اقترح الرئيس الروسي فلاديمير بوتين مؤخرًا تمديد معاهدة الحد من الأسلحة الاستراتيجية "ستارت الجديدة" لعام إضافي، وهو ما رحب به الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، غير أن الخبراء حذروا من أن هذا القرار قد يقيد قدرات واشنطن النووية في مواجهة التوسع السريع للصين.
وهذه المعاهدة، التي تم توقيعها في 2010، وتحد من إنتاج كل طرف إلى 1,550 رأسًا نوويًا استراتيجيًا، تنتهي في فبراير 2026.
وكشفت مصادر أن اتفاقيات الحد من الأسلحة، لطالما كانت أداة مهمة لواشنطن لاحتواء سباق التسلح وتوفير الشفافية حول القوى النووية الروسية، إلَّا أن "ستارت الجديدة" تعالج الأسلحة الاستراتيجية فقط، تاركةً الأسلحة الميدانية منخفضة القوة لروسيا؛ ما يمنحها أفضلية 10-1 على الولايات المتحدة وحلف الناتو في هذا المجال.
إضافة إلى ذلك، فإن روسيا متهمة بأنها من أكثر الدول خرقًا لهذه الاتفاقيات؛ إذ علّقت عمليات التفتيش أثناء جائحة كوفيد-19، ورفضت استئنافها لاحقًا، ما دفع واشنطن لإعلان انتهاك موسكو للمعاهدة في 2023.
لكن يرى محللون أن المشكلة الأهم تكمن في النمو النووي السريع للصين، فقد كان عدد الأسلحة الصينية عند توقيع المعاهدة محدودًا، لكنه منذ 2021 يشهد أكبر توسع نووي منذ الستينيات، ويُتوقع أن يصل إلى 1,500 سلاح بحلول 2035.
ويحذر مراقبون من أن هذا التطور يضع الولايات المتحدة أمام تحدٍّ غير مسبوق: مواجهة قوتين نوويتين متقاربتين في القوة لأول مرة منذ الحرب الباردة، وقد خلُصت لجنة خبراء برلمانية إلى أن القوات النووية الأمريكية الحالية والمخطط لها لن تكون كافية للتصدي لهذا التهديد.
وبينما تخطط الولايات المتحدة لاستهداف المواقع العسكرية والقيادية والصناعات المرتبطة بالحرب، وليس المدنيين، ضمن استراتيجية الردع، تعمل بكين على توسيع عمليات بناء صوامع صواريخ جديدة يزيد من عدد الأهداف التي يجب أن تمتلك واشنطن القدرة على ردعها؛ ما يفرض ضرورة زيادة حجم ترسانتها النووية، وبالمقابل، رفضت الصين أي مفاوضات ثلاثية لتقييد أسلحتها، متمسكة بتوسيع قدراتها النووية.
وحذر المراقبون من أن تمديد معاهدة "ستارت الجديدة" مع روسيا لم يعد منطقيًا؛ فالمعاهدة، إذا جرى تمديدها، ستقيّد الولايات المتحدة عن اتخاذ الخطوات اللازمة لردع كل من الصين وروسيا، ولذلك، يرى الخبراء أن على الإدارة الأمريكية القادمة التحرك سريعًا لتطوير القوات النووية، بما يشمل تحميل رؤوس نووية إضافية على صواريخ باليستية، وشراء قاذفات وغواصات جديدة، وتوزيع أسلحة نووية غير استراتيجية في أوروبا وآسيا.
ويرى خبراء أمريكيون أن بوتين، من خلال عرضه تمديد المعاهدة، يسعى إلى تأخير تعزيز الردع النووي الأمريكي، وهو ما يستدعي من واشنطن عدم الموافقة، والالتزام بتعزيز قوتها النووية لحماية الأمن الدولي واستقرار العالم.