logo
العالم

"الجدار الأحمر" يتصدع.. حرب الصلب تهدد حلم ستارمر الأوروبي

ستارمر يلقي خطابه في مؤتمر حزب العمال المصدر: AFP

يواجه رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر شبح حرب تجارية جديدة لم يكن يتوقعها، وضعته في مأزق سياسي واقتصادي، اهتز بسببها "الجدار الأحمر- معاقل حزب العمال". فبدلاً من الشراكة المنشودة، أزاحت بروكسل قناعها التفاوضي الذي لم يرحم حتى "الأصدقاء" المزعومين.

وفي ضربة موجعة لستارمر، هدد الاتحاد الأوروبي بفرض تعريفات جمركية باهظة تصل إلى 50% على صادرات  الصلب البريطانية، الصناعة التي بذل حزب العمال جهودًا جبارة لإنقاذها مؤخرًا عبر خطة إنقاذ مالي طارئة. 

هذا التهديد من بروكسل، وفق مراقبين، كشف هشاشة وعود ستارمر ببناء علاقة مميزة مع الاتحاد الأوروبي لتحقيق النمو الاقتصادي، وعرض القطاع الذي يعاني أصلًا من أعلى أسعار الكهرباء في العالم لخطر الانهيار.

ضجت وسائل الإعلام البريطانية على مدار أيام بتوجيه رسائل قاسية لرئيس الوزراء جاء في مجملها أنه "لم يكن بحاجة إلى تذكير قاسٍ بأن الصداقة مع الاتحاد الأوروبي ليست سوى وهم سياسي".

وبالفعل، جاءت تهديدات بروكسل بفرض تعريفات جمركية باهظة تصل إلى 50% على صادرات الصلب البريطانية كدرس قاسٍ لزعيم حزب العمال الذي راهن مرارا على "إعادة ضبط" العلاقات مع الاتحاد، والذي يبدو الآن أنه "أوهن من بيت العنكبوت". 

أخبار ذات علاقة

مجلس العموم البريطاني

البرلمان البريطاني يقر تشريعًا لإنقاذ آخر مصانع الصلب

بروكسل.. مصالحها أولاً وأخيرًا

ولا يخفى أن مهمة المفوضية الأوروبية واضحة، حيث تتمثل بتحقيق المصلحة القصوى للاتحاد، حتى لو كان ذلك على حساب "الشركاء" أو "الحلفاء".

اجتماع أخير جمع ستارمر وأورسولا فون دير لايين، تناولته صحيفة "التلغراف" بسخرية شديدة من رئيس الوزراء البريطاني قائلة عنه: "يمكنك أن تكون موردًا موثوقًا، أو حتى تقف إلى جانب أورسولا في لندن، معلنًا نهاية (حروب بريكست). لكن، ما لم تكن دولة عضوًا في الاتحاد الأوروبي، فأنت في النهاية مجرد منافس، وقابل للاستغناء عنه". 

وبعد الاجتماع الاستثنائي في لندن، أجمع الخبراء في تقارير صحفية على أن الكلمات الدافئة عن "الأصدقاء القدامى" أو "الفصول الجديدة"، وحتى الوقوف معًا ضد حرب روسيا على أوكرانيا، لا تعني شيئًا عندما يتعلق الأمر بالمصالح الاقتصادية.

رئيسة المفوضية الأوروبية تتحدث مع ستارمر

رهان خاسر على "علاقة خاصة"

وراهن ستارمر على علاقة مميزة مع الاتحاد الأوروبي، واعدًا بأنها ستحقق نموًا اقتصاديًا، لكن في المقابل يهدد"أصدقاؤه" في بروكسل الآن بضرب صناعة الصلب البريطانية، التي أنقذتها حكومة العمال مؤخرًا، بتعريفات جمركية قد تكون بمثابة حكم بالإعدام على قطاع يعاني أصلًا من أعلى أسعار الكهرباء في العالم، في حين قد تلجأ بريطانيا إلى تعريفات انتقامية، مما يهدد بإشعال حرب تجارية. 

تقرير صحيفة "التلغراف" الذي نشرته أمس الثلاثاء، أكد أنه قبل ذلك، ستكون هناك مفاوضات مع الاتحاد الأوروبي، حيث ستسعى بروكسل، كعادتها، إلى فرض أقسى الشروط، مستغلة تعريفات الصلب كورقة ضغط لانتزاع تنازلات إضافية في مفاوضات "إعادة الضبط".

"صحوة" متأخرة لستارمر

يضيف التقرير "لا شك أن هذه ضربة موجعة لرئيس الوزراء، الذي حاول شراء علاقات أوثق مع بروكسل مقابل 12 عامًا من حقوق الصيد، والتزام بقواعد الاتحاد الصحية والنباتية، وصفقة لتنقل الشباب".

وأردفت الصحيفة "يمكن لستارمر أن يحتج، يتفاوض، أو حتى يلجأ إلى القضاء، لكن الناخبين في (الجدار الأحمر) الذين صوتوا لصالح بريكست لن يتقبلوا هجومه على بروكسل. 

ويتفق مراقبون على أن ستارمر لا يمكنه في هذا الموضع أن يكون شديد الانتقاد لبروكسل إذا أراد إنقاذ صفقة "إعادة الضبط" المتواضعة، قائلين إنه "كان يجب أن يعرف أفضل من ذلك، خاصة بعد تجربته كمسؤول بريكست في عهد جيريمي كوربين، حيث شاهد عن قرب كيف أُحبط رؤساء وزراء من تيريزا ماي إلى ريشي سوناك في مفاوضات قاسية مع الاتحاد".

أخبار ذات علاقة

رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين

بروكسل: نحتاج صفقات جديدة للتخلص من قبضة واشنطن

دروس بريكست.. لا رحمة للضعفاء

وكانت تيريزا ماي "الأكثر سذاجة"، وفق تعبير الصحيفة البريطانية، تعتقد أن 47 عامًا من العضوية في الاتحاد ستكسبها بعض الرحمة. وأضاف التقرير "لكنها سلمت زمام المفاوضات لبروكسل، ودفعت ثمن ذلك". 

ويذكّر تقرير الصحيفة بما قالته الأوساط السياسية لبوريس جونسون عندما كان رئيسا للوزراء في بريطانيا "إنه لا يمكنك الاحتفاظ بالكعكة وأكلها"، وينطبق الأمر نفسه على ستارمر، فإما أن تكون داخل الاتحاد الأوروبي، أو خارجه، لا حل وسط.

وهنا تتدخل لغة الأرقام، فبحسب الخبراء، ما يحكم مفاوضات بريكست هو قناعة بروكسل بأن الحجم يهم، ما يعني أن "سوق موحد يضم 460 مليون شخص سيفوز دائمًا على سوق بـ60 مليونًا". 

وهذه الثقة تمنح الاتحاد الأوروبي القدرة على التمسك بخطوطه الحمراء حتى اللحظة الأخيرة، واثقًا من أن بريطانيا ستستسلم في النهاية.

ومنذ استفتاء 2016، شهد العالم عدة حروب بين لندن وبروكسل وبأسماء مختلفة مثل: "حروب بريكست"، "حروب النقانق"، "حروب اللقاحات"، "حروب الأسماك"، وصولا إلى "حروب الصلب".

ويجد ستارمر عزاءه الوحيد في تأكيدات الخبراء المطلعين على الأزمة المتصاعدة، الذين أشاروا إلى أن الأمر ليس شخصيًا، بل مجرد عمل، مضيفين: "لا يمكن لوم سمكة القرش على افتراس فريسة تمر أمامها، فهذه طبيعتها".

أخبار ذات علاقة

دونالد ترامب خلال زيارته بريطانيا

من "بريكست" إلى حرب أوكرانيا.. هل أخلف ترامب وعوده لبريطانيا؟

logo
تابعونا على
جميع الحقوق محفوظة © 2025 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC