الجيش الإسرائيلي: استعدنا خلال "عربات جدعون" 10 جثامين لإسرائيليين كانوا محتجزين في غزة

logo
العالم

في قلب آسيا المتوترة.. أول تدريب عسكري بين الصين وفيتنام منذ عقود

في قلب آسيا المتوترة.. أول تدريب عسكري بين الصين وفيتنام منذ عقود
جانب من المناورة العسكرية المصدر: (أ ب)
31 يوليو 2025، 12:57 م

في تحرك يحمل دلالات استراتيجية عميقة، اختتمت كل من  الصين وفيتنام أول تدريب عسكري مشترك بين قواتهما البرية، أقيم في منطقة قوانغشي جنوب الصين بين 21 و30 يوليو 2025.

والتمرين، الذي جمع 140 جنديًا وضابطًا من الجانبين، هو الأول من نوعه منذ عقود من العلاقات المعقدة بين البلدين، في وقتٍ تتزايد فيه التوترات البحرية في بحر الصين الجنوبي وبحر الفلبين، وسط صراع نفوذ أمريكي–صيني، وتنامٍ لافت للدور الياباني في المنطقة.

تدريب عسكري غير مسبوق

ووفق ما أعلنته وزارة الدفاع الفيتنامية ونظيرتها الصينية، اشتمل البرنامج التدريبي على ستة سيناريوهات تكتيكية ميدانية، شملت استخدام الطائرات بدون طيار في بيئات جبلية، والتدريب على الدفاع الكيميائي، والرماية الطبية، والاستطلاع، والدعم اللوجستي.

كما تضمن التمرين أنشطة غير عسكرية مثل الفنون الشعبية والألعاب الرياضية، في مسعى لتعزيز "الثقة المتبادلة" بين القوتين، بحسب بيان مشترك صدر عقب التمرين.

ويُعد هذا التحرك أحدث مؤشر على تقارب استراتيجي جديد بين البلدين، اللذين خاضا حربًا حدودية دامية عام 1979، تلتها توترات بحرية مستمرة منذ التسعينيات.

بحر الصين الجنوبي: منطقة التوتر الدائم

يأتي هذا التعاون العسكري في وقت يشهد فيه بحر الصين الجنوبي تصعيدًا جديدًا، خصوصًا مع ازدياد الاحتكاكات بين الصين والفلبين حول الجزر المتنازع عليها في أرخبيل سبراتلي، فقد صعّدت مانيلا من تحركاتها البحرية، مدعومة بدوريات مشتركة مع الولايات المتحدة، وسط رفض صيني وصفته بـ"الاستفزازات الأحادية".

في المقابل، تواصل الصين بناء منشآت عسكرية على جزر صناعية في البحر المتنازع عليه، ما أثار مخاوف دول الجوار من السعي لتكريس واقع جيوسياسي جديد، يعيد رسم خطوط النفوذ العسكري في جنوب شرق آسيا.

بحر الفلبين: عودة اليابان العسكرية

وبينما تنشغل الصين بتثبيت نفوذها في بحر الصين الجنوبي، تتحرك اليابان بشكل غير مسبوق في بحر الفلبين شرقًا، حيث أرسلت طوكيو في يونيو 2025 وحدة بحرية إلى جزيرة غوام الأميركية للمشاركة في مناورة مشتركة مع الولايات المتحدة والفلبين.

وتعتبر هذه الخطوة جزءًا من استراتيجية "الدفاع الاستباقي الموسع" التي أعلنت عنها اليابان في 2023، في تحول تاريخي عن سياستها الدفاعية ما بعد الحرب العالمية الثانية.

وتسعى اليابان من خلال تعزيز وجودها البحري إلى كبح النفوذ الصيني المتزايد، وطمأنة حلفائها في المنطقة، في وقتٍ ارتفعت فيه ميزانيتها الدفاعية إلى 2% من الناتج المحلي لأول مرة في تاريخها الحديث، أي ما يُعادل 96 مليار دولار أمريكي في 2025.

الولايات المتحدة: الشريك الأمني الحاضر دومًا

رغم انشغال واشنطن بملفات داخلية بعد الانتخابات الرئاسية، وفوز دونالد ترامب، فإنها حافظت على وجود نشط في المحيطين الهندي والهادئ، عبر اتفاقيات دفاع ثنائية وشراكات أمنية رباعية (كواد) تشمل أستراليا والهند واليابان.

وفي يوليو 2025، أجرت القوات الأمريكية والفلبينية مناورات بحرية قرب "جزيرة تيتو"، ضمن اتفاقية الدفاع المتبادل، ما أثار احتجاجًا رسميًا من بكين. كما وقّعت الولايات المتحدة مؤخرًا اتفاقية لتوسيع تمركز قواتها في قواعد فيتنامية غير معلنة الموقع، في إشارة ضمنية إلى رغبة هانوي في تنويع شركائها الاستراتيجيين وعدم الارتهان لأي محور.

فيتنام بين بكين وواشنطن: موازنة دقيقة

تبدو فيتنام اليوم في وضع حساس، إذ تتقاطع مصالحها الأمنية مع الصين على الحدود، بينما تعتمد اقتصاديًا بشكل متزايد على السوق الأمريكية، التي استقبلت صادرات فيتنامية بأكثر من 124 مليار دولار في 2024، مقابل 176 مليار دولار كإجمالي تبادل تجاري مع الصين، بحسب بيانات وزارة الصناعة والتجارة الفيتنامية.

ويفسر هذا التوازن الحذر توجه هانوي نحو تدريب عسكري مع الصين من جهة، والمشاركة في تدريبات بحرية متعددة الأطراف مع واشنطن وشركائها من جهة أخرى.

قراءة في المشهد الإقليمي

ويرى محللون أن التدريب العسكري الفيتنامي-الصيني الأخير يندرج ضمن استراتيجية "خفض التصعيد الحدودي" وتحسين إدارة الأزمات، لا سيما أن الحدود البرية بين البلدين يبلغ طولها أكثر من 1,400 كيلومتر.

لكنه في الوقت ذاته يشكّل رسالة غير مباشرة للولايات المتحدة، بأن بكين لا تزال قادرة على كسب شركاء إقليميين رغم الضغوط الدولية.

وفي المقابل، تُظهر اليابان رغبة في إعادة تشكيل وضعها الإقليمي كلاعب أمني، بينما تسعى واشنطن للحفاظ على تحالفاتها البحرية في منطقة ترى فيها "مركز التوازن العالمي خلال العقود القادمة".

أخبار ذات علاقة

أعلام الصين والولايات المتحدة

تحذيرات أمريكية من سيطرة الصين على سلاسل توريد المعادن

وفي منطقة مضطربة جيوسياسيًا كجنوب شرق آسيا، يبدو أن التعاون العسكري بين الصين وفيتنام ليس مجرد تمرين تدريبي، بل خطوة محسوبة ضمن لعبة توازن إقليمي أكبر.

وبينما تتقاطع الحسابات بين طوكيو وواشنطن وبكين وهانوي، يبقى بحر الصين الجنوبي – والآن بحر الفلبين أيضًا – ساحة مفتوحة لتنافس قد يتحول إلى صدام، إن لم تُحسن القوى الإقليمية والدولية إدارة خلافاتها العسكرية والدبلوماسية.

;
logo
تابعونا على
جميع الحقوق محفوظة © 2024 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC