تعمل شركة براهموس للطيران على توسيع مرافق الإنتاج وتعزيز خطوط تصنيع صواريخها بهدف خفض التكاليف وزيادة الطلبات التصديرية، فيما يقترب صاروخ الجيل الجديد "براهموس - إن جي" من مرحلة اختبار الطيران المستقل المتوقع في عام 2026.
وتُعد هذه التطورات مؤشرًا واضحًا على تحول الهند من موقف دفاعي بحت إلى سياسة ردع إستراتيجية متقدمة، وفق صحيفة "يوراسيان تايمز"
وتمثل الشراكة الروسية–الهندية في مشروع براهموس نموذجًا فريدًا لموازنة التجارة بين البلدين، حيث تستفيد الهند من فائض الروبية الروسية في زيادة إنتاج الصواريخ وتوسيع خطوط التصنيع بهدف خفض التكاليف وتلبية الطلبات التصديرية المتزايدة.
وهذه الشراكة تعزز قدرة الهند على تطوير سياسة ردع إستراتيجية متقدمة، وتعطي روسيا أداة عسكرية حديثة مع إمكانية التصدير؛ ما يحول الفائض المالي إلى قوة عسكرية ملموسة تدعم المصالح المشتركة بين البلدين.
من جانبه، قال الباحث في الشؤون الآسيوية، أحمد حسني إن الشراكة الهندية–الروسية تجسّد نموذجًا حيويًّا لتحويل المال والتجارة مباشرة إلى قوة عسكرية حقيقية، حيث يُستثمر فائض الروبية وتُوسع خطوط الإنتاج لتصنيع صواريخ متفوقة بسرعة ودقة.
وأضاف في تصريحات خاصة لـ"إرم نيوز" أن التعاون الاقتصادي بين الهند وروسيا سيتحول إلى سلاح إستراتيجي يرفع الردع ويعزز النفوذ العسكري على المستوى الإقليمي والدولي.
في السياق، أشار "حسني" إلى أن صاروخ "براهموس-إن جي" سيغير معادلة الردع في آسيا؛ سرعته الفائقة ودقته العالية تجعلان أي خصم مضطرًّا لإعادة حساب قدراته الدفاعية.
ونوه إلى أن الصين وباكستان ستجدان أنفسهما أمام واقع جديد لا يمكن تجاهله، حيث تصبح الصواريخ عالية السرعة أداة ضغط مباشرة تعيد تشكيل توازن القوى الإقليمي.
وأفاد الباحث في الشؤون الآسيوية، بأن المشروع يمثل ثورة إستراتيجية في مجال الردع؛ التعاون بين الهند وروسيا يكسر احتكار الغرب للتكنولوجيا العسكرية المتقدمة، ويخلق نموذجًا جديدًا حيث الدول الصاعدة تمتلك القدرة على فرض معادلات القوة الخاصة بها، وهو ما يعيد رسم موازين الردع العالمية.
وأكد نائب الرئيس التنفيذي لشركة براهموس إيروسبيس، تشيلوكوتي شاندراسيخار، في تصريحات صحفية أن روسيا قد تحصل على صاروخ "براهموس - إن جي" لقواتها الخاصة، مشيرًا إلى أن الجانبين الروسي والهندي يعملان على خفض تكلفة الصواريخ لتلبية احتياجات التصدير وتزويد القوات المسلحة المحلية.
وأضاف شاندراسيخار أن تعزيز المنشآت الإنتاجية أصبح ضروريًّا لتلبية الطلبات المتزايدة، مع الاستفادة من فائض الروبية الروسية في الهند.
وعلى مدار 25 عامًا، أنتجت براهموس أكثر من ألف صاروخ، لكن الإنتاج السنوي البطيء – الذي لا يتجاوز 25 صاروخًا – جعل التكلفة مرتفعة؛ ما دفع الجانبين الهندي والروسي لتوسيع الإنتاج.
ويُذكر أن نجاح الصاروخ خلال عملية سيندور أظهر فاعليته العالية؛ دفع وزير الدفاع الهندي راجناث سينغ إلى الإعلان عن اهتمام 14 دولة على الأقل بشرائه.
من جانبه، أفاد ألكسندر ماكسيشيف، المدير العام الروسي للمشروع المشترك، أن صاروخ "براهموس - إن جي" سيدخل قريبًا مرحلة الاختبارات المستقلة، بعد إتمام مرحلة التصميم العملي العام المقبل.
وتم تطوير النسخة الجديدة لتمكين طائرات مقاتلة أخف وزنًا مثل MiG-29 وLCA Mk-1A من حمل صاروخ عالي السرعة يتجاوز سرعة الصوت.
ووفقًا للرئيس التنفيذي لشركة براهموس، سودهير ميسرا، فإن نقطة التثبيت أسفل جناح طائرة تيجاس يمكن أن تتحمل حمولة قصوى تصل إلى 1250 كجم، شاملة منصة الإطلاق، مقارنة بوزن "براهموس" القياسي البالغ 3000 كجم و"براهموس-إيه"، الذي يصل وزنه إلى 2500 كجم.
وسيمنح هذا الوزن المخفف لطائرة LCA Mk-1A، المجهزة برادار AESA متطور، القدرة على الاشتباك مع الأهداف بدقة عالية تصل إلى مسافة 300 كيلومتر، مع إزالة التأخيرات التقليدية المرتبطة بمرحلة اكتشاف الهدف ومرحلة الاشتباك معه عند استخدام الصواريخ التقليدية، كما يتيح هذا التطوير إمكانية ترقية أنظمة إدارة الأسلحة في طائرات أخرى لتكون متوافقة مع صاروخ "براهموس - إن جي" وتدعم قدراته بشكل كامل.
سيتوفر صاروخ "براهموس - إن جي" بإصدارات متعددة للإطلاق من البر والجو والبحر، مثل النسخة السابقة، ، ويُدرس حاليًا إصدار يمكن إطلاقه بواسطة طوربيد من غواصة، مع تحديد أبعاد الصاروخ وفقًا لحاوية الأسلحة الداخلية لطائرة AMCA.
سيحتوي "براهموس - إن جي" على محرك نفاث جديد مطوّر خصوصًا، أصغر حجمًا وأكثر كفاءة، من إنتاج شركة NPO Mashinostroeyenia الروسية، مع انتقال محتمل لإنتاج المحرك إلى الهند مستقبلًا.
وقد أكملت الشركة دراسات الجدوى والتحليل الهندسي للمحرك في 2020؛ ما يمهد الطريق لاختبارات طيران مستقبلية.
على الرغم
خفنه، يحتفظ صاروخ "براهموس - إن جي" بميزات صاروخ براهموس الأساسية، بما في ذلك سرعته الفائقة فوق الصوت ومناورته العالية التي تجعل اعتراضه صعباً، ودقته العالية في الإصابة، وقوته التدميرية الكبيرة الناتجة عن الزخم العالي، مع وجود جدول زمني محدد للاختبارات.
وفي هذا الصدد، قال الباحث في الشؤون الآسيوية إن تنوع منصات الإطلاق (بر، جو، بحر) يمنح الصاروخ قدرة هجومية ومرونة تشغيلية هائلة، مضيفًا أن أي خصم سيواجه تهديداً متحركاً من كل اتجاه، ما يجعل الهند وشركاءها قادرين على تبني عقيدة ردع هجومية، تحول أي مواجهة محتملة إلى تحدٍ خطير لكل خصم محتمل.
وتوقع مدير التصدير في شركة BrahMos Aerospace، برافين باتاك، أن تبدأ اختبارات الطيران قبل نهاية 2025، بالتوازي مع تشغيل المصنع الجديد أواخر 2025 أو أوائل 2026، مع تجميع أولى عينات الطيران للتحقق من الأداء الفعلي.
أعلنت براهموس لأول مرة عن تطوير النسخة NG عام 2011، حيث كان يُطلق عليها في البداية "براهموس-إم"، مع توقعات زمنية متفائلة للغاية.
وتبدو أعمال التطوير الجدية قد بدأت فعليًّا عام 2017، بينما كان من المقرر بدء اختبارات الطيران "المستقلة" في 2020، والتي قد تشير إلى الاختبارات الأرضية.
ومن المتوقع أن تستغرق اختبارات الطيران الفعلية سنة إلى سنتين إضافيتين لإعداد منصة الاختبار، بما في ذلك ترقيات الأجهزة وبرامج الكمبيوتر للطائرات مثل MiG-29 التابعة للقوات الجوية الإسرائيلية.