الكرملين: مشاركة الأوروبيين في مفاوضات أوكرانيا "لا تبشّر بالخير"
قبل ثلاثة أشهر، كان رودريغو باز سيناتوراً بوليفياً معارضاً مغموراً، وسمعته كعمدة متباينة، أما الآن، فهو أول محافظ يفوز في انتخابات رئاسية في البلاد منذ عشرين عاماً.
وفي مفاجأة كبيرة، تغلّب باز، البالغ من العمر 58 عاماً، المنتمي للوسط، على منافسه اليميني الأبرز، الرئيس السابق خورخي "توتو" كيروغا، ليحقق فوزاً ساحقاً في جولة الإعادة من الانتخابات الرئاسية البوليفية يوم الأحد، ليُصبح رئيساً جديداً لبوليفيا في 8 نوفمبر/تشرين الثاني.
ووفق تقرير لوكالة "أسوشيتد برس"، سيرث "السيناتور الرئيس" اقتصاداً متدهوراً بعد 20 عاماً من حكم حزب "الحركة نحو الاشتراكية"، الذي أسسه الرئيس السابق ذو الشخصية الكاريزمية إيفو موراليس، والذي تولى منصبه بين عامي 2006 و2019.
وبلغ الحزب أوج ازدهاره خلال طفرة السلع الأساسية في أوائل العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، لكن صادرات الغاز الطبيعي تباطأت، وانهار منذ ذلك الحين نموذجه الاقتصادي القائم على الدعم السخي وسعر الصرف الثابت.
وفي ظل شحّ الدولار الأمريكي ونقص الوقود الذي يُجبرهم على الانتظار لأيام في الطوابير، اختار الناخبون في جميع أنحاء البلاد يوم الأحد، باز لانتشالهم من أسوأ أزمة اقتصادية تواجههم منذ أربعة عقود.
واقترح الرئيس المنتخب إصلاحات جذريّة، ولكن بوتيرة أكثر تدرّجاً من كيروجا، الذي دعا إلى الاعتماد على خطة إنقاذ من صندوق النقد الدولي وبرنامج صدمة مالية.
رودريجو باز هو ابن الرئيس السابق خايمي باز زامورا الذي حكم من 1989 إلى 1993، والإسبانية كارمن بيريرا، وُلد في سانتياغو دي كومبوستيلا بإسبانيا، وقضى طفولته المبكرة هناك.
بدأ باز مسيرته السياسية في الحزب السياسي اليساري لوالده، لكنه لاحقاً، على غرار باز الأب، أعاد صياغة نفسه كمحافظ ملتزم بإصلاحات براغماتية داعمة للأعمال. استهلّ مشواره عضواً في مجلس النواب قبل أن يصبح عمدة مدينة تاريخا الجنوبية، مسقط رأسه، من 2015 إلى 2020.
كان عضواً في مجلس الشيوخ منذ ذلك الحين، ولم تحتضن "تاريخا" ابنها الأصلي، ففي الجولتين الأولى والثانية من الانتخابات الرئاسية، خسر حزب باز في المنطقة حتى مع فوزه بستة من أصل تسعة أقسام في البلاد.
بصفته عمدة، قام بتحديث وسط مدينة "تاريخا" بإنشاء مراكز تسوق للمشاة وساحات واسعة، مما جعل العديد من سكان الطبقة العاملة يشعرون بالتهميش في ظل معاناة المنطقة الغنية بالنفط من انخفاض حاد في الإيرادات.
عندما انطلق موسم الحملات الانتخابية في بوليفيا مطلع أغسطس/ آب الماضي، لم ينجح السيناتور الهادئ من "تاريخا" في التأهل للمناظرات التلفزيونية الأولى. استُدعي حراس الأمن في المناظرة الأولى لإبعاد مجموعة من مؤيديه الذين عطلوا البث المباشر، رافعين لافتة عليها معلومات الاتصال بباز لدعوته إلى المناظرة التالية.
قبل انتخابات 17 أغسطس، كان ترتيبه في قاعات الاقتراع قريباً من أدنى مستوياته بين المرشحين الثمانية. وفي محطات حملته الانتخابية الصغيرة عبر مرتفعات الأنديز، واجه صعوبة في ملء القاعات.
شنّ حملة انتخابية سريعة، جاب خلالها المدن والأرياف لإقامة فعاليات بسيطة، تحمل رسالة "الرأسمالية للجميع". قدّم اللحوم المشوية، واقتصد في اللوحات الإعلانية الفاخرة، مبرزاً بذلك تناقضهما مع منافسه كيروغا الثريّ وصندوق حملته الانتخابية الضخم.
وعلى الرغم من خطط باز لإلغاء دعم الوقود، وخفض قيمة العملة البوليفية، وتقليص الاستثمارات العامة، فإن النبرة الشعبوية لحملتهه الانتخابية أقنعت الناخبين بأنه سوف يتحرك بوتيرة مقبولة.
ووعد أيضاً بتوزيع مساعدات نقدية على الفقراء ومزايا أخرى لتخفيف وطأة التخفيضات الأكثر قسوة، الأمر الذي استقطب مجموعة واسعة من الناخبين في جميع أنحاء البلاد المتنوعة.
في الفترة بين الجولة الأولى من الانتخابات وجولة الإعادة يوم الأحد، زار باز واشنطن، حيث ألقى كلمات في مراكز أبحاث، وأعرب عن قناعته بأن تحسين العلاقات مع الولايات المتحدة ضروري لنجاح بوليفيا.
وقد يُمثل هذا تحولاً كبيراً في موقف بوليفيا بعد سنوات من العداء تجاه الولايات المتحدة، والتي تعود إلى عام 2008، عندما طرد موراليس إدارة مكافحة المخدرات الأمريكية وسفير واشنطن. ومنذ ذلك الحين، تحالفت بوليفيا مع فنزويلا وحكومات يسارية أخرى في المنطقة، ومع قوى عالمية مثل الصين وروسيا.
وفي وقت متأخر من يوم الأحد، قال وزير الخارجية الأمريكي، ماركو روبيو، في بيان إن فوز باز "يمثل فرصة تحويلية لكلا البلدين".