logo
العالم

في يوم النصر.. موسكو تستعرض تحالفاتها في حديقة واشنطن الخلفية

في يوم النصر.. موسكو تستعرض تحالفاتها في حديقة واشنطن الخلفية
فلاديمير بوتين ونيكولاس مادوروالمصدر: رويترز
09 مايو 2025، 5:46 ص

استقبل الرئيس الروسي فلاديمير  بوتين نظيريه الكوبي والفنزويلي في موسكو، بالتزامن مع احتفالات "يوم النصر"، في لقاء حمل رسائل سياسية واضحة للولايات المتحدة، ويعكس رغبة موسكو في استعادة تحالفاتها التقليدية في أمريكا اللاتينية، وتوجيه رسالة تحدٍ لهيمة واشنطن، بحسب خبراء.

اللقاء مع زعيمي دولتين تعدّان من أبرز خصوم واشنطن في حديقتها الخلفية، لم يكن مجرد حضور بروتوكولي، بل جاء في توقيت دقيق، مع تصاعد التوتر على الجبهة الأوكرانية بين روسيا والغرب.

ولم يُخف بوتين نبرة التحدي، مشيدًا بالعلاقات "الإيجابية للغاية" مع  فنزويلا وبـ"الفرص الواعدة للتعاون"، منوّهًا إلى دور مادورو الشخصي في تطوير تلك العلاقات. كما استحضر التاريخ، مشيرًا إلى أن كوبا "قاتلت جنبًا إلى جنب مع الجنود السوفيت"، في إشارة رمزية إلى عمق الروابط، ومحاولة بناء تحالفات على إرث الماضي.

أما مادورو، فرأى أن اللحظة الراهنة تمثّل أفضل محطة في تاريخ العلاقات الممتدة منذ 8 عقود، معلنًا التوجه نحو شراكة إستراتيجية متكاملة، من خلال اتفاق مرتقب لعشر سنوات يغطي مجالات الطاقة والنفط والصحة والدفاع.

وفيما تواصل واشنطن تزويد  أوكرانيا بالسلاح، كانت موسكو تستعرض تحالفاتها في عقر دار الولايات المتحدة، في مشهد يعيد طرح السؤال: من يطوّق من؟

تحدٍ للهيمنة الأمريكية

تعليقاً على ذلك، قال الدكتور آصف ملحم، مدير مركز "JSM" للأبحاث والدراسات، إن مشاركة رئيسي كوبا وفنزويلا في احتفالات النصر بموسكو، ولقاءهما مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، لم يكونا مفاجئة، خاصة بعد زيارتهما للعاصمة الروسية في السابع من مايو الجاري.

وأضاف ملحم،  لـ"إرم نيوز"، أن توقيت حضورهما يحمل رسالة تحدٍ واضحة للولايات المتحدة، التي لا تزال تعتبر أمريكا اللاتينية مجالًا حيويًا ضمن نفوذها الإستراتيجي.

أخبار ذات علاقة

بوتين وشي في الكرملين

زيارة شي لموسكو.. تحالف روسيا والصين يتحدى ضغوط ترامب وعقوباته

وأوضح أن علاقات  موسكو مع كل من كاراكاس وهافانا تعود إلى عقود مضت، منذ الحقبة السوفيتية وحتى روسيا الحديثة، مشيرًا إلى أن بوتين سبق أن صرّح بأن فنزويلا وقفت إلى جانب الجنود السوفيت، في إشارة إلى الرمزية التي توظفها روسيا ضمن رؤيتها لعالم متعدد الأقطاب.

وأكد ملحم أن السياسة الروسية خلال العقدين الأخيرين ركزت على استعادة الشراكات التاريخية، بما في ذلك مع دول أمريكا اللاتينية، حيث سبق لموسكو أن دعمت العديد من حكومات هذه المنطقة. وأضاف أن الرد الروسي على نشر صواريخ أمريكية متوسطة المدى في ألمانيا، العام الماضي، شمل تلويحًا بنشر صواريخ مماثلة في دول قريبة من الأراضي الأمريكية، وعلى رأسها كوبا وفنزويلا.

وأشار إلى أن مثل هذه التحركات، وإن بدت استفزازية لواشنطن، إلا أنها تُعد، من وجهة نظر موسكو، خطوات مدروسة لإعادة ضبط موازين القوة في مناطق النفوذ الأمريكي.

وتطرق ملحم إلى رغبة فنزويلا، الغنية بالنفط، في الانضمام إلى مجموعة «بريكس»، رغم استمرار العقوبات الاقتصادية الأمريكية عليها، لافتًا إلى أن روسيا قادرة على توفير دعم سياسي واقتصادي يمكن كراكاس من الالتفاف على تلك العقوبات، كما حدث في خريف 2023 عندما اضطرت واشنطن إلى تخفيف بعض القيود بعد ارتفاع أسعار النفط، في حين استوردت فنزويلا شحنات نفط روسية وأعادت تصديرها.

وختم ملحم بالإشارة إلى أن حضور قادة دول تعتبرها واشنطن "معادية"، إلى جانب زيارة مرتقبة للرئيس الصيني إلى موسكو، يعكس تصدعًا واضحًا في هيبة النفوذ الأمريكي. 

واعتبر أن هذه التحركات تمثل انتكاسة للسياسة الخارجية الأمريكية، وتؤشر على تشكل محور دولي جديد تقوده موسكو، ينافس الرؤية الأحادية لواشنطن في إدارة العالم.

رسالة روسية 

قال الدكتور توفيق حميد، المحلل السياسي المتخصص في الشأن الأمريكي، إن توقيت لقاء الرئيس الروسي فلاديمير  بوتين مع نظيريه الكوبي والفنزويلي، بينما تسعى واشنطن إلى تنسيق مخرج سياسي لأزمة أوكرانيا، يحمل دلالات سياسية واضحة ورسائل غير مباشرة إلى الولايات المتحدة.

وفي حديث لـ"إرم نيوز"، أشار حميد إلى أن موسكو تنظر إلى التواجد الأمريكي المتزايد في أوكرانيا بوصفه تجاوزًا للحدود المقبولة، نظرًا لقرب هذه الدولة من المجال الحيوي الروسي. 

واعتبر أن الرد الروسي جاء من خلال فتح قنوات تعاون مع دول تقع في الجوار الجغرافي للولايات المتحدة، بما قد يفضي إلى اتفاقيات تسمح بوجود عسكري روسي دائم، وربما نشر أسلحة في مناطق قريبة من الأراضي الأمريكية.

وأضاف: "كوبا ليست بعيدة عن الولايات المتحدة، تمامًا كما أن أوكرانيا تلاصق الحدود الروسية"، في إشارة إلى مبدأ المعاملة بالمثل الذي يبدو أن موسكو تلتزم به.

أخبار ذات علاقة

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين

بعد تلويحه بالخيار الأخير.. هل يحسم بوتين الحرب بـ"ضربة نووية"؟

وأكد حميد أن الرسالة الروسية، رغم طابعها غير المباشر، تقول بوضوح: "إذا استمرت واشنطن في تعزيز وجودها العسكري على حدودنا، سنفعل الأمر ذاته في فنائكم الخلفي"، مشددًا على أن هذا لا يصل إلى حد التهديد المباشر بالحرب، لكنه يعكس قواعد اللعبة في السياسة الدولية، حيث تُواجه التحركات الإستراتيجية بتحركات موازية.

ولفت إلى أن أوكرانيا، بحكم الجغرافيا، أقرب إلى موسكو من قرب كوبا أو فنزويلا إلى واشنطن، لكن مغزى الخطوة الروسية واضح، وهو أن الضغط السياسي والعسكري الأمريكي سيُقابله تصعيد روسي محسوب وأكثر جرأة.

ورأى حميد أن موسكو، من خلال هذه التحركات، لا تسعى بالضرورة إلى مواجهة مباشرة، بل إلى تثبيت حضورها كقوة عالمية. وأكد أن روسيا لا تزال تحتفظ بقدرات عسكرية متقدمة وصواريخ استراتيجية يمكن إطلاقها من مسافات قريبة، ما يجعل تمركزها في دول مثل كوبا عامل ردع فعال في حال تصاعد الصراع.

وختم حميد بالقول إن ما تفعله روسيا ليس رد فعل لحظي، بل يعكس نية مدروسة لإعادة توزيع النفوذ الدولي، وهو ما يستدعي من واشنطن إعادة تقييم إستراتيجيتها الدفاعية والدبلوماسية، خاصة في ظل تزايد التحديات على حدودها الجيوسياسية.

;
logo
تابعونا على
جميع الحقوق محفوظة © 2024 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC