تصاعدت المخاوف في بكين بعد انتخاب ساناي تاكايتشي رئيسة للحزب الليبرالي الديمقراطي الحاكم، لتصبح أول امرأة تتولى منصب رئيس وزراء اليابان.
وذكرت مجلة The Diplomat أن الصعود التاريخي لهذه السياسية المتشددة، المتحالفة مع سلفها شينزو آبي، يفتح فصلاً جديدًا في السياسة الداخلية اليابانية وموقفها الإقليمي، ويضع الصين تحت المراقبة الدقيقة.
وأشارت المجلة إلى أن رئاسة تاكايتشي تعكس بالنسبة لبكين احتمال تحول اليابان نحو سياسة أكثر صرامة تجاه القضايا الحساسة مثل تايوان والتفسير التاريخي للنزاعات الماضية، بالإضافة إلى تعزيز دورها العسكري والاستراتيجي في منطقة المحيطين الهندي والهادئ.
مواقف تاكايتشي
تُعرف تاكايتشي بمواقفها المحافظة والمتشددة تجاه الصين، ودعمها المستمر لتايوان؛ فقد زارت مرارًا ضريح ياسوكوني الذي يخلّد قتلى الحرب اليابانيين، وأعربت عن عدم استبعاد القيام بزيارات مماثلة خلال فترة ولايتها.
في هذا السياق، يحذر محللون صينيون من أن تاكايتشي قد تتحدى ما يُعرف بـ"الخطوط الحمراء الثلاثة": تايوان، النزاعات الإقليمية، والتفسير التاريخي للأحداث.
على الصعيد العملي، حافظت تاكايتشي على موقف ودّي تجاه تايبيه، وأرسلت رسالة مكتوبة بخط اليد إلى الرئيس لاي تشينغ تي، مؤكدةً على الشراكة الأمنية بين البلدين.
ورغم أن اتخاذ خطوات جريئة قد يكون محدودًا في المراحل الأولى، إلا أن موقفها الثابت يجعل تايوان نقطة محورية في الاستراتيجية الإقليمية اليابانية، ومصدر توتر مستمر في العلاقات الصينية-اليابانية.
تتجاوز مخاوف بكين الجانب العسكري والسياسي لتشمل السياسات الاقتصادية والاجتماعية الداخلية؛ فقد روّجت تاكايتشي لمبادرات "فك الارتباط" عن الصين، داعيةً إلى تنويع سلاسل التوريد بعيدًا عن بكين، فيما من المتوقع أن تشدّد سياسات الهجرة، وهو ما قد يؤثر على أكثر من 800 ألف مقيم صيني في اليابان.
قد تُفاقم هذه الخطوات التوتر الاقتصادي بين البلدين، وتؤثر على العلاقات التجارية والاستثمارات الثنائية، فضلاً عن تأثيرها على التوازن الداخلي في اليابان، حيث يمثل ارتفاع تكاليف المعيشة والضغوط الاقتصادية تحديًا للحكومة الجديدة.
تحديات إقليمية واستراتيجية
تتوقع التحليلات أن تستمر تاكايتشي على خطى آبي، مع التركيز على تعزيز القدرات الدفاعية لليابان ورفع حضورها الاستراتيجي في منطقة المحيطين الهندي والهادئ.
قد يشهد هذا النهج تجديد نشاط اليابان ضمن "الرباعية" مع الولايات المتحدة والهند وأستراليا، مع تأكيد دور اليابان في الأمن الإقليمي ودعم الشراكات العسكرية.
أما بالنسبة للصين، فقد يشير صعود تاكايتشي إلى مرحلة أكثر تحديًا في العلاقات الثنائية، تتسم بالمواجهة الدبلوماسية، وزيادة الثقة اليابانية في دفاعاتها، ووضوح المواقف بشأن تايوان وقضايا الأمن الإقليمي.
وبينما يمثل هذا تحولًا تاريخيًا لليابان، يبقى الطريق أمام تاكايتشي مليئًا بالتحديات، سواء على الصعيد المحلي لتحقيق الاستقرار السياسي وكسب الدعم الشعبي، أو على الصعيد الإقليمي في مواجهة التوترات مع بكين.
في المحصلة، يُعد صعود تاكايتشي إشارة واضحة لإعادة تعريف دور اليابان في آسيا، مع استمرار المخاوف الصينية من نهج متشدد قد يعيد تشكيل موازين القوى في منطقة المحيطين الهندي والهادئ، ويضع العلاقات بين أكبر اقتصادين آسيويين على محك جديد.