تحت شعار "الحلم الأوروبي"، توجه الألبان، اليوم الأحد، إلى صناديق الاقتراع لاختيار ممثليهم في انتخابات تشريعية تُعد اختبارًا حاسمًا لمستقبل البلد، ولموازين القوى بين السلطة والمعارضة.
ويسعى رئيس الوزراء المنتهية ولايته، الاشتراكي إدي راما، المرشح الأوفر حظًا في آخر استطلاعات الرأي، إلى الفوز بولاية رابعة على التوالي، إذ وعد بانضمام بلاده إلى الاتحاد الأوروبي بحلول عام 2030.
ويواجه إدي راما (60 عامًا) ائتلافًا يقوده الرئيس اليميني السابق ورئيس الوزراء الأسبق سالي بريشا، البالغ من العمر 80 عامًا، والذي يُعد رمزًا لسقوط الشيوعية، ويأمل في العودة إلى السلطة من خلال هذه الانتخابات، معوّلًا على علاقاته بالولايات المتحدة وكسب تأييد الشباب.
ويقود بريشا المعارضة اليمينية، وقد تحالف مع أكثر من 20 حزبًا في محاولة للإطاحة بإدي راما، ويرتكز برنامجه على الإنعاش الاقتصادي لألبانيا، أو ما يُعرف بـ"ألبانيا العظيمة"، في إشارة إلى شعار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب.
وأطلق راما حملته الانتخابية تحت شعار: "ألبانيا 2030 داخل الاتحاد الأوروبي، فقط مع إدي والحزب الاشتراكي"، متعهدًا بإدخال البلاد إلى الاتحاد الأوروبي.
وتنتظر ألبانيا، التي يبلغ عدد سكانها نحو 2.8 مليون نسمة، منذ عام 2020 موعد انطلاق مفاوضات الانضمام، وهي، إلى جانب الجبل الأسود، تُعتبر الأقرب إلى تحقيق هذا الهدف.
ويقول الباحث في معهد العلوم السياسية والمتخصص في شؤون البلقان، جاك روبنيك: "ألبانيا تتقدم في الإصلاحات، رغم استمرار بعض الانتقادات فيما يخص تهريب المخدرات والجريمة المنظمة"، مؤكدًا أن راما يلعب "دورًا في الاستقرار وتهدئة الأوضاع في المنطقة".
وساهم رئيس الوزراء أيضًا في تعزيز استقلالية القضاء، وهو أحد الشروط التي وضعها الاتحاد الأوروبي، ولم يعد القضاء الألباني يتردد في ملاحقة مسؤولين سياسيين يُشتبه في تورطهم بالفساد.
وفي عام 2024، فتح مكتب الادعاء الخاص بمكافحة الفساد والجريمة المنظمة (SPAK)، الذي أُسس في ديسمبر/كانون الأول 2019، تحقيقات بحق 33 مسؤولًا سابقًا، بينهم وزراء ونواب ومنتخبون محليون، بحسب رئيس المكتب ألتين دوماني.
ومن بين هؤلاء، إيريون فيليا، عمدة تيرانا وأحد المقربين السابقين من راما، والذي أُودع السجن بتهمة الفساد، وهو الآن يتقاسم الزنزانة مع إيلير ميتا، الرئيس الأسبق ورئيس حزب "الحرية"، المتحالف مع سالي بريشا، والمدرج على لائحة مرشحي تحالف "ألبانيا الكبرى".
وقبيل الانتخابات، أطلق "SPAK" منصة إلكترونية تتيح للمواطنين التبليغ عن أي تجاوزات محتملة للقانون الانتخابي من قبل المسؤولين.
وفي مواجهة إدي راما، يعود سالي بريشا إلى الواجهة السياسية، رافعًا شعار "توفير مستقبل للشباب" في "ألبانيا عظيمة" تقوم على الابتكار، والذكاء الاصطناعي، والعملات الرقمية، ومراكز البيانات.
ويأمل من خلال ذلك في استعادة ثقة جيل شاب هاجر بأعداد كبيرة بحثًا عن مستقبل أفضل خارج البلاد، حيث لا يتجاوز متوسط الرواتب 500 يورو شهريًا.
وتشير الأرقام الرسمية إلى مغادرة أكثر من 600 ألف شاب ألبانيا منذ عام 2016، في ظل معدلات بطالة بين الشباب تبلغ نحو 20%، وهي أرقام يُعتقد أنها أدنى من الواقع.
لكن، وكما يرى جاك روبنيك، فإن "سالي بريشا لا يُمثّل بديلًا حقيقيًا عن إدي راما، نظرًا لتقدّمه في السن وأسلوبه السياسي الحاد والمستقطِب" وفق تعبيره.
وعلى الرغم من أنه يستلهم رؤيته من أمريكا ترامب، إلا أنه ممنوع من دخول الولايات المتحدة والمملكة المتحدة منذ عام 2021، بسبب شبهات تتعلق بالفساد والجريمة المنظمة. كما يُحاكم حاليًا في ألبانيا بتهمة "تلقي رشاوى من موقعه كموظف رسمي رفيع".
وبحسب بعض المراقبين، فإن الانتخابات قد لا تأتي بمفاجآت تُذكر، ويقول أحد المستشارين السياسيين في المنطقة: "لا وجود لرهان حقيقي، إدي راما سيفوز، لأنه أحكم السيطرة على النظام".
وأضاف: "ألبانيا دولة على وشك الانهيار، تعاني من مشكلات حوكمة حقيقية قائمة على الفساد، تمامًا كما هو الحال في صربيا، وتُدار بالأسلوب المركزي نفسه".
ومع ذلك، ستكون الانتخابات هذه المرة خاضعة لرقابة دقيقة، إذ سيشارك فيها للمرة الأولى موظفون عموميون وقضاة إلى جانب اللجنة الانتخابية المركزية، بالإضافة إلى نحو 300 مراقب دولي.
