logo
العالم

عمليات "سرية" في غرينلاند وواشنطن تطلب من كوبنهاغن "الهدوء"

عمليات "سرية" في غرينلاند وواشنطن تطلب من  كوبنهاغن "الهدوء"
فرقاطة عسكرية في غرينلاندالمصدر: (أ ف ب)
29 أغسطس 2025، 11:36 ص

في خطوة أثارت صدمة لدى الدنمارك، طلب البيت الأبيض من كوبنهاغن "الهدوء" بعد ورود مزاعم عن قيام أمريكيين بعمليات سرية في غرينلاند، الجزيرة ذات الحكم الذاتي داخل المملكة الدنماركية.

وبحسب هيئة الإذاعة البريطانية "بي بي سي"، فإن تصاعد هذا التوتر يكشف عن حساسية العلاقات بين حلفاء قدامى، ويطرح تساؤلات حول تأثير القوى الكبرى على المجتمعات الصغيرة التي تسعى للحفاظ على سيادتها ومستقبلها السياسي والاقتصادي.

وفي قلب هذه الأزمة، يبرز صراع النفوذ بين الولايات المتحدة والدنمارك، مع توترات سياسية واقتصادية ملموسة تهدد الاستقرار في المنطقة.

أخبار ذات علاقة

جزيرة غرينلاند

"هوس الثروات".. ماذا وراء تجدد محاولات ترامب الظفر بـ"غرينلاند"؟

 

وجاء في السياق أن ما بدا كبادرة بسيطة سرعان ما تحوّل إلى أزمة دبلوماسية تحمل في طياتها أسئلة حول سيادة الأراضي والمصالح الاقتصادية والروابط التاريخية بين حليفين منذ زمن طويل.

البيت الأبيض، من جانبه، اكتفى بالقول إن على الدنماركيين "الهدوء"، فيما وصفه البعض بأنه محاولة لتخفيف حدة التوتر، لكن الوزير الدنماركي للشؤون الخارجية، لارس لوكه راسموسن، لم يُخفِ قلق بلاده، مؤكدًا أن غرينلاند تتعرّض لمحاولات تأثير من جهات خارجية متنوعة، وأن المملكة ستتخذ إجراءات لحماية سيادتها وعلاقاتها مع الجزيرة.

الغرينلنديون أنفسهم يُعبّرون عن رغبتهم في تقرير مستقبلهم بأنفسهم، وهو ما أكده زعيم الجزيرة ينس-فريدريك نيلسن مؤخرًا: "الولايات المتحدة لن تُسيطر على الإقليم، نحن لا ننتمي لأي أحد آخر، نحن نُقرر مستقبلنا".

ورغم الحكم الذاتي الواسع الذي يتمتعون به منذ 1979، تبقى السياسة الخارجية والدفاع من صلاحيات كوبنهاغن، وهو ما يجعل الجزيرة مسرحًا حساسًا لتوازن القوى بين الحلفاء الكبار.
 

أخبار ذات علاقة

العلمان الأمريكي والدنماركي

بسبب غرينلاند.. توتر دبلوماسي جديد بين الدنمارك وأمريكا

 

من جهة أخرى، فإن التقارير الأمريكية حول محاولات التأثير على المجتمع الغرينلندي لم تقتصر على الأفراد، بل شملت متابعة مواقف المواطنين من مشاريع التعدين الأمريكية المحتملة، وفي المقابل، أدانت الدنمارك هذه الإجراءات واعتبرتها تهديدًا للثقة بين الحليفين.

وبحسب التقرير، فإن محللين يرون أن هذه الأزمة تُشكّل "بطاقة صفراء دبلوماسية" نادرة في تاريخ العلاقات الدنماركية-الأمريكية؛ إذ اعتبرها الأستاذ ينس لاديفوغيد مورتيزن من جامعة كوبنهاغن علامةً على "سلوك عدائي غير معتاد تجاه الدنمارك من الإدارة الأمريكية".

القضية لم تقتصر على السياسة فقط، بل طالت الاقتصاد، إذ تعرضت إحدى أكبر الشركات الدنماركية للطاقة المتجددة، Orsted، لضربة أمريكية مباشرة، بعد إصدار أمر بوقف مشروع ضخم لطاقة الرياح في ولاية رود آيلاند. هذا المشروع، الذي يهدف لتزويد 350 ألف منزل بالكهرباء، كان قد وصل إلى مراحل متقدمة من التنفيذ؛ ما يعكس تأثير التوترات الجيوسياسية على حياة الناس اليومية والاقتصاد العملي.

وذكرت مصادر مطّلعة أن ما يجمع كل هذه الأحداث هو سؤال أساسي: "كيف يُمكن لحلفاء قدامى الحفاظ على سيادتهم الوطنية ومصالحهم الاستراتيجية في مواجهة نفوذ خارجي متزايد؟" ولذلك، فإن الأزمة تكشف هشاشة التوازن بين العلاقات الدبلوماسية والطموحات الاقتصادية والحقوق الإنسانية في تقرير المصير، خاصةً في مناطق ذات حكم ذاتي واسع مثل غرينلاند.

وسط هذا التوتر، يبقى الغرينلنديون متطلعين إلى مستقبل يقرره شعبهم بعيدًا عن الضغوط الدولية، مؤكدين أن سيادتهم ليست للبيع أو للمساومة. لكن في نهاية المطاف، تبقى القصة هنا ليست مجرد لعبة نفوذ بين القوى الكبرى، بل قصة مجتمع صغير يُحاول الحفاظ على هويته واستقلاليته في عالم معقد ومليء بالمصالح المتشابكة.
 
 
 

;
logo
تابعونا على
جميع الحقوق محفوظة © 2024 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC