أشعلت الصين وروسيا المياه الإقليمية، بعدما أطلقتا أمس السبت، مناورات بحرية مشتركة واسعة النطاق في بحر اليابان، في ظل ما يصفه مراقبون بأنه تصعيد رمزي لمواجهة النفوذ العسكري الأمريكي في منطقة المحيط الهادئ.
وتأتي المناورات الصينية الروسية المشتركة، ضمن تدريبات "البحر المشترك – 2025"، التي تُعد جزءًا من اتفاقية التعاون العسكري السنوي بين البلدين.
وذكرت وزارة الدفاع الصينية في بيان أن التدريبات العسكرية، التي تستمر حتى الـ5 من آب/أغسطس الجاري، تشمل مجموعة واسعة من الأنشطة القتالية، من بينها إنقاذ الغواصات، ومكافحة الغواصات، وتمارين الدفاع الجوي، إلى جانب تدريبات على الرماية البحرية والعمليات القتالية المشتركة في البيئات البحرية المعقدة.
وتشارك في المناورات 4 قطع بحرية صينية، أبرزها المدمرتان المزودتان بصواريخ موجهة "شاوكسينغ" و"أورموتشي"، بالإضافة إلى سفن حربية وغواصات ديزل-كهربائية روسية، فضلاً عن سفينة صينية متخصصة في إنقاذ الغواصات.
وفي بيان رسمي، أكد الأسطول الروسي أن المناورات ذات طبيعة دفاعية بحتة، ولا تستهدف أي دولة بعينها، مشدداً على التزام موسكو وبكين بمبادئ الاستقرار الإقليمي.
وتأتي المناورات المشتركة في وقت تشهد فيه منطقة آسيا والمحيط الهادئ توتراً متزايداً، لاسيما مع تصاعد النشاط العسكري الأمريكي.
وكانت واشنطن قد أطلقت مؤخراً مناورات "Resolute Force Pacific 2025" بمشاركة أكثر من 400 طائرة و12 ألف جندي من القوات الأمريكية وحلفائها الإقليميين، في استعراض واضح للقوة في وجه التحديات الأمنية المتنامية بالمنطقة.
واعتبر المتحدث باسم وزارة الدفاع الصينية، تشانغ شياوغانغ، أن هذه التحركات تمثل "محاولات استفزازية لكبح دول أخرى"، متهمًا الولايات المتحدة بالسعي لزعزعة الأمن والاستقرار في الإقليم.
وتعود جذور التعاون العسكري البحري بين الصين وروسيا إلى عام 2012، حين أطلقتا أولى نسخ سلسلة "Joint Sea" السنوية.
وعلى الرغم من التوترات الدولية المحيطة بالحرب الروسية الأوكرانية في شهر شباط/فبراير من عام 2022، استمرت الشراكة العسكرية بين البلدين دون انقطاع، متخذة طابعًا استراتيجيًا أشد رسوخًا منذ إعلان موسكو وبكين عن "شراكة بلا حدود".
وشهدت السنوات الماضية تدريبات بحرية وجوية مشتركة في مناطق مختلفة، أبرزها بحر أوخوتسك والمحيط المتجمد الشمالي، في إطار مساعٍ لتعزيز قدراتهما العسكرية المشتركة، لاسيما في ظل الضغوط والعقوبات الغربية المفروضة على روسيا.
وبحسب مصادر عسكرية صينية، يُتوقع أن تتبع هذه المناورات مرحلة جديدة من "الدوريات البحرية المشتركة" في أجزاء من المحيط الهادئ، ضمن خطة تعاون سنوية موسعة، تمثل الدوريات السادسة من نوعها بين البلدين.
وتعكس هذه التحركات، وفق مراقبين، اتجاهًا واضحًا نحو ترسيخ محور عسكري صيني-روسي في مواجهة النفوذ الغربي، في إطار إعادة رسم خارطة موازين القوى في شرق آسيا والمنطقة الأوسع.