logo
العالم

محور طوكيو-نيودلهي.. تاكايتشي تمهد لتحالف آسيوي جديد في مواجهة بكين

رئيس الوزراء الهندي ورئيسة الوزراء اليابانيةالمصدر: (أ ف ب)

في خضم التحولات المتسارعة في توازنات آسيا، برز ما يمكن وصفه بـ "محور طوكيو–نيودلهي" كمحرك جديد لإعادة تشكيل خريطة التحالفات الإقليمية في مواجهة تصاعد النفوذ الصيني.

فمع صعود رئيسة الوزراء اليابانية ساناي تاكايتشي إلى سدة الحكم، تتجه اليابان نحو سياسة أكثر استقلالية وجرأة، مدعومة بتحالف قومي مع حزب نيبون إيشين نو كاي، يهدف إلى تعزيز القوة العسكرية والانخراط النشط في أمن المحيطين الهندي والهادئ.

وبحسب صحيفة "آسيا تايمز"، يأتي التقارب المتنامي مع الهند في قلب هذا التحول، إذ يسعى الطرفان إلى بناء شراكة استراتيجية تجمع بين المصالح الأمنية والاقتصادية، في وقت تتزايد فيه الحاجة إلى توازن جديد في مواجهة بكين، القوة الآسيوية الصاعدة بلا منازع.

أمن قوي 

تسعى حكومة تاكايتشي إلى إعادة تفسير المادة التاسعة من الدستور الياباني، بما يسمح بتطبيع دور قوات الدفاع عن النفس وتحويل اليابان إلى قوة قادرة على اتخاذ قرارات أمنية مستقلة.

أخبار ذات علاقة

اجتماع وزراء دفاع دول آسيا الوسطى

"تكتل دفاعي" يتشكّل.. هل تقترب آسيا الوسطى من بناء منظومة أمنية إقليمية؟

ويعزز تحالفها مع حزب إيشين هذا الاتجاه، إذ يمنحها قاعدة سياسية تدعم الانخراط الإقليمي وتجاوز النهج السلمي الحذر الذي ميّز التحالف السابق بين الحزب الليبرالي الديمقراطي وحزب كوميتو.

ويعيد هذا التوجه رسم صورة اليابان من دولة مقيدة دستوريًا إلى قوة آسيوية فاعلة تسعى إلى تعزيز الردع العسكري والشراكات الأمنية مع الولايات المتحدة وحلفائها.

لكن هذا المسار لا يخلو من التحديات، إذ يُتوقع أن يؤدي إلى توترات جديدة مع الصين وكوريا الجنوبية، وربما يدفع نحو ظهور تحالفات إقليمية مضادة، تزيد تعقيد النظام الأمني في شرق آسيا.

اقتصاد متقلب 

واقتصاديًا، يجمع الائتلاف الجديد بين التوسع المالي الشعبوي الذي تقوده تاكايتشي، والانضباط المالي المحافظ الذي يميز حزب إيشين.

فبينما تعتمد تاكايتشي على تدخل الدولة والإعفاءات الضريبية لتحفيز النمو، يركز شريكها في الحكم على ضبط الموازنات وتقليص الإنفاق العام.

وهذا التباين قد يضعف تماسك السياسات الحكومية، خصوصًا مع ارتفاع الإنفاق الدفاعي، ما يجعل الحكومة أمام معادلة صعبة بين النمو والإنفاق العسكري.

أما على الصعيد الاجتماعي، فتتبنى تاكايتشي أجندة محافظة تشمل تعزيز القيم التقليدية للأسرة، ومعارضة زواج المثليين، وضبط الهجرة، فيما يعزز حزب إيشين ضوابط أكثر صرامة تجاه العمالة الأجنبية.

أخبار ذات علاقة

المقاتلة الصينية J-10C “Vigorous Dragon”

الوحش الصيني يحلّق فوق جاكرتا.. صفقة J-10C تعيد رسم خرائط القوة جنوب شرق آسيا

وتعكس هذه السياسات رغبة في استعادة الهوية اليابانية الكلاسيكية، لكنها قد تثير انقسامات داخل المجتمع الحضري الشاب وتحديات على صعيد صورة اليابان الحقوقية في العالم.

محور ياباني-هندي 

يمثل التحالف الجديد فرصة لإعادة تحديد العلاقات اليابانية–الهندية، حيث تتقاطع رؤية تاكايتشي الأمنية مع السعي الهندي نحو استقلال استراتيجي وانخراط أعمق في منظومة أمن المحيطين الهندي والهادئ.

ويتضمن التعاون مجالات الأمن البحري، والتكنولوجيا الدفاعية، والتدريبات العسكرية المشتركة، ما يعزز القدرة الردعية أمام التمدد الصيني في المنطقة.

واقتصاديًا، يشكل التركيز على النمو والبنية التحتية قاعدة لتعميق التعاون مع الهند في مجالات التصنيع، والطاقة النظيفة، والتكنولوجيا الرقمية، إلى جانب تنويع سلاسل التوريد اليابانية بعيدًا عن الاعتماد على الصين.

أخبار ذات علاقة

صاروخ سيبر بلوك-2

تركيا على الخط.. أنظمة دفاع جوي لبنغلاديش تُحوّل المعادلات الإقليمية جنوب آسيا

لكن السياسات الصارمة تجاه الهجرة قد تحد من انسياب الكفاءات الهندية إلى اليابان، وهو ما يستدعي توازنًا دقيقًا في إدارة الشراكة الثنائية.

ودبلوماسيًا، تتقاطع الرؤية اليابانية الجديدة مع التوجه الهندي الداعي إلى منطقة حرة ومفتوحة في المحيطين الهندي والهادئ، غير أن الإفراط في التركيز الأمني قد يثير توترًا مع السياسة البراغماتية للهند التي تسعى للموازنة بين واشنطن وبكين وموسكو في آنٍ واحد.

بين الطموح والاختبار

يمثل تحالف تاكايتشي–إيشين منعطفًا تاريخيًا في السياسة اليابانية، يجمع بين الوطنية المتصاعدة، والقوة العسكرية المستقلة، والسياسات الاجتماعية المحافظة.

وفي الداخل، تواجه الحكومة تحدي الحفاظ على التماسك السياسي وسط تباين الأيديولوجيات الاقتصادية والاجتماعية.

أما خارجيًا، فهي تسعى إلى ترسيخ موقع اليابان كقوة آسيوية فاعلة ضمن محور متنامٍ مع الهند، يهدف إلى خلق توازن جديد في مواجهة النفوذ الصيني المتسارع.

ويبقى الرهان على قدرة حكومة تاكايتشي على إدارة هذا المزيج المعقد من الطموح القومي والبراغماتية الاقتصادية، بينما تمضي اليابان بثبات نحو دور أكثر استقلالية في النظام الإقليمي الآسيوي المتحوّل.

logo
تابعونا على
جميع الحقوق محفوظة © 2025 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC