وصل وزير الخارجية الفرنسي جان-نويل بارو، السبت، إلى العاصمة نوك، لتأكيد التضامن الفرنسي مع غرينلاند والمملكة الدنماركية.
تأتي هذه الزيارة بعد ثلاثة أيام من كشف التلفزيون الدنماركي عن قيام ثلاثة أمريكيين على الأقل، مرتبطين بالرئيس دونالد ترامب، بعمليات نفوذ في غرينلاند؛ ما دفع الدنمارك فورًا إلى استدعاء القائم بالأعمال الأمريكي لتقديم توضيحات.
ففي منتصف الأسبوع، بثّت قناة DR الدنماركية تقريرًا كشف عن محاولات تدخل أمريكية في غرينلاند؛ مما أدى إلى تصاعد التوترات الدبلوماسية بين البلدين.
ووفقًا للتقرير، يقوم ثلاثة أمريكيين مرتبطين بترامب بعمليات نفوذ، تشمل تحديد الأشخاص المؤيدين للتقارب مع الولايات المتحدة وأولئك المعارضين له بشدة. كما يُزعم أنهم شجعوا الغرينلانديين على تسليط الضوء على قضايا يمكن أن تُستغل لتقديم صورة سلبية للدنمارك في الإعلام الأمريكي.
أبرز هؤلاء الثلاثة توماس دانس، مستثمر ومسؤول سابق في الشؤون القطبية ووزارة الخزانة، الذي أطلق عليه الإعلام المحلي لقب "رجل ترامب في غرينلاند". دانس شارك في تنظيم زيارة دونالد ترامب جونيور إلى نوك، كما خطط لزيارة زوجة نائب الرئيس، وقد تحدث مرارًا عن أهمية غرينلاند للأمن الأمريكي و"الدفاع نصف الكروي".
رغم هذه الأنشطة، أكد دانس أن أنشطته علنية وليست سرية، وأنه لا يتجسس، محذرًا من تضخيم وسائل الإعلام الدنماركية لدوره في الجزيرة.
وبعد انتخابه، صرح الرئيس الأمريكي مرارًا بأنه "بحاجة" إلى غرينلاند، خاصة لأسباب أمنية للولايات المتحدة، مؤكّدًا رغبته في السيطرة عليها. لكن غرينلاند، المدعومة من قبل السلطة الدنماركية، أكدت أنها ليست للبيع وأنها تقرر مستقبلها بنفسها.
وفي نهاية مارس الماضي أثار نائب الرئيس الأمريكي جيه دي فانس ضجةً واسعةً بتخطيطه لزيارة غير مدعوة إلى جزيرة القطب الشمالي الشاسعة. وفي مواجهة الغضب الذي أثارته في غرينلاند والدنمارك وأوروبا، اقتصرت زيارته على القاعدة الجوية الأمريكية في بيتوفالك.
زيارة بارو إلى غرينلاند جاءت بدعوة من نظيرته فيفيان موتزفيلدت، وقالت وزارة الخارجية الفرنسية في بيان: "تهدف هذه الزيارة إلى التأكيد على عمق علاقات الصداقة الثنائية وإظهار التضامن الفرنسي تجاه الدنمارك وغرينلاند والشعب الغرينلاندي في مواجهة التحديات الحالية."
كما أكد الوزير أهمية التضامن الفرنسي ودعم السيادة الدنماركية على غرينلاند، وتفقد السفينة الفرنسية بي إس إيه إم غارون في المياه القطبية، في مؤشر على الوجود العملي والعسكري الفرنسي في المنطقة.
وأضاف الوزير أن "هذه مناطق بعيدة بطبيعة الحال، لكنها تعاني اليوم من شكل من أشكال الصراع، وشكل جديد من العدوان، ولهذا السبب تتواجد فرنسا، القوة البحرية العظمى، اليوم".
من جهته، صرح قائد السفينة، غوينيل غورغ بأن "الملاحة في القطب الشمالي غير عادية. فهي تتطلب تدريبًا، ووجودنا هنا يتيح لنا أيضًا التعود على العمل في هذه المنطقة القطبية الشمالية".
وتضمنت الزيارة سلسلة لقاءات مع رئيس الوزراء ينس فريدريك نيلسن ووزيرة الخارجية المحلية لمناقشة القضايا الأمنية والاستراتيجية.
تأتي زيارة بارو للجزيرة بعد زيارة مماثلة للرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في يونيو الماضي، والتي عبر خلالها عن الدعم الأوروبي لغرينلاند وانتقد محاولات ترامب ضم الجزيرة، مؤكدًا أن غرينلاند ليست للبيع وأنها تقرر مستقبلها بنفسها.