logo
العالم

أعنف من الهجمات المسلحة.. الحصار الاقتصادي يهدد مالي بـ"السيناريو الأفغاني"

تجمع أمام محطة وقود بسبب نقص البنزين في باماكوالمصدر: رويترز

يواصل المتشددون في مالي شلّ الحركة الاقتصادية في العاصمة باماكو، مما يثير مخاوف من الأسوأ في المستقبل، وتكرار السيناريو الأفغاني، مع تفاقم أزمة الوقود وطلب سفارات غربية لرعاياها بمغادرة البلاد فوراً.

وفي أقل من شهرين، تمكن متطرفو "جماعة نصرة الإسلام والمسلمين" من شلّ مالي، وقطع إمدادات الوقود، وهو ما لم تُحدثه سنوات من الهجمات المسلحة، ما يثير سؤالاً جوهرياً حول "الإرهاب الاقتصادي" الذي تعيشه البلاد وكيف يمكن أن تتحرر منه.

أخبار ذات علاقة

طابور للحصول على البنزين في محطة وقود بباماكو

القاعدة وأزمة الوقود.. سيناريو "مجاعة القرن 18" يخيم على باماكو

أزمة غير مسبوقة

ويُغرق الحصار المفروض على مالي البلاد في أزمة غير مسبوقة، في ظل نقص الوقود، ما دفع بوزير التعليم الوطني، أمادو سي سافاني، إلى إعلان تعليق الدراسة في المدارس والجامعات من 27 أكتوبر/تشرين الأول إلى 9 نوفمبر/تشرين الثاني 2025. 

فلم يعد الطلبة والموظفون، المتضررون بشكل مباشر من نفاد هذه الموارد، قادرين على الذهاب إلى أماكن دراستهم أو عملهم.

ففي العاصمة باماكو، قررت السلطات توفير ما تبقى من مخزون البنزين لسيارات الطوارئ، بينما تتزايد الطوابير أمام محطات الوقود في مناطق أخرى؛ وقد تم غلق العديد من المحطات التي تقدم الخدمات الأساسية لسيارات الأجرة والنقل العام.

ويتسبب هذا النقص في الوقود في التهاب الأسعار، حيث وصل سعر لتر البنزين والديزل إلى مستويات قياسية، مما أدى إلى ارتفاع أسعار المواد الغذائية؛ وفي بعض المناطق، أصبح الخبز سلعة فاخرة.  

وبحسب مصادر سياسية مالية، من غير المرجح أن تُحسّن قافلة شاحنات الصهاريج، التي وصلت إلى باماكو، أمس الإثنين، وضع المواطنين المعيشي، فمعظم الوقود مُخصص لشركة كهرباء مالي في محاولةٍ لاستمرار إنتاج الكهرباء؛ أما الباقي، فسيتم إرساله إلى المصانع الكبرى ووسائل النقل العام.

المتشددون في مالي

مشهد معقد

زيادة على ذلك، فإن إغلاق الحدود مع موريتانيا يُعقّد الوضع أكثر، إذ يخشى عددٌ كبيرٌ من سائقي الشاحنات، المنحدرين من الدولة الجارة، من الهجمات المتشددة التي تتصاعد على الطرق السريعة؛ في وقت يسيطر المسلحون على طرق الوصول القادمة من السنغال وساحل العاج.

وفي مواجهة هذا التدهور السريع، حثّت العديد من الدول الغربية، بما فيها الولايات المتحدة وألمانيا، وسويسرا، وكندا، مواطنيها على مغادرة مالي. وتأتي هذه التوصيات في ظلّ تزايد انعدام الأمن، كنتيجةٍ مباشرةٍ للحصار المفروض على البلاد.

وفي الأرياف، يفرض متشددو جماعة نصرة الإسلام تعاليم متطرفة، ويُلزمون النساء بارتداء الحجاب، ويُفصلون عن الرجال في وسائل النقل العام.

ولحد الآن يبدو المجلس العسكري الحاكم الذي وصل إلى السلطة بعد انقلابين في عامي 2020 و2021، عاجزا عن استعادة السيطرة على البلاد، والمتشددون يملؤون الفراغ، لأن قوتهم ونفوذهم آخذان في التزايد.

السيناريو الأفغاني

ويخشى خبراء في المنطقة من سيناريو مشابه للوضع الأفغاني، وبالتالي استيلاء الجهاديين السريع على السلطة.

وما يثير التكهنات، توجيه سفارة واشنطن في باماكو، نداءاً عاجلاً إلى رعاياها في مالي قائلة في بيان، اليوم الثلاثاء، أن "الصراع المسلح المستمر بين الحكومة المالية والعناصر الإرهابية حول باماكو، تزيد من عدم القدرة على التنبؤ بالوضع الأمني في باماكو".

ودعت المواطنين الأمريكيين الموجودين، حاليًا، في مالي لمغادرة البلاد فورًا باستخدام الطيران التجاري حيث لا يزال مطار باماكو الدولي مفتوحًا والرحلات متاحة، مع الامتناع عن السفر عبر الطرق البرية إلى الدول المجاورة غير الآمنة للسفر بسبب الهجمات على الطرق السريعة الوطنية

أخبار ذات علاقة

مبنى السفارة الأمريكية في باماكو عاصمة مالي

بسبب مخاطر أمنية.. أمريكا تسمح بمغادرة موظفيها من مالي

وفي مواجهة الأزمة، أعلن الجيش المالي فرض قيود على إمدادات الوقود اعتبارًا من 26 أكتوبر، مع إعطاء الأولوية لمركبات الطوارئ والنقل العام والمركبات الحكومية المشاركة في إدارة الأزمة، وفق اللجنة الوزارية المشتركة التي حددت 12 محطة مختارة في باماكو.

وبالنسبة لجماعة نصرة الإسلام، يُعدّ الحصار إجراءً انتقاميًا لحظر السلطات المالية بيع الوقود خارج محطات الوقود في المناطق الريفية، حيث يُنقل الوقود في صفائح لبيعه لاحقًا.

وكان الهدف من هذا الإجراء، وفقًا للسلطات المالية، تجفيف مصادر إمداد المتشددين.

logo
تابعونا على
جميع الحقوق محفوظة © 2025 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC