logo
العالم

بين ضعف الناتو وعجز أوروبا.. تجميد الدعم الأمريكي يُعقّد الموقف الأوكراني

بين ضعف الناتو وعجز أوروبا.. تجميد الدعم الأمريكي يُعقّد الموقف الأوكراني
اجتماع قادة دول حلف شمال الأطلسي الأخير في لاهايالمصدر: رويترز
05 يوليو 2025، 1:18 م

يؤكد خبراء، أن ارتماء أوكرانيا في حضن حلف شمال الأطلسي "الناتو" لتعويض الدعم الأمريكي قد يمنح كييف قدرة محدودة على الصمود أمام الهجوم الروسي على المدى القصير، لكنه لن يكون كافيًا لاستمرار الحرب أو قلب موازينها، كما أنه سيُشعل خلافاً جديدًا بين الرئيسين، زيلينسكي وترامب.

وفي مشهد يختزل تحولات الصراع على النفوذ في أوروبا، وجدت أوكرانيا نفسها أمام اختبار جديد بعدما قررت واشنطن تعليق شحنات حيوية من الأسلحة والذخائر، بحجة حماية مخزونات الجيش الأمريكي. 

أخبار ذات علاقة

اجتماع قادة دول حلف شمال الأطلسي الأخير في لاهاي

"الناتو" يسلح جبهته الشرقية.. هل اقترب الصدام مع روسيا؟

"ضربة قاسية"

القرار الأمريكي الذي وصفته كييف بأنه ضربة قاسية، تزامن مع تصعيد روسي واسع في الهجمات الجوية، ما دفع الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي إلى التحرك سريعًا لتأمين بدائل عبر تعميق التعاون مع الاتحاد الأوروبي وحلف الناتو.

وتحرك زيلينسكي سريعًا لتأمين بدائل عبر تعزيز التعاون مع الاتحاد الأوروبي وحلف شمال الأطلسي، وخلال مشاركته في اجتماعات عقدها في آرهوس مع قادة الدنمارك والاتحاد الأوروبي، قال: «عندما تكون هناك شكوك بشأن استمرارية الدعم الأمريكي لأوروبا، يكتسب تعزيز تعاوننا وتنسيقنا عبر الاتحاد الأوروبي والناتو أهمية أكبر».

وكانت الولايات المتحدة قررت وقف إرسال بعض صواريخ الدفاع الجوي والذخائر التي سبق أن تعهدت بها لإسناد القوات الأوكرانية، مبررة الخطوة بمخاوف من انخفاض المخزون العسكري الأمريكي إلى مستويات حرجة، وفق ما نقلته وكالة "أسوشيتد برس".

وبينما تتعثر المفاوضات، وتزداد ضغوط الجبهة العسكرية، تجد كييف نفسها أمام خيار صعب، الارتماء أكثر في حضن أوروبا والناتو لتعويض الغياب الأمريكي، أو مواجهة تمدد موسكو منفردة في ظل تراجع الدعم الغربي تدريجيًا.

تعويض الدعم الأمريكي

ويؤكد خبراء، أن اعتماد أوكرانيا على الناتو لتعويض الدعم الأمريكي قد يمنحنها قدرة محدودة على الصمود أمام الهجوم الروسي على المدى القصير، لكنه لن يكون كافيًا لاستمرار الحرب أو قلب موازينها. 

ويشير الخبراء، في تصريحات لـ«إرم نيوز» إلى أن قدرات الحلف الأوروبية وحدها غير قادرة على مواجهة روسيا عسكريًا، خاصة مع حاجة أوروبا نفسها لدعم واشنطن سياسيًا وماليًا، ما يفسر تمسك بعض الزعماء الأوروبيين بالتنسيق مع إدارة ترامب رغم تباين المواقف العلني.

أخبار ذات علاقة

لقاء ترامب وزيلنكسي في الفاتيكان مايو الماضي

في "محادثة مهمة".. زيلينسكي يتفق مع ترامب على حماية الأجواء الأوكرانية

تعزيز قدرات كييف 

ويقول المحلل السياسي، والخبير في الشؤون الروسية، الدكتور سمير أيوب، إن حلف الناتو لن يكون مفيدًا لأوكرانيا على المدى الطويل، بينما قد يُساهم دعمه - في ظل توقف أو تقييد الدعم الأمريكي - في تعزيز قدرة كييف على الصمود مؤقتًا أمام الهجمات الروسية لكنه لن يستمر طويلًا. 

وأكد أيوب، في تصريح لـ«إرم نيوز» أن إمكانات الناتو الحالية لا تكفي لدعم الجيش الأوكراني في مواجهة روسيا، لا سيما أن دول أوروبا نفسها تحتاج إلى الغطاء والتأييد الأمريكي.

وتابع: «لهذا السبب، نرى الزعماء الأوروبيين، رغم اختلافاتهم أحيانًا مع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، يعودون، لاحقًا، إلى دعم مواقفه، وهو ما يعكس عجز أوروبا عن خوض مواجهة مباشرة مع روسيا أو قيادة هذا الصراع بمفردها دون دعم أمريكي».

وأشار المحلل السياسي إلى أن زيلينكسي يعتقد أن استمرار التحريض الغربي ودعم الدول الأوروبية يمكن أن ينقذه من هزيمة متوقعة أمام روسيا، لكن الواقع يشير إلى أن هذا الدعم قد يؤدي فقط إلى اتساع المناطق التي تسيطر عليها القوات الروسية، وهي مناطق يصعب - بل يستحيل -  استعادتها عسكريًا في الظروف الحالية.

وأكد أن الدول الأوروبية تنتهج النهج الأمريكي ذاته، فإذا انتصر زيلينسكي، ستتقاسم معه المكاسب، وإذا خسر، سيتم استبعاده والبحث عن رئيس أوكراني جديد يقبل بالتسوية مع روسيا والخضوع للضغوط الغربية، وفي هذه الحالة، فإن مجرد صمود روسيا وسيطرتها على الأراضي الأوكرانية وإجبار الناتو على قبول مطالبها سيكون نصرًا سياسيًا وإستراتيجيًا لموسكو.

وأضاف أن أمام زيلينسكي خيارين لا ثالث لهما: إما القبول بالمطالب الروسية والجلوس إلى طاولة التفاوض بجدية لإنهاء القتال بضمانات للطرف الروسي، أو مواصلة الحرب التي قد تتحول إلى صراع طويل الأمد يمتد إلى أراضٍ ودول أخرى. 

أخبار ذات علاقة

غارة روسية على كييف

وول ستريت جورنال: بوتين يخطط لـ"جحيم" في أوكرانيا هذا الصيف

أحضان حلف الناتو

ومن ناحية أخرى، يؤكد أستاذ العلوم السياسية د. ميرزاد حاجم، أن تجميد الدعم الأمريكي يدفع أوكرانيا أكثر نحو أحضان حلف الناتو، لكنه شدد على ضرورة التساؤل، عن من يسيطر فعليًا على الناتو؟ ومن يحكم أوروبا؟ والجواب  - برأيه - أن الولايات المتحدة هي من تملك مفاتيح القرارين.

وفي تصريح لـ«إرم نيوز»، وصف حاجم، ما يجري بأنه «مسرحية سياسية»، معتبرًا أن الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي ليس سوى «موظف بسيط» أو «ممثل كومبارس» جرى الدفع به إلى سدة الحكم من قبل أطراف لها مصالح محددة تدير المشهد بما يخدم أهدافها.

وأوضح أستاذ العلوم السياسية، أن زيلينكسي يفتقر لشعبية حقيقية داخل بلاده، وهناك قوى هي التي جاءت به وتتحكم في قراراته، وأن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب سياسي براغماتي ورجل أعمال ماهر، يسعى إلى اللعب على حبلي، كسب ود روسيا لمواجهة النفوذ الصيني، وفي الوقت ذاته الضغط على أوروبا لتتحمل كلفة الحرب.

ويرى حاجم، أن الاتحاد الأوروبي سيُجبر عاجلًا أم آجلًا على مواصلة تقديم الدعم لأوكرانيا، لكن التساؤلات الجوهرية تتمثل في، إلى متى سيستمر هذا الدعم؟ وما مصلحة أوروبا الحقيقية في ذلك، في حين يدرك الجميع أن أوكرانيا قد هُزمت عسكريًا؟

وأشار إلى تصريح وزير الخارجية الأمريكي الأسبق هنري كيسنجر خلال مؤتمر دافوس الأخير، حين قال: من الخطأ محاربة روسيا، لأن ذلك يدفعها إلى التحالف مع الصين، وهو ما يحقق مصالح بكين على المدى الطويل.

وقال د.ميرزاد حاجم، إن التهديد الروسي هو الفزاعة التي يلوّح بها ترامب، لدفع الجميع إلى دفع فاتورة الحرب وتحمّل تبعاتها.

;
logo
تابعونا على
جميع الحقوق محفوظة © 2024 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC