يتربّص "شيطان التفاصيل" بالأنباء الإيجابية التي تحيط بمفاوضات الملف النووي الإيراني، مع تسريبات أمريكية تفيد بأن الاتفاق المتوقع سيكون "أقوى" من السابق الذي جرى توقيعه في 2015 بعهد الرئيس الأسبق، باراك أوباما.
وبينما قال الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، يوم الخميس، إن إيران وافقت "نوعاً ما" على شروط اتفاق بشأن الشروط المستقبلية لبرنامجها النووي، كان علي شمخاني، المستشار السياسي والعسكري والنووي البارز للمرشد، يؤكد استعداد طهران لـ "التنازل".
و"التنازل" الذي قصده المسؤول الإيراني البارز، هو التزام طهران بعدم صنع أسلحة نووية أبداً، والتخلص من مخزوناتها من اليورانيوم عالي التخصيب، وتخصيب اليورانيوم فقط إلى المستويات اللازمة للاستخدام المدني، والسماح للمفتشين بالإشراف على العملية، مقابل الرفع الفوري للعقوبات الاقتصادية.
لكن وسائل إعلام أمريكية كشفت عن "عقبات اللحظات الأخيرة" التي قد تعيق التوصل إلى الاتفاق بعد انقضاء أربع جولات تفاوضية من مسقط جنوباً إلى روما شمالاً، وتبدّد الأجواء الإيجابية.
ترى صحيفة "واشنطن بوست" أن التحدي "الأخير" الذي يواجه ترامب قبل الإعلان النهائي عن الاتفاق المتوقع، هو انقسام إدارته في هذه القضية بين معسكرين، هما الواقعيون والمحافظون الجدد.
وفيما يضم الأول ترامب نفسه، ومبعوثه إلى الشرق الأوسط، ستيف ويتكوف، يقف على الجانب الآخر عدد من صقور إيران، أبرزهم وزير خارجيته، ماركو روبيو، إلى جانب مجموعة كبيرة من الجمهوريين في الكونغرس، الذين يصعّدون إعلامياً منذ أيام لعرقلة أي تقدم في المفاوضات.
وتكشف "واشنطن بوست" أن الجانبين وحتى الأيام الأخيرة، لا يزالان في حالة صراع، وهو ما يفسر تغيير إدارة ترامب لهجتها وتأكيداتها كل بضعة أيام، لكنها ترى في المقابل أن الرئيس الأمريكي يتمتع بموقع فريد يُمكّنه من تجاوز اعتراضات إسرائيل و"أصدقائها" في إدارته، واختراق خطوط المواجهة المعتادة في واشنطن، واغتنام هذه الفرصة.
أما إيرانياً، فرغم أن القيادة ترى مخاطر وجودية تتربّص بها في حال فشل التوصل إلى اتفاق، ومع استنادها إلى دعم شعبي يأمل بانفراجة اقتصادية، إلا أنها تواجه فصيلاً متشدداً يهدد التماسك الداخلي للنظام، ويدفع باتجاه الانسحاب من المفاوضات.
ويرى الفصيل الأكثر تشدداً داخل النظام الإيراني، وفق "فورين بوليسي"، أن أي اتفاق قبل توجيه ضربة إلى إسرائيل، كانت مخططة رداً على هجوم تل أبيب على طهران في أكتوبر 2024، وتم توقيفها/ سيعدّ تنازلاً كبيراً.
وفي محاولة لتوتير الأجواء في البلاد، يحاول الفصيل الأكثر تشدداً في النظام الإيراني، إحياء مشروع صارم يفرض معايير أكثر تطرفاً على حجاب النساء، كما كشف"موقع "إيران إنترناشونال".
لكن "فورين بوليسي" ترجّح أن ينجح المعسكر المؤيد للدبلوماسية والاتجاه نحو اتفاق نووي جديد، في تصوير المتشددين على أنهم "ديناصورات أيديولوجية"، إما منفصلون تماماً عن الواقع أو مستفيدون من العقوبات.