قدّم الرئيس الروسي فلاديمير بوتين عرضاً لتمديد الالتزام بالحدود المقررة للأسلحة النووية في معاهدة "ستارت الجديدة" لسنة واحدة بعد انقضاء صلاحيتها في فبراير 2026، مع شرط التزام الولايات المتحدة بالمثل وعدم اتخاذ خطوات تهدد التوازن الاستراتيجي.
وكشف موقع "ديفينس بوست"، أن هذا العرض يأتي في ظل تجميد موسكو مشاركتها الرسمية في المعاهدة منذ 2023، مع استمرار الالتزام الطوعي بالحدود القائمة.
يرى الخبراء أن معاهدة "ستارت الجديدة" تمثل آخر اتفاقية للحدِّ من الأسلحة النووية بين أكبر قوتين نوويتين في العالم، وتحد من عدد الرؤوس الحربية الاستراتيجية المنتشرة لكل طرف إلى 1,550، بانخفاض يقارب 30% عن الحد السابق في 2002، ولذلك فإن تعليق التفتيش الميداني منذ جائحة كورونا وفشل المفاوضات حول التمديد، يثير مخاوف من خرق الحدود بعد انتهاء المعاهدة.
من جهتها ترى خبيرة العلاقات الدولية هيلويز فاييت أن عرض بوتين يهدف إلى "السيطرة على السرد السياسي" بعد مقترحات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لمحادثات نزع السلاح مع روسيا والصين، وربطه بمشروع الدرع الجوية الأمريكية "القبّة الذهبية"، يشير إلى أن موسكو تسعى لضمان التوازن الاستراتيجي وفق شروطها الخاصة.
تدهورت المفاوضات بين روسيا والولايات المتحدة في السنوات الأخيرة، بدءاً بالانسحاب من معاهدة الصواريخ النووية متوسطة المدى INF في 2019، مروراً بإلغاء روسيا التصديق على معاهدة حظر التجارب النووية الشاملة في 2023، وتصعيدها العسكري منذ فبراير 2022، بما في ذلك وضع القوات النووية في حالة تأهب ورفع مستوى تفويض استخدام الأسلحة النووية.
على الرغم من بعض تخفيف التوتر منذ وصول ترامب إلى البيت الأبيض، لم تُجر أي محادثات جوهرية حول الأسلحة النووية، كما أن التحركات بما فيها إرسال الغواصات النووية الأمريكية رداً على تصريحات روسية استفزازية تكشف عن هشاشة أي اتفاق محتمل واعتماد كل طرف على استراتيجية الردع وعدم اليقين المتبادل.
في النهاية، يعكس الاقتراح الروسي حسابات معقدة لإبقاء المعاهدة على قيد الحياة، مع ضمان إمكانية الردع إذا خرق الطرف الآخر الحدود، بينما يزيد عدم استئناف التفتيش الميداني الشكوك حول فعالية أي تمديد، ولذلك فإن السنة الواحدة المقترحة قد تكون اختباراً جديداً لقدرة المنظومة الدولية على إدارة التوازن النووي بين أكبر قوتين نوويتين في العالم.