قال تقرير لصحيفة "لو موند" إن الحكومة الفرنسية تواجه معركة سياسية شاقة لتمرير مشروع موازنة الدولة لعام 2026، وذلك بعد نجاحها بصعوبة في إقرار مشروع قانون تمويل الضمان الاجتماعي.
وبينما تصر السلطة التنفيذية على أن اعتماد الموازنة قبل نهاية العام لا يزال ممكنًا، يسود قدر واسع من التشكيك داخل الجمعية الوطنية في ظل انقسامات حادة بين الكتل البرلمانية حول الضرائب، وضبط الإنفاق، ومسار خفض العجز.
وبحسب الصحيفة الفرنسية، فإن إقرار ميزانية الضمان الاجتماعي، المنتظر بشكل نهائي في 16 ديسمبر/كانون الأول، أنهى أسابيع من المفاوضات المعقدة، لكنه فتح في الوقت ذاته الباب أمام اختبار أكثر صعوبة يتمثل في تمرير مشروع قانون المالية.
ومن المقرر أن يصوت مجلس الشيوخ على المشروع مطلع الأسبوع، قبل إحالته إلى لجنة مشتركة تضم 7 نواب و7 شيوخ لمحاولة التوصل إلى صيغة توافقية.
وفي حال نجاح اللجنة، سيُعرض النص مجددًا على الجمعية الوطنية في 23 ديسمبر، وهو الموعد النهائي لتفادي دخول عام 2026 دون موازنة معتمدة.
بدوره، أبدى وزير الاقتصاد رولان ليسكيور، تفاؤله بإمكانية تكرار سيناريو التوافق الذي سمح بتمرير ميزانية الضمان الاجتماعي، معتبرًا أن ما كان يبدو مستحيلاً قبل أسابيع أصبح ممكنًا بفضل ما وصفه بـ"ثقافة التوافق" الآخذة في التشكل داخل البرلمان.
وأكد أن الحكومة لا تزال متمسكة بهدف خفض العجز العام إلى 5% كحد أقصى من الناتج المحلي الإجمالي.
وأكد التقرير أن هذا التفاؤل لا يحظى بإجماع داخل الجمعية الوطنية، فمشروع قانون المالية كان قد مُني، قبل أسابيع، برفض غير مسبوق، إذ صوّت 404 نواب ضده مقابل صوت واحد فقط مؤيد.
وأوضح أن ميزانية الضمان الاجتماعي نفسها لم تمر إلا بفارق 13 صوتًا في القراءة الثانية. بدورهم، يجمع نواب من مختلف الاتجاهات على أن المفاوضات حول موازنة الدولة ستكون أكثر تعقيدًا وحدة.
وتتمحور الخلافات الأساسية حول الخيارات المالية الكبرى، فالأحزاب اليسارية تطالب بمزيد من العدالة الضريبية وزيادة مساهمة الشركات الكبرى وأصحاب الدخول المرتفعة، في حين ترفض قوى اليمين أي زيادات ضريبية، وتدفع باتجاه خفض أعمق في الإنفاق العام.
وفي هذا السياق، قال رئيس الكتلة الاشتراكية في الجمعية الوطنية، بوريس فالّو، "لا أرى مسارًا واضحًا يسمح بالوصول إلى اتفاق".
ويلعب مجلس الشيوخ، الذي يهيمن عليه اليمين، دورًا محوريًا في المرحلة المقبلة، إذ يُتوقع أن يُدخل تعديلات جوهرية على النص الحكومي.
وستقع مهمة التوفيق بين موقفي المجلسين على عاتق اللجنة المشتركة، بقيادة مقرري الميزانية في الغرفتين، وكلاهما من حزب الجمهوريين، فيما تعوّل الحكومة على حكمة الشيوخ لإنتاج تسوية مقبولة.
لكن حتى في حال التوصل إلى نص توافقي، فإن تمريره في الجمعية الوطنية يبقى غير مضمون.
كما تحتاج الحكومة إلى دعم كامل من كتل تحالفها الوسطي المنقسم، إضافة إلى امتناع الاشتراكيين والخضر عن التصويت، وهو احتمال ضعيف بحسب تصريحات قادتهم الذين يرون أن نسخة مجلس الشيوخ تمثل تراجعًا عن التنازلات المحدودة التي تحققت في ملف الضمان الاجتماعي.
ومع تضاؤل فرص التصويت الإيجابي، طُرحت فكرة اللجوء إلى المادة 49.3 من الدستور، التي تسمح بتمرير القوانين دون تصويت برلماني.
غير أن الحكومة تؤكد التزامها بعدم استخدام هذه الآلية، التزامًا بتعهد رئيس الوزراء سيباستيان لوكورن.
وشدد التقرير على أنه في حال استمرار الانسداد، تستعد الحكومة لطرح "قانون مالي خاص" محدود لتفادي شلل مالي، مع ترحيل النقاشات إلى مطلع 2026.
وحذر نواب من أن اقتراب الانتخابات البلدية قد يزيد الاستقطاب السياسي، ما يرفع مخاطر إطالة أمد الأزمة ويزيد من حالة الإرهاق لدى الرأي العام.