logo
العالم

تصريحات ساخرة أم خطة مدروسة.. بوتين يعلن "أوكرانيا كلها لنا"

تصريحات ساخرة أم خطة مدروسة.. بوتين يعلن "أوكرانيا كلها لنا"
الرئيس الروسي فلاديمير بوتينالمصدر: رويترز
22 يونيو 2025، 12:41 م

أطلق الرئيس الروسي فلاديمير بوتين واحدة من أقوى رسائله السياسية منذ اندلاع الحرب، معلنًا أن "الشعبين الروسي والأوكراني شعب واحد، وأن أوكرانيا كلها لنا".

ووصف تصريحُ بوتين بأنه الأوضح حتى الآن، ويحمل دلالة تتجاوز الطابع العسكري للصراع، لينتقل إلى بُعد أيديولوجي وأمني أوسع، يُعيد رسم الجغرافيا السياسية للمنطقة على أسس الانتماء القومي والتاريخي، بدلًا من الالتزام بشرعية الحدود المعترف بها دوليًا.

وجاءت هذه التصريحات خلال منتدى سان بطرسبورغ الاقتصادي، ردًا على سؤال حول تقدم القوات الروسية في مناطق خارج تلك التي تعترف بها موسكو رسميًا، حيث قال بوتين "قلت مرارًا إنني أعتبر الشعبين الروسي والأوكراني شعبًا واحدًا، ومن هذا المنطلق، فإن أوكرانيا كلها لنا".

وأكد مراقبون أن خطاب بوتين يتضمن ازدواجية مقصودة؛ فهو من جهة يعترف بسيادة أوكرانيا كما ورد في إعلان استقلالها عام 1991 الذي نص على حياد الدولة، ومن جهة أخرى يربط هذا الاستقلال بالتزام كييف بعدم الانضمام إلى التكتلات العسكرية، في إشارة ضمنية إلى حلف شمال الأطلسي (الناتو).

أخبار ذات علاقة

بوتين خلال منتدى سان بطرسبرج الاقتصادي

"أوكرانيا ملكنا".. بوتين يستفز كييف من منتدى بطرسبورغ

مشروع روسيا الكبرى

يرى خبراء أن تصريح بوتين بشأن "وحدة الشعبين" يعكس رؤية أيديولوجية تهدف إلى تكريس النفوذ الروسي داخل أوكرانيا، دون أن يعني بالضرورة السعي إلى إحياء مشروع "روسيا الكبرى".

وأشار الخبراء، في تصريحات خاصة لـ"إرم نيوز"، إلى أن بوتين، رغم استحضاره الرمزي للماضي السوفيتي، لا يسعى فعليًا إلى إعادة بناء اتحاد جديد، بل يهدف إلى فرض واقع سياسي يكرّس ضمّ المقاطعات الأوكرانية إلى روسيا، بما يخدم المصالح الأمنية والاستراتيجية لموسكو.

وأضافوا أن تصريحات بوتين حملت أيضًا رسائل ازدراء واضحة للولايات المتحدة، خصوصًا في ضوء التناقض في مواقفها، بين التفاوض مع إيران من جهة، ودعم الضربات الإسرائيلية ضدها من جهة أخرى.

وبحسب الخبراء، فإن بوتين يحاول استغلال هذا التناقض ليطرح نفسه كطرف عقلاني يمكن التفاوض معه بعيدًا عن النفوذ الأمريكي، في ظل انشغال واشنطن بملفات دولية أخرى، خاصة الملف الإيراني والصراع في شرق آسيا، ما يفتح المجال أمام موسكو لمحاولة فرض شروطها سياسيًا وميدانيًا في أوكرانيا.

رسالة تحدٍّ 

قال المحلل السياسي والخبير في الشؤون الروسية، بسام البني، إن الشعبين الروسي والأوكراني يُعدّان في جوهرهما شعبًا واحدًا، مشيرًا إلى أن أسماء القتلى الذين تُسلّم جثثهم لأوكرانيا تُظهر أن أغلبهم يحملون أسماء روسية.

وأضاف البني، في تصريحات خاصة لـ"إرم نيوز"، أن تصريحات بوتين الأخيرة قد تحمل طابعًا ساخرًا، ولم يكن يقصد فعليًا خضوع أوكرانيا للسيادة الروسية بالكامل، لكنه شدد في المقابل على أن موسكو عازمة على مواصلة العمليات العسكرية حتى توقّع كييف اتفاقًا يتضمن الاعتراف بضم المقاطعات الأربع إلى روسيا، إضافة إلى شبه جزيرة القرم.

واعتبر البني أن تصريحات بوتين تنطوي أيضًا على رسالة تحدٍّ واضحة للولايات المتحدة، موضحًا أن واشنطن كانت تتفاوض مع طهران في الوقت ذاته الذي منحت فيه الضوء الأخضر لإسرائيل لتوجيه ضربات عسكرية ضدها.

كما استبعد أن يكون بوتين يسعى إلى إعادة بناء الاتحاد السوفيتي، مستشهدًا بتصريح شهير للرئيس الروسي "من لم يحزن على سقوط الاتحاد السوفيتي فهو أحمق، ومن يسعى لإعادته فهو مجنون".

حرب أهلية

من جانبه، قال المحلل السياسي والخبير في الشؤون الروسية الدكتور نبيل رشوان، إن بوتين سبق أن صرّح بأن روسيا وأوكرانيا "شعب واحد"، معتبرًا أن الشعب الأوكراني من أقرب الشعوب إلى روسيا من حيث العادات والتقاليد والديانة.

وأضاف رشوان، في تصريحات خاصة لـ"إرم نيوز"، أن بوتين ذهب أبعد من ذلك حين وصف ما يجري بأنه "حرب أهلية"، ما يعكس قناعته بعدم وجود فاصل حقيقي بين الشعبين، خاصة أن كليهما كان تحت مظلة الاتحاد السوفيتي السابق.

عقبة رئيسة

وأشار إلى أن هذه التصريحات قد تُفهم كرسالة لفتح باب المفاوضات مع كييف مباشرة، بعيدًا عن الوساطة الأمريكية، التي يعتبرها بوتين طرفًا غير محايد وغريبًا عن الواقعين الروسي والأوكراني.

ورجّح أن موسكو تستغل انشغال واشنطن بالصراع الإيراني-الإسرائيلي المتصاعد، خاصة في ظل الحديث عن إمكانية اهتزاز النظام الإيراني، ما قد يدفع واشنطن لتخفيف الضغط عن روسيا مؤقتًا.

لكنه استدرك بالقول إن "العقبة الرئيسة أمام هذا السيناريو تتمثل في الموقف الأوروبي، الذي لا يمكن أن يقبل بتوسع النفوذ الروسي في أوكرانيا، لاعتبارها عمقًا استراتيجيًا لأوروبا، وخط دفاع أمني أول، خاصة أن سقوطها قد يفتح الباب أمام تمدد النفوذ الروسي نحو دول أوروبية أخرى، وهو ما لن يسمح به حلف الناتو".

أخبار ذات علاقة

 فلاديمير بوتن خلال جلسة لمنتدى سانت بطرسبرغ

"الخطأ الأخير".. بوتين يهدد أوكرانيا من منتدى بطرسبورغ

مفاوضات دون وسطاء

وتساءل رشوان "هل روسيا بحاجة فعلية إلى المزيد من الأراضي؟ فهي أصلًا أكبر دولة في العالم، وتغطي سدس مساحة الكرة الأرضية، والفرق الزمني بين شرقها وغربها يبلغ 8 ساعات".

ورأى أن تصريحات بوتين قد تمثل دعوة مبطّنة للتفاوض المباشر مع كييف دون وسطاء، في ظل انشغال الولايات المتحدة بأولويات أخرى، على رأسها دعم إسرائيل في مواجهة إيران، وتركيز سياستها الخارجية على جنوب شرق آسيا، حيث توجد دول حليفة مثل اليابان وتايوان وكوريا الجنوبية، في مواجهة تهديدات كوريا الشمالية.

;
logo
تابعونا على
جميع الحقوق محفوظة © 2024 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC