تبرز سارة كنافو كنجمة صاعدة في اليمين المتطرف الفرنسي، متجاوزة شريكها الشهير إريك زمور ليس فقط في الشعبية الإعلامية، بل في الطموحات السياسية أيضاً.
هذه المرأة الثلاثينية، التي يطلق عليها حلفاؤها لقب "كليوباترا" تقديراً لقدراتها الاستراتيجية، تستعد للمنافسة على عمدة باريس في مارس المقبل، لكن أنظارها موجهة نحو هدف أكبر: قصر الإليزيه في 2027.
من الظل إلى الصدارة
أصبحت نكتة متداولة بين قادة اليمين الفرنسي أن إريك زمور تعرض لـ"الإحلال الكبير" من قبل شريكته سارة كنافو التي أصبحت محبوبة وسائل إعلام مجموعة بولوريه.
كنافو، كعضوة البرلمان الأوروبي الوحيدة في حزب "استعادة فرنسا" بعد انشقاق ماريون ماريشال، تجلس في البرلمان الأوروبي إلى جانب اليمين المتطرف الألماني من حزب البديل من أجل ألمانيا(AfD) لكنها تحرص على عدم التذكير بعلاقاتها في بروكسل، لتتحول إلى الوجه المبتسم والمطمئن لحزب كان يهدد بالانضمام إلى هوامش المشهد السياسي الفرنسي.
الشابة، المعروفة بمواهبها في بناء الشبكات، تنزعج من وصفها بـ"اليمين المتطرف" وتطلق أحياناً بنبرة وضوح أنها "من الجمهوريين". "إنها قلقة للغاية من فكرة التهميش، تحتاج إلى أن تُعترف بها في مجالات السلطة"، يحلل أحد المشاركين السابقين في حملة زيمور.
باريس.. بوابة الإليزيه
في مرماها انتخابات بلدية باريس في مارس المقبل. موعد يضمن تغطية إعلامية قصوى، وستواجه فيه وزيرة الثقافة رشيدة داتي والوزير الساركوزي السابق تييري مارياني من التجمع الوطني.
استطلاع رأي أجرته "إبسوس بي في إيه" ونشرته صحيفة "لوباريزيان" في 14 ديسمبر منحها 7% من نوايا التصويت، ما قد يسمح لها بالبقاء في الجولة الثانية.
هذا من شأنه أن يزعج داتي: فالعمدة الجديدة قد تحتاج أصوات المنتخبين من "استعادة فرنسا" للحكم، أغلبية ظرفية بين اليمين واليمين المتطرف.
لكن هذه الحملة البلدية ستكون أيضاً "إحماءً للتحضير قبل الرئاسية"، كما يقول أحد أصدقائها.
طموح رئاسي بلا حدود
بين خاصتها، تسمح كنافو لنفسها بإثارة سيناريو ترشيحها الرئاسي دون احتياطات، ولا تذكر إريك زيمور. بل تتخيل خطوتها الأولى: الانتخابات التمهيدية لجميع اليمين في نوفمبر 2026، حيث تتصور انتصاراً على برونو ريتايو ولوران ووكييه.
ثم، مع اليمين المتحد وراء "استعادة فرنسا"، تحلم بـ14% من نوايا التصويت في الجولة الأولى، لـ"إعادة خلق شروط مباراة" مع ملك استطلاعات الرأي جوردان بارديلا.
فكرة انتخابات تمهيدية تمتد "من جيرالد دارمانان إلى سارة كنافو" لا تزال مثيرة للجدل، لكن كنافو ترد ببساطة: "الأهمية ليست في أن يدعمونا، بل في الفوز بالانتخابات التمهيدية".
حتى نائب من التجمع الوطني تساءل في نوفمبر: "لا أفهم ما يفعلونه. إنهم يخاطرون بفوزها". بينما توقع وزير من اليمين: "كنافو هي من ستفوز. إنها أكثر قابلية للترويج من ووكييه أو ريتايو".
إمبراطورية بولوريه في الخدمة
منذ انتخابها، جعلت كنافو نفسها لا غنى عنها على وسائل التواصل الاجتماعي والاستوديوهات التلفزيونية. بابتسامتها الضخمة وشعرها البني، تدافع عن "ميزانيتها المضادة" وتطور حججها حول الهجرة، لكن بأسلوب "أقل كاريكاتورية" و"أقل إثارة للجدل" من زيمور، كما يصفها المراقبون.
"إنها تذهب للبحث عن الفئات المهنية العليا، سكان المدن"، ناخبون من يمين تقليدي قد يخيفهم زيمور، كما أنها لم تُدان قط، بخلاف شريكها الذي أُدين مؤخراً بالتواطؤ في الإهانة العلنية والتحريض على الكراهية.
نجحت في إثارة قوة وسائل إعلام "بولوسفير" (التي يملكها فنسنت بولوريه). فجوفروا لوجون، مدير تحرير "لو جورنال دو ديمانش"، انبهر بها على قناة سي نيوز وقال "في كل مرة تحدثها تجد شيئاً مجنوناً"، كما يجدها المذيع باسكال برود "ذكية" و"لامعة" و"يصعب مواجهتها".
عندما احتاجت "لو جورنال دو ديمانش" توضيح عن "وحدة اليمين" في يوليو، ظهرت كنافو، وليس زيمور، برفقة مارين لوبان وبرونو ريتايو. وفي 10 ديسمبر، خصصت هذه المجلة الغلاف لها. على وسائل التواصل، تكسب متابعين يومياً، حيث تجاوزت عدد متابعي ماريون ماريشال على إنستغرام (464000 مقابل 285000).
زمور في الظل
ماذا عن إريك زمور؟ "إنه لطيف بعض الشيء، يسعد عندما يحقق مشاهدات"، يقول صديق لكنافو. كان يعتبرها "واجهة عرض في خدمته، لكن الآن خلفها"، يضحك صديق لزيمور.
علناً، يحتفل زيمور بموهبة شريكته، لكن لا أحد نسي ما كتبه عن النساء والسلطة في (2006). "إنه ليس الرجل الأكثر انفتاحاً، أو الأكثر راحة مع المساواة بين الرجل والمرأة"، يقول نائب يميني متطرف.
البعض يذهب لحد تخيل زمور "أكثر تعاسة من أي وقت مضى"، ويرى في مسار كنافو "جزءاً من العقلانية"، حيث لديها "قدرة على رؤية أبعد من مجرد الالتزام السياسي".
النائب جان-فيليب تانغي يسميها "كليوباترا"، موضحاً: "إنه إطراء" لـ"قدراتها كاستراتيجية".
المخاطرة المحسوبة
هل ستخاطر كنافو بالفشل في الانتخابات الرئاسية؟ أحد المقربين مقتنع: "لن تذهب لتحقيق 3%".
مثل هذه النتيجة ستضعها في هامش التاريخ، لكن هذا الأمر غير مقبول لدى كثيرون يرون فيها عطشها للسلطة.
ويؤكدون أنه من الصعب تخيل أن هذا الذكاء الحاد سيغفل من حساباته المصير الرئاسي لنموذجها، ماري-فرانس غارو، المستشارة المؤثرة لشيراك وبومبيدو.
ففي 1981، انطلقت غارو نحو غزو الإليزيه بعد انفصالها عن شيراك. لكنها حصدت 1.33% فقط من الأصوات - 386,623 صوتاً. وهو درس لن تنساه كنافو وهي ترسم طريقها نحو السلطة.