يثير توجه البرلمان والمجلس الأعلى للدولة في ليبيا نحو تشكيل حكومة جديدة تساؤلات جدية حول مستقبل حكومة الاستقرار الوطني في ظل الانقسام السياسي والحكومي الذي تعرفه البلاد.
وتوجد في ليبيا الآن حكومتان، الأولى في غرب البلاد وهي حكومة الوحدة الوطنية برئاسة عبد الحميد الدبيبة، الذي يرفض تسليم السلطة سلميًّا، والثانية حكومة الاستقرار الوطني برئاسة أسامة حماد وهي حكومة تم تشكيلها في العام 2022 ورأسها آنذاك فتحي باشاغا قبل أن يتم تنحيته من قبل البرلمان وتكليف حماد خلفًا له.
أمام مفترق طرق
وقال الباحث السياسي وعضو الأمانة العامة لحزب ليبيا النماء، حسام محمود الفنيش، إن "اتجاه مجلس النواب بدعم طرف من المجلس الأعلى للدولة برئاسة خالد المشري في تشكيل حكومة جديدة تحت شعار الحكومة الموحدة، يثير بالفعل جملة من التساؤلات حول مصير حكومة الاستقرار الوطني برئاسة أسامة حماد".
وأشار الفنيش لـ "إرم نيوز" إلى أن "هذا التحرك يتم خارج الإطار الأممي والتوافق السياسي الليبي في ظل انقسام داخلي واضح داخل المجلس الأعلى للدولة بين كل من المشري ومحمد تكالة".
وأضاف أنّ "اعتراض عدد من أعضاء مجلس النواب على هذا الإجراء وعدم انخراط المجتمع الدولي في هذا المسار يُكسب التوجه طابعًا أحاديا يعكس رغبة في إعادة تشكيل السلطة التنفيذية وفق موازين قوى محلية أكثر من كونه مسارًا سياسيًّا توافقيًّا شاملًا".
وشدد على أن "حكومة حماد التي جاءت كذراع تنفيذية للبرلمان في الشرق تجد نفسها الآن أمام مفترق طرق، فالمشروع الجديد لا يقوم على إعادة هيكلة أو توسيع حكومة الاستقرار بل على تجاوزها ضمن محاولة لإنتاج حكومة واحدة يفترض أن تنهي الانقسام الحكومي، غير أن هذا الطموح يصطدم بواقع سياسي مركب حيث لا تزال حكومة الوحدة الوطنية تحتفظ بشرعية دولية بينما حكومة الاستقرار تحظى بغطاء برلماني جزئي" وفق تعبيره.
وبحسب الفنيش فإن "الأرجح أن يتم التخلي عن حكومة حماد بصيغة ناعمة أو مباشرة خاصة إذا ما نجحت قوى البرلمان في تمرير الحكومة الجديدة محليًّا وفرض أمر واقع قابل للتفاوض لاحقًا، ويصبح رحيلها أمرًا حتميًّا في حال ذهاب الأطراف السياسية إلى عملية سياسية شاملة بإشراف أممي ينتج عنها حكومة جديدة واحدة".
وحذر من أن "هذا التوجه لا يخلو من مخاطر، إذ إن تشكيل حكومة جديدة دون توافق ليبي واسع أو دعم دولي حقيقي قد ينتج سلطة تنفيذية تفتقر إلى المشروعية السياسية والدستورية؛ ما يفتح الباب أمام تعميق حالة الانقسام، فبدلا من أن تمثل الحكومة الموحدة الاستقرار قد تتحول إلى سلطة ثالثة في مشهد مشوش، وبذلك فإن مستقبل حكومة حماد مرهون ليس فقط بقرارات البرلمان بل أيضًا بقدرة المشروع الجديد على فرض نفسه داخليًّا، والحصول على قدر من القبول الإقليمي والدولي".
قبول أي حل
ومن جانبه، علق المحلل السياسي سليمان البيوضي، على الأمر بأن أسامة حماد رئيس الحكومة خرج في وقت سابق وأعلن دعمه تشكيل حكومة جديدة موحدة لليبيا".
وأوضح البيوضي في تصريح خاص لـ "إرم نيوز" أن: "ذلك يعني قبوله مسبقًا بأي حل يفضي لتشكيل حكومة جديدة، ولم يضع أي شرط مسبق" وفق قوله.