logo
العالم

"ثلاثي الرعب النووي".. هل يشكل تحالف الصين وروسيا والهند تهديدًا لأمريكا؟

رؤساء روسيا والصين والهندالمصدر: رويترز

لم يكن العرض العسكري الصيني قبل أيام مجرد احتفال بذكرى الحرب العالمية الثانية، بل بدا وكأنه استعراض مدروس لقوة نووية تريد بكين من خلاله إعادة صياغة معادلة الردع الدولي، خاصة أن الصواريخ العابرة للقارات التي جابت سماء العاصمة بكين حملت رسالة أبعد من حدود آسيا.

العرض الصيني، الذي لا تزال أصداؤه حاضرة حتى اليوم، كشف عن ترسانة صاروخية متقدمة، تضمنت "دونغ فنغ-61" و"دونغ فنغ-31" العابرة للقارات، إلى جانب الصاروخ البحري "JL-3" المنطلق من الغواصات، والصاروخ الجوي "جولانغ-1".

أخبار ذات علاقة

عرض عسكري

قواعد بحرية وجوية ضخمة.. هل اختارت الصين الحرب لطي صفحة "الجار اللدود"؟

قدرات الصين والهند

وبحسب تقديرات حديثة، باتت الصين تمتلك ما يقارب 600 رأس نووي، مع خطط لإنتاج المزيد لتسليح أنظمة الإطلاق المستقبلية؛ ما يضعها في مصاف القوى النووية الأكثر طموحًا في العقد الحالي.

في الوقت ذاته، تتحرك نيودلهي بثقة نحو ترسيخ موقعها كلاعب رئيسي في معادلة الردع الآسيوي، فقد أعلنت قواتها الجوية أن روسيا ستسلم آخر نظامين من أصل 5 أنظمة دفاع جوي "إس-400" بحلول نهاية 2025، وهو ما يمنح الهند قدرة متقدمة على اعتراض التهديدات الصاروخية.

وبالتوازي، نجحت الهند في اختبار صاروخ "أغني-5" متوسط المدى، القادر على حمل رؤوس نووية والوصول إلى عمق الأراضي الصينية، لتؤكد أنها لم تعد مجرد متلقٍّ للمعادلة الأمنية، بل طرف صاعد فيها.

هذه التطورات تعزز مشهدًا إستراتيجيًّا أكثر تعقيدًا، خاصة مع انضمام نيودلهي العام الماضي إلى قائمة الدول القليلة القادرة على إطلاق رؤوس حربية متعددة من صاروخ بالستي واحد عابر للقارات.

وعلى وقع إعلان بكين عن صواريخها العابرة للقارات، واستعداد نيودلهي لاستلام "إس-400" الروسية وتطوير برنامجها البالستي، يبدو أن واشنطن أمام تحدٍّ إستراتيجي متصاعد.

رسالة للغرب 

في هذا السياق، قال العميد نضال زهوي، الخبير العسكري، إن العرض العسكري الصيني الأخير حمل رسالة مباشرة للغرب، وأبرز بوضوح تنامي القوة العسكرية لبكين وقدرتها على تشكيل تهديد إستراتيجي لأمريكا وحلفائها، خاصة مع وجود الرئيسين الروسي والكوري الشمالي، وهو ما يكشف طبيعة التحالفات الحقيقية في المرحلة الراهنة.

وأضاف زهوي لـ"إرم نيوز"، أن الصين باتت تتصدر قيادة محور الشرق وتقدم نفسها كقوة قادرة على صياغة نظام عالمي جديد، في وقت تنشغل فيه روسيا بصراعها في أوكرانيا، وتبقى كوريا الشمالية محصورة في أهدافها الداخلية.

وأشار إلى أن مشاركة الهند في قمة منظمة شنغهاي تمثل تحولًا إستراتيجيًّا في التوازنات الدولية، موضحًا أن وجودها، وهي تقليديًّا حليف لأمريكا، داخل هذه القمة ليس تفصيلًا عابرًا، بل تطور نوعي قد يؤثر في موازين القوى سياسيًّا واقتصاديًّا.

وأوضح أن السياسات الاقتصادية الأمريكية، وعلى رأسها الرسوم الجمركية المفروضة على المنتجات الهندية، دفعت نيودلهي نحو تعزيز تقاربها مع الصين وروسيا، ورغم أن موقفها داخل التحالف الشرقي لا يزال غير محسوم، فإن مجرد انخراطها يُضعف  الهيمنة الأمريكية.

عرض عسكري صيني

"ميزان التغيير الجيوسياسي"

وأكد العميد نضال زهوي أن الهند باتت أيضًا تمثل "ميزان التغيير الجيوسياسي" في العالم، مشيرًا إلى أن تثبيت موقفها داخل المحور الشرقي سيعني خسارة أمريكا لموقعها الاقتصادي العالمي، وهو ما قد يمنح الحياد الهندي واشنطن فرصة للصمود كقوة مهيمنة.

وأضاف أن الهند والصين وباكستان تشكل قوى ديموغرافية واقتصادية ضخمة تمثل أكثر من 70% من سكان العالم، وإذا ما توحدت جهودها في إطار واحد، فإن الهيمنة الأمريكية ستواجه تهديدًا غير مسبوق وبداية عهد جديد من الثنائية القطبية.

ولفت المحلل العسكري إلى أن النظام العالمي الجديد، الذي بدأت ملامحه بالتشكل، يقوم على قطبين رئيسيين: الصين تقود المنظومة الشرقية، وأمريكا تقود المنظومة الغربية، في ظل تراجع الدور الروسي وبقاء كوريا الشمالية على الهامش.

وأوضح أن واشنطن تقاوم هذا التحول وتظهر ذلك من خلال استعراض القوة وخطوات رمزية مثل تغيير اسم وزارة الدفاع إلى "وزارة الحرب"، في رسالة بأنها لن تتنازل بسهولة عن موقعها كقوة مهيمنة.

رؤوس نووية روسية

 نواة نظام عالمي جديد

من جانبه، رأى توفيق حميد، المحلل السياسي والخبير في الشؤون الأمريكية، أن التجمع الأخير في شنغهاي إلى جانب العرض العسكري الصيني يشكلان بداية فعلية لتأسيس نواة نظام عالمي جديد يسير بوتيرة متسارعة، وأصبح واضحًا أن التحالف بين الصين وروسيا والهند يقترب من تشكيل كتلة اقتصادية وعسكرية ذات ثقل عالمي.

وأضاف حميد لـ"إرم نيوز"، أن هذا "الثلاثي المرعب" – روسيا والصين والهند – بحسب وصفه، سيصنع قوة عسكرية مهيبة في النظام المقبل.

وأشار إلى أن الخلافات الأخيرة بين أمريكا وبعض الدول، وعلى رأسها الهند بسبب الرسوم الجمركية، دفعت نيودلهي لتعزيز علاقاتها مع بكين وموسكو، وهو ما منحها حضورًا أقوى داخل مجموعة "البريكس".

نظام مالي عالمي بديل

وأوضح أن هناك تحركات واضحة من هذا التحالف نحو تأسيس نظام مالي عالمي بديل، لافتًا إلى الزيادة الكبيرة في مشتريات الذهب من هذه الدول، وهو ما يبدو كمحاولة لإرساء دعائم مالية جديدة بعيدًا عن نظام "سويفت" التقليدي وحتى عن العملات المشفرة التي تتجه أمريكا نحو تبنيها.

واعتبر أن الاستثمار في الذهب يمثل القيمة الحقيقية المستقرة عالميًا، على عكس العملات الرقمية التي ما زالت تُعد غير آمنة ومضطربة.

وأشار حميد إلى أن الولايات المتحدة ستسعى بالتأكيد لإفشال هذا التحالف الشرقي، لكنه تساءل عمَّ إذا كانت واشنطن ما زالت تملك القدرة الكافية لتفكيكه أو ضربه.

وقال إن هذا التحالف يمضي بخطى ثابتة، وربما يشهد العالم قريبًا وجود كتلتين ضخمتين متقابلتين؛ ما سيخلق حالة توازن جديدة في النظام الدولي، حيث ستضغط أمريكا لمنع ذلك، لكنها على الأرجح لن تنجح في وقف التحول الكبير الذي بدأ يفرض ثقله على المستويين الاقتصادي والعسكري.

logo
تابعونا على
جميع الحقوق محفوظة © 2025 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC