تحت ضغط الصواريخ الصينية طويلة المدى وأساطيل الطائرات المقاتلة المتقدمة، الولايات المتحدة تعمل على تسريع نشر الطائرات المسيرة المسلحة على حاملات الطائرات لتعزيز المدى والقدرة على الضربات في المحيط الهادئ.
هذا الشهر، أبرمت البحرية الأمريكية عقودًا مع خمس شركات دفاعية، تشمل "لوكهيد مارتن" و"نورثروب غرومان" و"بوينغ" و"أندوريل" و"جنرال أتوميكس"؛ لتطوير طائرات مسيرة مسلحة وأنظمة تحكم قابلة للنشر على 11 حاملة طائرات.
وبحسب "آسيا تايمز"، تهدف هذه الخطوة لدمج هذه الطائرات مع مقاتلات "إف/إيه-18 إي" و"إف/إيه-18 إف سوبر هورنت" و"إف-35 سي"، والاستعداد للجيل القادم "إف/إيه إكس إكس"، كما ستقود "لوكهيد مارتن" تطوير نظام محطة التحكم الأرضي MD-5 عبر منصة Skunk Works MDCX.
ويرى المراقبون أن حاملات الطائرات الأمريكية تواجه تحديات غير مسبوقة، وسط مزيج من العقبات التقنية والإستراتيجية؛ فبرنامج تطوير مقاتلة "إف/إيه إكس إكس" يشهد تأخيرات مستمرة، بينما تتقدم أعمار أسطول بعض المقاتلات؛ ما يزيد الضغط على القدرة التشغيلية، وفي الوقت نفسه، تتوسع قدرات الصواريخ الصينية بشكل سريع؛ ما يضع حاملات الطائرات الأمريكية داخل نطاق دفاعي متشابك ومعقد.
ووفق تقرير أصدرته “خدمة الأبحاث في الكونغرس” في إبريل 2025، فإن التحذيرات واضحة "التحديث العسكري الصيني يفرض على واشنطن إعادة التفكير في إستراتيجيتها البحرية قبل فوات الأوان".
ويرى الخبراء أن التحدي العسكري الرئيسي الذي تواجهه القوات الأمريكية هو توسُّع الصين في تطوير صواريخها مثل DF-21D وDF-26، إضافة إلى صواريخ YJ-21 الفرط صوتية، التي تهدد حاملات الطائرات الأمريكية، بالإضافة إلى تطوير الصين للطائرات "جيه-35" و"كيه جيه-600"لتعزيز قدراتها الجوية والبحرية، ولذلك، أصبح من الضروري توسيع مدى الطائرات المأهولة وتحسين قدرتها على البقاء في بيئات عالية التهديد.
وتكشف مصادر أن الطائرات المسيرة التي تعتزم واشنطن إدخالها، تشمل طائرات القتال التعاونية (CCA)، والتي ستقدم إمكانيات متعددة تشمل الاستطلاع، والمراقبة، والحرب الإلكترونية، والهجوم المباشر، لتكون شريكًا في المهمات بدلًا من الاعتماد الكامل على الطائرات المأهولة، ومن المتوقع أن تصل نسبة الطائرات المسيرة في حاملات الطائرات المستقبلية إلى نحو 40%، مع إدخال المهام تدريجيًّا، بدءًا بمهام الاستطلاع والمراقبة، ثم الحرب الإلكترونية، ثم الهجوم.
من جانبه، يشير المحلل البحري برايان كلارك إلى أن الطائرات المسيرة تمثل حلًّا سريعًا وقصير المدى؛ إذ توسّع نطاق الضربات وتُعزّز التنوع في مهام الاستخبارات والمراقبة والاستطلاع والحرب الإلكترونية، وصولًا إلى القتال الجوي.
وبحسب التقرير فإنه من الناحية الدفاعية، تواجه البحرية الأمريكية قيودًا كبيرة؛ إذ أشار الفريق البحري دان تشيفر في مقال نشر في يوليو 2025 بمجلة Proceedings إلى أن أول F/A-18A دخلت الخدمة قبل أربعين عامًا؛ ما ربط الأسطول بمفاهيم قديمة لم تعد تلبي تحديات البيئة العسكرية الحديثة؛ ما يجعل مدى العمليات محدودًا.
وفي السياق شدَّد كلٌّ من كلارك وتيموثي والتون من معهد هدسون على أن تشغيل مقاتلات "إف/إيه-18" و"إف-35 سي" على مسافات آمنة تتراوح بين 1800-2700 كيلومتر لتجنب الصواريخ الصينية، يتطلب تزوّدًا جويًّا كثيفًا بالوقود، وهو ما يؤدي إلى ازدحام على سطح الحاملات ويقلل القدرة على تنفيذ الضربات بكفاءة.
https://www.eremnews.com/videos/kv7bsea
من جهة أخرى فإن هذا البرنامج، بحسب مطّلعين، يمثّل ردًّا أمريكيًّا على التوسُّع العسكري الصيني ووسيلة لإظهار الالتزام بالقدرة على الردع في المحيط الهادئ، وتعزيز الثقة مع الحلفاء، في وقت تتزايد فيه الضغوط لتحديث الأسطول وتوسيع قدراته في مواجهة بيئة تهديد متطورة.
لكن برغم ذلك لا تزال التحديات التقنية قائمة؛ بما فيها تصميم الطائرات للتعامل مع الإقلاع والهبوط على الحاملات، وضمان التكامل بين الأنظمة، وإدارة العمليات في بيئات متشابكة تقنيًّا وعسكريًّا، ولذلك يتعين الانتقال من النماذج الأولية إلى الإنتاج الواسع للطائرات المسيرة القادرة على العمل ضمن الأجنحة البحرية.