الكرملين: مشاركة الأوروبيين في مفاوضات أوكرانيا "لا تبشّر بالخير"
تعمل الصين على تعزيز نفوذها في أمريكا الجنوبية من خلال استثمارات ضخمة في البنية التحتية، مستكملة بذلك نحو عقدين من الزمن في بناء شبكة من مشاريع البنية التحتية في أمريكا اللاتينية ومنطقة البحر الكاريبي، بهدف تعزيز نفوذها الاقتصادي والسياسي الذي يقلق الولايات المتحدة.
وباتت أمريكا الجنوبية تمثل ساحة تنافس اقتصادي وعسكري بين الصين والولايات المتحدة، فبينما تبني بكين "إمبراطوريتها الخرسانية"، يتعين على واشنطن تعزيز أدواتها الاقتصادية لاستعادة النفوذ في نصف الكرة الغربي، وفق تقرير لمجلة "ناشيونال إنترست".
وكانت الزعيم الصيني، شي جين بينغ، افتتح ميناء تشانكاي في بيرو باستثمار أولي قدره 1.3 مليار دولار، فإنه سيمنح بكين وصولًا حيويًا إلى الموارد الطبيعية مثل المعادن والمنتجات الزراعية، لكنه يثير مخاوف البنتاغون من إمكانية استخدامه كمنصة عسكرية ضد واشنطن.
كما يُعد هذا الميناء، الذي تديره شركة "كوسكو" الصينية المملوكة للدولة، أكبر ميناء للمياه العميقة على ساحل المحيط الهادئ في القارة، وهو ليس المشروع الأول من نوعه.
ومن خلال برامج استثمار مالية مدعومة من الدولة، أصبحت البنوك الصينية مصدر تمويل رئيسي لدول المنطقة، خاصة في قطاعي الطاقة والتجارة، إذ تتوسع هذه الاستثمارات بسرعة، حيث انضمت كولومبيا في مايو/ أيار الماضي إلى مبادرة الحزام والطريق، لتصبح أحدث عضو في هذا المشروع الذي يضم ثلثي دول أمريكا الجنوبية.
ويعكس هذا الانضمام تحوّل كولومبيا، الحليف التقليدي للولايات المتحدة، نحو الصين في ظل حكومة الرئيس اليساري غوستافو بيترو، إذ إن مبادرة الحزام والطريق تمنح بكين نفوذًا كبيرًا من خلال السيطرة على مشاريع البنية التحتية وتسهيلات القروض.
لكن هذا التوسع يواجه تحديات، مثل الدعوى القضائية التي رفعتها بنما ضد مشغلي ميناءين صينيين عند طرفي قناتها الحيوية، بعد أن منعت الصين بيعهما لشركات أمريكية. وكبديل، أطلقت بكين خط شحن جديد (WSA5) يربط موانئ شنغهاي وتشينغداو مباشرة بموانئ كولومبيا والإكوادور وبيرو، ما يقلل تكاليف التسليم بنسبة 20% ويعزز النفوذ التجاري الصيني.
في المقابل، تسعى إدارة الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، لمواجهة هذا النفوذ عبر مؤسسة تمويل التنمية الدولية (DFC)، التي أُنشئت بموجب قانون البناء والتنمية لعام 2018 لدعم الاستثمارات الخارجية الاستراتيجية.
وتعتمد المؤسسة على التمويل المباشر من الكونغرس وأرباح استثماراتها السابقة، وتشجع رأس المال الخاص من خلال تقديم إعانات ائتمانية وتأمين ضد المخاطر.
لكن المؤسسة تواجه عقبات، حيث عانت من سوء تخصيص التمويل في الإدارة السابقة، ما يستدعي إعادة هيكلة لتتماشى مع أولويات الأمن القومي، ولمنافسة الصين تحتاج المؤسسة إلى زيادة ميزانيتها، التي تشمل طلب تمويل بقيمة 803 ملايين دولار لعام 2026، لدعم مشاريع في دول أمريكا الجنوبية الاستراتيجية مثل كولومبيا وبيرو.
كما يجب تخفيف القيود التنظيمية التي تحد من استثماراتها إلى الدول الأفقر، لأن مبادرة الحزام والطريق لا تفرض قيودًا مماثلة، ما يتيح للصين التوسع في دول ذات دخل أعلى وأهمية استراتيجية، وتحسين نطاق المؤسسة ومواءمتها مع الأمن القومي سيجعلها أداة فعالة لمواجهة النفوذ الصيني.