حدّد موقع "ناشيونال سكيورتي جورنال" سيناريوهين للحرب المحتملة بين روسيا والناتو، على خلفية التوترات المتزايدة في منطقة بحر البلطيق، التي من الممكن أن تتطور إلى توغلات جوية، وتدخلات في أنظمة الملاحة، وهجمات كثيفة بالمسيّرات.
وبحسب تقرير الموقع، فإن الحرب أمام سيناريو أكثر ترجيحًا، وهي حرب تقليدية تعتمد على الاستنزاف، وتجنّب "العتبة النووية"، فيما الثاني يتجاوزها بشكل محدود، إلا أنه سيحمل مخاطر كبيره في حال خروج الصراع عن السيطرة.
وإن استبعد التقرير وقوع حرب "شاملة" في العام الجاري، إلا أنه أكد في المقابل أن التوترات المتراكمة في البلطيق، وإن كانت احتكاكات قابلة للإنكار، لكنها قد تتصاعد إذا أدت إلى سوء تقدير.
أما عن النتيجة في حال اندلاع الصراع "المحتمل"، فتوقع التقرير أن يكسب الناتو المعارك في السيناريوهين، لكنه سيخسر الحرب، مع نهاية بحرب باردة أكثر قسوة أو كارثة نووية، إذ ستنتهي النتيجة إلى سلام هش، مع تكاليف اقتصادية وسياسية هائلة.
في هذا السيناريو، يتم تجنّب العتبة النووية، ويتحول الصراع إلى حالة استنزاف مطولة، إذ يستغل الناتو تفوقه البحري والجوي لتضييق الخناق على اللوجستيات الروسية في كالينينغراد وخليج فنلندا؛ ما يستنزف الدفاعات الجوية والمراكز القيادية.
ومن المتوقع أن ترد روسيا بصواريخ بالستية قصيرة المدى، وصواريخ كروز، ودفاعات جوية مكثفة، وهجمات إلكترونية، ومدفعية بعيدة المدى، مستهدفة مطارات وموانئ ومحطات سكك حديدية في بحر البلطيق، لتصبح العمليات السيبرانية وتزييف GNSS روتينية، مسببة اضطرابات في الطيران، والشحن، والطاقة، والصحة.
كما من المتوقع أن يثقل تدفق اللاجئين كاهل السياسة في بولندا، ودول البلطيق، وألمانيا، بينما تشدد روسيا قبضتها الداخلية عبر التعبئة المستمرة لكن أيًّا من الطرفين لن يحقق اختراقًا واضحًا، فروسيا غير قادرة على مواصلة هجومها ضد دفاعات الناتو المتعددة الطبقات، والحلف يتجنّب هجومًا منخفض المخاطر في مناطق نووية محتملة.
وسيلجأ الطرفان، وفق سيناريو"ناشيونال سكيورتي جورنال"، إلى تفاوض قسري باستخدام القوة النارية، مع قوائم أهداف مدروسة، توقفات لاختبار الدبلوماسية، واستئناف الضربات عند الفشل، لتنتهي الهدنة كاتفاق تعاقدي، لا تصالحي، مستقر عند تقاطع الاستنزاف.
وستتحول العقوبات إلى اقتصاد حرب طويل الأمد، كما سيرتفع الإنفاق الدفاعي، ويصبح الموقف المتقدم قرب ممر سووالكي دائمًا ومحميًّا ضد الهجمات الإلكترونية، كما سيصبح النظام ما بعد الحرب أكثر برودة، استعدادًا للأزمات، وأقل تسامحًا مع الأخطاء، مع استعادة الردع بتكلفة سلام مسلح وأوروبا في اضطراب مزمن.
بالنسبة للناتو، يعني "الفوز" السيطرة على أراضيه، والحفاظ على مصداقيته، وإنهاء الحرب دون نووي، لكن بثمن باهظ، إذ ستكون البنية التحتية مدمرة، والاقتصاد الأوروبي مضطربًا، وسلاسل توريد عالمية متعثرة.
أما روسيا، فتسعى لبقاء نظامها ونفوذ قسري عبر هدنة تضر بمصداقية الناتو، مثل قيود على القواعد أو أنظمة الضرب قرب حدودها.
في هذا المسار الأكثر خطرًا، يكسر الاستخدام المحدود للأسلحة النووية التحريم؛ ما يسرّع عدم الاستقرار، إذا اعتبرت موسكو أن التوجهات التقليدية تهدد بقاء النظام أو سلامة أراضيها الحيوية، لتبدأ بالإشارات من انتشارات ملحوظة، إلى إنذارات، أو تفجير استعراضي فوق مياه نائية.
وإذا فشلت، توجه ضربة منخفضة العائد ضد هدف عسكري مثل قاعدة جوية أو مركز لوجستي أو تجمع بحري، مع آثار جانبية محدودة.
ويتوقع التقرير أن يكون التأثير العسكري متواضعًا، لكن الصدمة السياسية هائلة، مع تحذيرات دفاع مدني في أوروبا، واضطرابات أسواق، وانقسام حكومات الناتو بين العقاب والتوقف.
ومن المتوقع أن يرد الناتو بأقصى ضغط تقليدي ضمن حدود جغرافية صارمة، من قمع سريع للوحدات الروسية المعنية، وتوسيع الدفاع الجوي والصاروخي، وإجراءات تأهب نووي مرئية دون استخدام مماثل.
في المقابل، ستحرّك واشنطن ولندن وباريس قواتها للبقاء، بينما تظهر موسكو أصولها لضربة ثانية، ثم تتحول دبلوماسية الأزمات إلى سباق، إذ تسعى روسيا لوقف إطلاق نار ينظم الحدود وأنظمة المواجهة قرب حدودها، بينما يسعى الناتو لمنع المزيد من النووي، واستعادة الأراضي، وحفظ حرية التعزيز.