logo
العالم

معركة "صامتة" بين روبيو وفانس.. كيف يرسمان مستقبل أوكرانيا؟

دونالد ترامب جي دي فانس ماركو روبيوالمصدر: رويترز

تشهد الساحة السياسية الأمريكية واحدة من أكثر مراحل الانقسام منذ عقود، خصوصًا فيما يتعلق بالحرب في أوكرانيا ودور واشنطن العالمي.

وبينما يسعى الرئيس دونالد ترامب لفرض رؤيته الخاصة لإنهاء الحرب عبر خطة سلام مثيرة للجدل، تتكشف خلف الكواليس مواجهة نفوذ بين اثنين من أبرز رجاله.

وزير الخارجية ماركو روبيو، المتمسك بالنهج الأطلسي، ونائب الرئيس جي دي فانس، الذي يقود توجهًا انعزاليًا يطمح إلى إعادة صياغة علاقة الولايات المتحدة بالعالم؛ صراع الرجلين بات مرشحًا لإعادة تشكيل الحزب الجمهوري في مرحلة ما بعد ترامب.

أخبار ذات علاقة

 دونالد ترامب والموفد الأمريكي ستيف ويتكوف

كسب المال لا السلام.. "اجتماع ميامي" يكشف خفايا خطة ترامب في أوكرانيا

بداية انقسام

ظهرت ملامح الانشقاق بوضوح خلال الاجتماع الذي عقد في 28 فبراير/ شباط 2025، داخل المكتب البيضاوي، حين أهان ترامب الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، أمام عدسات العالم.

إلا أن المثير لم يكن فقط تصرف الرئيس، بل التباين الصارخ بين موقفي فانس وروبيو: فالأول شارك بحماسة في إذلال زيلينسكي، بينما اختار الثاني الصمت وتجنّب أي مواجهة.

خلال الأسابيع اللاحقة، تبلورت المواجهة بين الرجلين حول خطة السلام الأوكرانية، وهي وثيقة من 28 بندًا خرجت للنور في 20 نوفمبر/ تشرين الثاني. 

وتقف خلف هذه الخطة رؤية فانس الذي يتبنى شعار "السلام بأي ثمن"، ولو كان الثمن تقديم تنازلات لروسيا أو التخلي عن أوكرانيا وحلفاء الولايات المتحدة.

ففانس، مؤلف كتاب "The Hillbilly Elegy"، والمدعوم من نخبة وادي السيليكون، يرى أن الأولوية المطلقة هي "أمريكا أولًا"، حتى لو تقوّض ذلك منظومة الأمن الأوروبي الممتدة منذ عقود.

واستغل فانس الأزمة التي يمر بها زيلينسكي، سواء بسبب فضيحة الفساد التي طالت مساعديه المقربين، أم بسبب الوضع العسكري المتدهور مع اقتراب القوات الروسية من السيطرة على بكروفسك.

وفي ظل هذه الظروف، ضغط فانس وحلفاؤه لفرض "سلام سريع" يحقق المصالح الأمريكية كما يراها هو.

رغبات روسية

تزامن ذلك مع اجتماع عُقد في فلوريدا في أكتوبر، ضم شخصيات نافذة بينها جاريد كوشنر، والمبعوث ستيف ويتكوف، إضافة إلى كيريل ديميترييف، أحد المقربين من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين؛ ومن تلك الجلسة وُلدت النسخة الأولية من خطة السلام.

وعند تسريبها، اشتعل الجدل، وهنا برز الدور الغامض لروبيو؛ فمع أنه لم ينكر استشارته حول بعض بنودها، فإن موقفه الحقيقي كان أكثر تعقيدًا.

فقد ظهر على منصة "إكس" ليؤكد أن الخطة "نتاج تبادل أفكار جاد"، لكنه في الوقت نفسه طمأن أعضاء مجلس الشيوخ عبر اتصال خاص بأنها "ليست خطة الوزارة ولا توصية رسمية".

وأكدت تسريبات لاحقة، أن الوثيقة استندت إلى "قائمة رغبات روسية" تمت ترجمتها بشكل ضعيف، ما زاد من حدة الجدل.

ورغم ذلك، واصل روبيو لعبته الثنائية. ففي اليوم التالي، أكد علنًا أن الخطة "أمريكية المنشأ" وأنها قاعدة صالحة للنقاش، بينما كان يستعد للانضمام إلى مفاوضات جديدة في جنيف مع الوفد الأوكراني.

وهناك، أعيدت صياغة الخطة وخُفضت بنودها من 28 إلى 19، لتصبح بعيدة تمامًا عن النص الأول الذي ضغط فانس لتمريره.

انقسامات داخلية

تفاعل الإعلام الأمريكي مع هذه التطورات باعتبارها مؤشرًا على انقسام عميق داخل الإدارة.

ونشرت شبكة "MSNBC" تقريرًا حول "الانتكاسة" التي مني بها فانس، فبادر روبيو إلى "إكس" بالنفي، ليعيد فانس نشره متهمًا الإعلام بمحاولة "عرقلة أجندة الرئيس".

لكن الواقع أن فانس اصطدم بمقاومة داخل حزبه ذاته. فبعد ساعات من تسريب خطته الأولى، بدأ أعضاء في الكونغرس بدفع مشروع "عقوبات ساحقة" ضد روسيا، جرى تعليق التصويت عليه ريثما تتضح نتائج المفاوضات.

وأمام هذا الإحباط، هاجم فانس الجناح التقليدي في الحزب الجمهوري، واتهمه بالانشغال بأوكرانيا على حساب مشاكل الداخل الأمريكي.

أخبار ذات علاقة

من لقاء زيلينسكي وترامب في البيت الأبيض بشهر فبراير

"الفرصة الأخيرة".. "الخط الأحمر" الأوكراني يهدد خطة ترامب للسلام

ما بعد ترامب

ومع تصاعد التوترات، يزداد الحديث في واشنطن عن مستقبل ما بعد ترامب. شعبية الرئيس في أدنى مستوياتها، وقضية "إبستين" ظهرت لاحقًا لتربك المشهد.

ترامب نفسه أعلن أنه لا يسعى لولاية ثالثة، ما فتح الباب أمام سؤال أكبر: من سيرث زعامة التيار اليميني الشعبوي؟

وحتى الآن، يتحرك فانس باعتباره الوريث الطبيعي، لكن روبيو لا يزال رقمًا صعبًا في المعادلة.

ومع اقتراب انتخابات منتصف الولاية، يبدو أن الصراع بين الانعزاليين والأطلسيين داخل الحزب الجمهوري ما يزال في بدايته، وأن ما يحدث اليوم حول خطة أوكرانيا ليس سوى أول فصوله.

logo
تابعونا على
جميع الحقوق محفوظة © 2025 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC