أوقفت المحكمة العليا البريطانية رئيس الوزراء كير ستارمر من توقيع اتفاقية مثيرة للجدل كانت مقررة صباح اليوم، تقضي بتنازل بريطانيا عن سيادتها على أرخبيل جزر شاغوس في المحيط الهندي لصالح موريشيوس، وذلك بعد إصدار أمر قضائي طارئ قبل ساعات من موعد التوقيع.
ووفق ما ذكرته صحيفة "ديلي ميل"، أصدر القاضي غوس قرارًا بـ"إغاثة مؤقتة" في الساعة 2:25 فجراً بتوقيت لندن، استجابةً لدعوى قضائية رفعتها بيرتريس بومبي، وهي إحدى امرأتين من سكان شاغوس الأصليين، تعارضان الاتفاقية التي اعتبرتاها تهدد حقهما في العودة إلى الجزر التي وُلدتا فيها.
وكان من المقرر أن يشارك رئيس الوزراء ستارمر في حفل توقيع افتراضي إلى جانب ممثلين عن حكومة موريشيوس، يعلن فيه، رسمياً، عن تسليم الجزر، التي تشمل قاعدة دييغو غارسيا العسكرية، مقابل صفقة تؤجر بموجبها بريطانيا القاعدة لمدة 99 عاماً، بتكلفة سنوية تُقدّر بنحو 90 مليون جنيه إسترليني.
ورغم تجميد الاتفاقية، أصرت الحكومة البريطانية على المضي في المفاوضات، وقالت متحدثة باسمها: "لا نعلّق على القضايا القانونية الجارية، ولكن هذه الصفقة تمثل القرار الصحيح لحماية الشعب البريطاني وأمننا القومي".
الاتفاق، الذي تم التفاوض عليه خلال الأشهر الماضية، يتضمن أيضًا بندًا لتمديد عقد إيجار القاعدة 40 عامًا إضافية، في حال أُقر. ويُنظر إلى القاعدة باعتبارها محورًا إستراتيجيًا مهمًا للعلاقات الأمنية بين لندن وواشنطن، في ظل تصاعد التوترات في المحيط الهندي والتوسع الصيني في المنطقة.
وفي كلمته أمام مجلس العموم هذا الأسبوع، دافع وزير الدفاع جون هيلي عن الاتفاق قائلاً إن قاعدة دييغو غارسيا "ضرورية لأمن المملكة المتحدة" و"أساسية للتحالف الدفاعي مع الولايات المتحدة"، مشيراً إلى أن الحكومة الحالية مضطرة للمضي قدماً، كما فعلت الحكومة السابقة، استجابة للأحكام القانونية الدولية التي صبّت لصالح موريشيوس.
وكانت الأمم المتحدة ومحكمة العدل الدولية قد أصدرتا آراء قانونية، في السنوات الماضية، تؤكد أن الجزر ينبغي أن تُعاد إلى موريشيوس، التي استقلت عن بريطانيا في ستينيات القرن الماضي، بينما احتفظت لندن بسيطرتها على جزر شاغوس، التي أُقيمت عليها، لاحقاً، قاعدة عسكرية أمريكية – بريطانية مشتركة.
الخطوة المفاجئة من المحكمة العليا أعادت تسليط الضوء على قضية سكان شاغوس الأصليين، الذين أُجبروا على مغادرة دييغو غارسيا بحلول العام 1973 لإفساح المجال أمام بناء القاعدة، حيث ما زال الكثير منهم يناضل من أجل العودة إلى وطنهم الأم.
وفي حين يأمل منتقدو الاتفاق في أن يُمهل القرار القضائي الحكومة وقتاً لإعادة النظر، يتخوف آخرون من أن أي تراجع في الصفقة قد يفاقم الخلافات القانونية، ويضع بريطانيا في موقف حرج دولياً، خاصة بعد دعم الرياض للمبادرة ومحاولة استثمار الاتفاق لتعزيز النفوذ الإقليمي البريطاني.