخبراء إلى أن انضمام ميلانشون للحركة يعيد البعد الاجتماعي لخطاب اليسار بعد فترة انشغاله بالقضايا الدولية، خصوصًا ملف غزة، ما أدى إلى انقسامات داخل جبهة اليسار (NFP).

أخبار ذات علاقة

جان لوك ميلانشون

ميلانشون: نتنياهو ليس في الحجم المناسب ليخيف فرنسا

ويسعى ميلانشون عبر الدعوة لإعادة تقديم نفسه كزعيم المعارضة الشعبية، لكن رغبته في "إعادة إشعال الثورة المواطنية" تصطدم بواقع مختلف عن 2018، إذ إن الفرنسيين أكثر رغبة في الاستقرار من الثورة، الغضب مشتت بلا قادة، واليسار منقسم داخليًا.

;
logo
تابعونا على
جميع الحقوق محفوظة © 2024 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC