ترامب يعلن أنه سيوجّه "خطابا إلى الأمة" الأربعاء

logo
العالم

ترامب ينقذ ستارمر.. "دبلوماسية المفارقات" بين اليمين الأمريكي واليسار البريطاني

الرئيس الأمريكي ترامب ورئيس الوزراء البريطاني ستارمرالمصدر: رويترز

كشفت صحيفة "ذا إندبندنت" أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لا يفوّت فرصة لإنقاذ رئيس الوزراء البريطاني كير  ستارمر من الإحراج على الساحة الدولية؛ فبعد تعرض ستارمر لهجوم علني من الحكومة الإسرائيلية والسفير الأمريكي في تل أبيب بسبب دور بريطانيا في عملية السلام بالشرق الأوسط، تحرّكت واشنطن سريعًا لاحتواء الموقف.

كان تدخّل ستيف ويتكوف، المبعوث الخاص لترامب إلى الشرق الأوسط، صباح أمس الاثنين، بمثابة تدخلٍ منقذ لرئيس الوزراء البريطاني.

وجاء هذا التحرك استمرارا لنمطٍ متعمد من التعاون بين البيت الأبيض اليميني وحكومة داونينغ ستريت اليسارية الوسطية، وهو نمط أصبح واضحا على مدار العام الحالي.

بدأت الأزمة حينما خرجت الأمور عن السيطرة بالنسبة لستارمر على خلفية مشاركة لندن في جهود السلام بالمنطقة؛ إذ سارع السفير الأمريكي لدى إسرائيل مايك هاكابي ومسؤولون إسرائيليون إلى السخرية من تصريحات وزيرة التعليم البريطانية بريدجيت فيليبسون، التي قالت إن المملكة المتحدة لعبت دورا مهما في التوصل إلى اتفاق غزة.

أخبار ذات علاقة

جوناثان باول

تجسس وشبكة نفوذ.. تفاصيل جديدة في "القضية الصينية" لمستشار ستارمر

لكن القرار السابق لستارمر بالاعتراف بالدولة الفلسطينية لا يزال يثير الاستياء في كلٍّ من تل أبيب وداخل الدوائر المقربة من إدارة ترامب؛ ما جعل الحكومة البريطانية هدفا سهلا للانتقاد.

رسالة دعم مفاجئة

بينما كان ستارمر يستعد للسفر إلى القاهرة لحضور توقيع اتفاق غزة، جاء التدخل الأمريكي في الوقت المناسب لتخفيف الضغط؛ فقد نشر ويتكوف، فيما يبدو بتوجيه مباشر من ترامب، رسالة على منصة  "إكس" قال فيها: "أود أن أشيد بالدور الحيوي للمملكة المتحدة في دعم وتنسيق الجهود التي أوصلتنا إلى هذا اليوم التاريخي في إسرائيل؛ وأودّ على وجه الخصوص أن أشيد بالمساهمة الرائعة والجهود الدؤوبة لمستشار الأمن القومي جوناثان باول".

كان لهذه الرسالة وقعٌ سياسي كبير؛ إذ منحت غطاءً لباول الذي يواجه ضغوطا داخلية بعد الجدل حول انهيار قضية تجسس تخص عميلين صينيين مزعومين.

ولعل اللافت أن ترامب قدّم هذا الدعم في وقتٍ كان يحتفل فيه بنجاحه الدبلوماسي في الشرق الأوسط؛ وهو ما يجعل الخطوة استثنائية؛ إذ لم يكن الرئيس الأمريكي في وارد تقاسم الفضل مع أي طرف آخر، فكيف يفعل ذلك مع حكومة بريطانية يسارية؟

ومع ذلك، لم تكن هذه المرة الأولى التي يهبّ فيها ترامب لنصرة ستارمر. فقد كرّر الموقف ذاته خلال أزمة صفقة جزر تشاغوس، كما وقف إلى جانبه في قرار تعيين بيتر ماندلسون سفيرًا لبريطانيا في واشنطن رغم التحذيرات من علاقاته المثيرة للجدل.

أخبار ذات علاقة

ستارمر يلقي خطابه في مؤتمر حزب العمال

"الجدار الأحمر" يتصدع.. حرب الصلب تهدد حلم ستارمر الأوروبي

إضافة إلى ذلك، لعب ترامب دورا في منح المملكة المتحدة أول اتفاقية تجارية أمريكية بعد خروجه من الاتحاد الأوروبي، ولم يتردد في وصف ستارمر علنا بأنه "مفاوض قوي ورجل طيب".

لماذا يدافع ترامب عن ستارمر؟

تتعدد التفسيرات وراء هذا التقارب غير المتوقع بين رئيسٍ جمهوري يميني ورئيس وزراء بريطاني يساري وسطي؛ فبعض المراقبين يعتقدون أن ترامب معجب شخصيا بستارمر وزوجته فيكتوريا التي لا يتوانى عن الثناء عليها، ويرى فيه رجل دولة براغماتيا حافظ على تواصل فعّال معه رغم اختلاف الأيديولوجيات.

كما أن جذور ترامب الإسكتلندية تجعله يكنّ مودة خاصة لبريطانيا، ولا يخفي حماسته للعلاقات التاريخية بين البلدين.

لكن وراء هذه المظاهر العاطفية حسابات عملية دقيقة؛ فترامب، الذي يوصف بأنه أكثر رؤساء أمريكا "تعاملًا" في التاريخ، يدرك أن نجاح بريطانيا ضروري لتبرير نهجه في السياسة الخارجية.

 وأشارت الصحيفة إلى أن زيارة الدولة التي قام بها الشهر الماضي إلى لندن عزّزت الروابط الشخصية والسياسية مع ستارمر، فيما تمثّل زيارة محتملة للملك تشارلز إلى البيت الأبيض عام 2026 بمناسبة ذكرى الاستقلال الأمريكي حافزا إضافيا للحفاظ على هذا التقارب.

من جانبها، أكدت مصادر قريبة من الإدارة الأمريكية أن واشنطن "لا يمكنها أن تسمح لبريطانيا بالفشل"؛ إذ تعتبرها الركيزة الوحيدة القادرة على إثبات نجاح سياسة ترامب الخارجية؛ ففرنسا غارقة في أزماتها الاقتصادية والسياسية، وألمانيا تعاني من تباطؤ اقتصادي يهدد الاتحاد الأوروبي.

أخبار ذات علاقة

رئيس الوزراء البريطاني ستارمر

"عاصفة سياسية" في لندن.. هل ضحّى ستارمر بالأمن القومي البريطاني لإرضاء بكين؟

ولهذا، كما قال أحد المسؤولين الأمريكيين: "يحتاج ترامب إلى أن تظل بريطانيا واقفة على قدميها".

في نهاية المطاف، يمكن القول إن أكبر نجاح حققه كير ستارمر خلال فترة رئاسته المليئة بالتحديات كان على صعيد السياسة الخارجية، التي أكسبته احتراما دوليا متزايدا.

ويُعزى هذا النجاح بدرجة كبيرة إلى العلاقة الخاصة التي بناها مع دونالد ترامب، علاقة تجمع بين المصالح الاستراتيجية والمشاعر الشخصية، وتحوّل ستارمر إلى صلة الوصل الأبرز بين واشنطن وبقية الحلفاء الغربيين.

وبينما يسعى ترامب لترسيخ إرثه السياسي والدبلوماسي، يبقى دعمه المتكرر لستارمر دليلا على أن التحالفات في عالم السياسة لا تُبنى على الأيديولوجيا، بل على المنفعة والبراغماتية أولا وأخيرا.

logo
تابعونا على
جميع الحقوق محفوظة © 2025 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC