مصدر دبلوماسي أوروبي: خطة الضمانات الأمنية تحظى بدعم إدارة ترامب

logo
العالم

"فوز بلا ثمار".. كيف تبدد حلم اليمين المتطرف بالسلطة في فرنسا؟

"فوز بلا ثمار".. كيف تبدد حلم اليمين المتطرف بالسلطة في فرنسا؟
جوردان بارديلا، رئيس حزب التجمع الوطني ومارين لوبانالمصدر: رويترز
17 أغسطس 2025، 11:31 ص

رغم الزخم الشعبي غير المسبوق الذي حققه حزب التجمع الوطني (RN) في الانتخابات التشريعية الفرنسية عام 2024، إلا أن آماله في الوصول إلى الحكم اصطدمت بواقع سياسي معقد سرعان ما بدد أحلام زعيمه الشاب جوردان بارديلا

وبعد مرور أكثر من عام على تلك الصدمة، يبدو أن الحزب لم ينجح بعد في إجراء مراجعة جادة لأسباب فشله، بل إنه ما زال يترنح بين أزماته الداخلية وصورته المهزوزة أمام الرأي العام.

من النشوة إلى الخيبة

في 30 يونيو 2024، خرج بارديلا إلى أنصاره بابتسامة واثقة، معلنًا أن حزبه تصدر الجولة الأولى في 297 دائرة من أصل 577، ما فتح أمامه أبواب قصر "ماتينيون"- رئاسة الوزراء-  على مصراعيها. 

لكن بحسب تقرير لموقع "هاف بوست"، النسخة الفرنسية، بعد أسبوع فقط انقلب المشهد: فبدلًا من تحقيق الأغلبية المطلقة، جاء التجمع الوطني ثالثًا خلف تحالف الجبهة الشعبية الجديدة والكتلة الوسطية.  

الصحافة وصفت الأمر بـ"الهزيمة"، لكن زعيمته مارين لوبان سارعت إلى رفض هذا المصطلح، محاولةً تجميل صورة الحزب.

أخبار ذات علاقة

جوردان بارديلا

إذا مُنعت لوبان.. بارديلا يعتزم الترشح لرئاسة فرنسا

 

أخطاء قاتلة

جزء كبير من الخسارة يعود إلى ما وصف بـ"الأخطاء في اختيار المرشحين"، وفقًا للموقع، فقد ضمت لوائح الحزب شخصيات "ملوثة" بتصريحات عنصرية ومعادية للسامية والمثليين، ما أثار غضب الناخبين وأحرج القيادة.

بارديلا اعترف بوجود "أخطاء في الاختيار" لكنه حاول التقليل من حجمها، واصفًا أصحابها بـ"الخراف السوداء".

بعد الانتخابات، بدأ الحزب حملة تطهير داخلية وصفتها صحيفة "لوموند" بـ"المجزرة"، حيث جرى استبعاد عدد من المرشحين والمسؤولين المحليين.

لكن صحفًا أخرى مثل "ليبراسيون" أكدت أن معظم الأسماء المثيرة للجدل ما زالت داخل الحزب وتشغل مواقع قيادية.

الجبهة الجمهورية تعود بقوة

منذ عام تقريبًا، بدت مارين لوبان عازمة على إعادة هيكلة حزبها بشكل جذري، في محاولة لتجاوز الصعوبات التنظيمية التي برزت عقب الانتخابات.

وقالت في مقابلة مع مجلة "فالور آكتويال" اليمينية عام 2024: التجمع الوطني كان دائمًا حزبًا شديد المركزية، كل شيء ينطلق من المقر الرئيسي، لكن هذا النموذج لم يعد ممكنًا أمام أزمة النمو الانتخابي التي نمر بها.

لكن ما ساهم في إغلاق أبواب رئاسة الحكومة أمام جوردان بارديلا لم يكن التنظيم وحده، بل أيضًا سوء تقدير قوة "الجبهة الجمهورية" الذي كان عاملًا آخر له وزن حاسم.

ففي صفوف RN، لم يتوقع أحد أن يصوت ناخبو الجبهة الشعبية الجديدة بسهولة لصالح شخصيات مثل إليزابيث بورن أو جيرالد دارمانان، اللذين طالما اعتبرهما اليسار خصومًا مباشرين، وبالعكس، لم يخطر ببال قادة الحزب أن الناخبين المقرّبين من ماكرون قد يمنحون أصواتهم لمرشحي "فرنسا الأبية".

أخبار ذات علاقة

مارين لوبان وجوردان بارديلا

خليفة لوبان أمام الامتحان.. هل يتفوق بارديلا على معلمته؟

 توافد ناخبو اليسار للتصويت لصالح مرشحين وسطيين لمجرد منع وصول RN إلى السلطة، والعكس صحيح. حيث نقل ناخبو الجبهة الشعبية أصواتهم إلى مرشحي الكتلة الوسطية في الدوائر التي واجهوا فيها التجمع الوطني.

استطلاع للرأي أجرته مؤسسة إيبسوس كشف أن 72% من ناخبي الجبهة الشعبية نقلوا أصواتهم في الجولة الثانية إلى مرشحي الكتلة الوسطية، كلما كان الخصم مرشحًا من RN.

لوبان وصفت ذلك بـ"الحزب الواحد الممتد من أقصى اليسار إلى الوسط"، فيما اعتبره عضو البرلمان الأوروبي بيير رومان ثيونيه "سرقةً لإرادة الفرنسيين".

ارتباك برامجي وتناقضات

التجمع الوطني وجد نفسه كذلك أسير تناقضاته الداخلية، فمحاولة الجمع بين خطاب اجتماعي موجه للطبقات الشعبية، وبرنامج اقتصادي مطمئن لرجال الأعمال، أوقعت الحزب في مأزق. 

اضطر في النهاية للتخلي عن وعود مثل خفض ضريبة القيمة المضافة على الطاقة، وإلغاء إصلاح التأمين ضد البطالة. خطوة أثارت استياء قاعدته الشعبية وطرحت تساؤلات حول مصداقيته.

مستقبل غامض

الأزمة تفاقمت في مارس 2025 مع إدانة مارين لوبان بتهمة اختلاس أموال عامة، ما أدى إلى الحكم بعدم أهليتها للترشح للانتخابات المقبلة. 

الحكم كان بمثابة ضربة قاصمة لصورة الحزب الذي طالما بنى شعبيته على شعار "الأيادي النظيفة".

استطلاع أجراه Cluster17 أظهر أن 61% من الفرنسيين أيّدوا قرار المحكمة، ما عزز صورة RN كحزب مثل غيره.

أخبار ذات علاقة

 مارين لوبان وفي الخلفية جوردان بارديلا

بين زعيمته السابقة والوريث.. صراع خفي يربك "التجمع الوطني" الفرنسي

اليوم، ومع احتمال إقدام الرئيس ماكرون على حل الجمعية الوطنية والدعوة إلى انتخابات مبكرة، يواجه التجمع الوطني أسوأ سيناريو: زعيمة تاريخية مهددة بالغياب، وقيادة شابة مرتبكة، وبرنامج غير متماسك. 

وهكذا يبدو أن "النصر الكبير" الذي كاد يفتح أبواب الحكم، لم يترك سوى خيبة عميقة وتساؤلات عن قدرة اليمين المتطرف فعلًا على الحكم في فرنسا.

;
logo
تابعونا على
جميع الحقوق محفوظة © 2024 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC