قال خبراء سياسيون إن الرئيس إيمانويل ماكرون يواجه "اختباراً حاسماً" في اختيار رئيس الوزراء الجديد، وسط أزمة سياسية متصاعدة، وانقسام حاد داخل البرلمان الفرنسي، وتراجع في شعبية الحكومة بعد سلسلة من الاستقالات.
ويأتي هذا بعد استقالة سبيستيان لوكورنو في 6 أكتوبر، لتبدأ مرحلة جديدة من التكهنات حول اسم المرشح الذي سيقود الحكومة الثامنة في عهد ماكرون.
وبين أبرز الأسماء المتداولة: جان-لويس بورلو، وبرنار كازنوف، وبيار موسكوفيتشي، ورولان ليسكور، ولوران بيرجيه، وجميعهم يمثلون توازنات سياسية مختلفة بين الوسط واليسار.
وترى الدكتورة كلير دومينج، الباحثة في الشأن الأوروبي والعلاقات السياسية الفرنسية في المعهد الفرنسي للعلاقات الدولية، أن "ماكرون يحاول هذه المرة تحقيق توازن شبه مستحيل بين الكفاءة التقنية والرمزية السياسية".
وأضافت دومينج، لـ"إرم نيوز": "الشارع الفرنسي منهك من التغييرات المتكررة في رأس الحكومة، والطبقة السياسية تطالب بوضوح في الاتجاه. لذلك؛ فإن أي رئيس وزراء جديد لن يُقاس فقط بقدرته على إدارة الملفات، بل بقدرته على إعادة الثقة في المؤسسات بعد سنوات من الانقسام البرلماني".
وأشارت إلى أن ماكرون، بعد إخفاق محاولاته في تحقيق أغلبية برلمانية مستقرة، "يميل إلى خيار توافقي يرضي جزئياً اليسار من دون خسارة قاعدة الوسط".
واعتبرت أن اسم برنار كازنوف يمثل "الخيار السياسي الأكثر واقعية في المرحلة الحالية؛ لكونه شخصية تحظى باحترام من الأطراف المعتدلة".
من جانبه، قال الدكتور برونو كورتيه ، الباحث في مركز الدراسات السياسية للأبحاث الوطنية الفرنسية، إن "أزمة القيادة الحالية تتجاوز مسألة الأسماء؛ لأن ماكرون يدير وضعاً مؤسسياً هشّاً للغاية".
وأوضح كوتيه، لـ"إرم نيوز"، أن "الحكومة القادمة ستواجه تحديات مالية ضخمة: عجز الموازنة، ارتفاع الدين العام، وضغوط اجتماعية متزايدة بعد إصلاحات التقاعد والضرائب".
وأشار إلى أن "أي رئيس وزراء جديد سيجد نفسه في مواجهة مباشرة مع الشارع والنقابات في وقت يزداد فيه انعدام الثقة في السلطة التنفيذية".
وأضاف: "الملف الاقتصادي سيكون المعيار الأول للحكم على الحكومة الجديدة. لا يكفي أن يكون رئيس الوزراء مقبولاً سياسياً، بل يجب أن يمتلك رؤية اقتصادية واضحة، وقدرة على التفاوض مع البرلمان والنقابات دون إثارة أزمة جديدة".
معضلة سياسية مفتوحة
ورغم المشاورات المكثفة في الإليزيه، يبقى المشهد غامضاً. فبينما يتقدم كازنوف كمرشح "توافقي" محتمل، يظل لوكورنو خياراً مطروحاً في حال فشل التسويات السياسية، فيما يستبعد مراقبون عودة جان-لويس بورلو الذي أكد بنفسه أنه "لم يتلقَّ أي اتصال من الرئاسة".