قدم خبراء في العلاقات الدولية مجموعة من السيناريوهات المتوقعة للمشاركة الأمريكية في المعركة الجديدة التي تريد إسرائيل شنها على إيران لإسقاط النظام في طهران.
وكانت الحرب الماضية (حرب الـ 12 يوما) قد توقفت عند حد تدمير منظومات عسكرية ومفاعلات إيرانية، بعد التدخل الأمريكي الثقيل.
وتعددت السيناريوهات، بحسب حديث الخبراء لـ"إرم نيوز"، ما بين تدفق الأسلحة والقنابل الخارقة للتحصينات وتوفير معلومات استخباراتية حول القدرات الصاروخية ومواقع الأهداف الإيرانية لإسرائيل من الولايات المتحدة، وصولا إلى إمكانية تصاعد المشاركة الأمريكية إلى حد تنفيذ ضربات دقيقة وموثقة ضد أهداف إيرانية، خاصة إذا تعرضت مصالح واشنطن أو تل أبيب لتهديد وجودي أو لهجوم واسع النطاق.
وأشاروا إلى أن السيناريو المرشح بقوة حال شعور الولايات المتحدة بوجود تهديد يستهدف قواعدها العسكرية في الشرق الأوسط أو مصالحها الجيواستراتيجية، هو التدخل مباشرة ضد المنشآت الإيرانية عبر استخدام طائرات B-2 والقيام بضربة جوية باستخدام مقاتلاتها المتطورة.
يأتي ذلك في وقت ذهبت فيه مستويات تأرجح الخطاب بين واشنطن وطهران حول إجراء مفاوضات الفترة القادمة، بين الترحيب تارة والرفض تارة أخرى، مرورا بالتلويح بالشروط من الجانبين، إلى تساؤلات حول مدى وجود تفاهمات بين إيران والولايات المتحدة، ووضعية التحرك بعملية عسكرية من جانب إسرائيل مدفوعة بكافة أشكال الدعم من واشنطن، تكون أقوى من حرب الـ12 يوما، لتركيع إيران بالقضاء على برنامجها الصاروخي.
الباحث في الشأن الإيراني، الدكتور نبيل الحيدري، قال إن السيناريو الأول للمشاركة الأمريكية في حرب إيران وإسرائيل المقبلة، يتمثل في تزويد واشنطن تل أبيب بآليات عسكرية لم تزوّدها بها من قبل، تشمل الصواريخ والأسلحة والطائرات الانتحارية بإصداراتها الحديثة، إضافةً إلى وسائل تكنولوجية متطورة خاصة بالعمليات الجوية، وذلك دون مشاركة مباشرة في الحرب.
وأشار إلى أن إسرائيل ستقوم باستخدام هذه التكنولوجيا والقوة الهائلة لتنفيذ ضربة أقوى من حرب الـ12 يوما، التي استهدفت كبار القادة العسكريين في الحرس الثوري والعلماء النوويين، فضلًا عن استهداف المفاعلات النووية الإيرانية.
وأوضح الحيدري في تصريحات لـ"إرم نيوز"، أن السيناريو الثاني يدور في احتمالية اشتراك الولايات المتحدة بشكل مباشر، عبر ما تمتلكه من قوة عسكرية هائلة في المنطقة في ظل التحذيرات التي وُجهت إلى فصائل عراقية بعدم التدخل؛ ما يؤشر على تجهيز استعدادات غير مسبوقة، وذلك بالتزامن مع اجتماع لقادة وجنرالات أمريكيين، وهو ما لا ينبئ فقط بضربة عسكرية مثل السابقة ولكنها تذهب إلى إسقاط النظام الإيراني.
وبيّن الحيدري أن النظام الإيراني يعيش الآن أضعف مراحله اقتصاديا وسياسيا وعسكريا واجتماعيا؛ ما قد يجعل الضربة المتوقعة ذات أثر حاسم، خصوصا بعد أن منع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب خلال الحرب الإسرائيلية الإيرانية الأخيرة من استهداف المرشد الإيراني علي خامنئي، بينما يكون العمل في الضربة المرتقبة على عكس ذلك.
ولفت الحيدري إلى أن ذلك قد ينتهي بتفكك إيران، بحيث لن تبقى دولة واحدة بهذا الحجم الكبير، بل قد تتقسم القوميات والأعراق ضمن إطار ما يُعرف بخريطة الشرق الأوسط الجديدة التي تحدث عنها المسؤولون في الولايات المتحدة وإسرائيل في أكثر من مناسبة.
واستكمل الحيدري أن الضربة الأمريكية الإسرائيلية المحتملة، مع وجود قواعد للولايات المتحدة في المنطقة ستكون قاصمة لم يسبق لها مثيل، وقد تكون أكبر من الحرب العراقية الإيرانية أو من الضربة السابقة في حرب 12 يوما.
ولفت إلى أن واشنطن أبلغت طهران خلال حرب الـ 12 يوما السابقة بضرب منشآتها النووية؛ ما دفع الأخيرة إلى إخفاء بعض مكونات مفاعلاتها النووية الجديدة، إلا أن هذه المواقع بحسب رأيه، ستكون هدفا مباشرا للضربات المقبلة، إضافةً إلى استهداف القيادات العليا بعد المرشد، من رئيس الدولة إلى كبار المسؤولين في النظام.
ويرى الباحث في العلاقات الدولية، الدكتور محمد هويدي، أن هناك عدة سيناريوهات محتملة للمشاركة الأمريكية في الحرب الإسرائيلية على طهران، وقد تختلف مستوياتها تبعا لتقييم واشنطن لطبيعة المعركة، كما جرى في الحرب الـ 12 يوما الماضية، عندما بدأت بتقديم الولايات المتحدة دعما حيويا لتل أبيب دون الانخراط المباشر في الهجمات على الأراضي الإيرانية.
وأشار إلى أن السيناريو الأول قد يتمثل في تدفق الأسلحة والقنابل الخارقة للتحصينات كما حدث سابقا عند استهداف المنشآت النووية، إضافةً إلى المساعدات اللوجستية وتوفير معلومات استخباراتية حول القدرات الصاروخية ومواقع الأهداف الإيرانية.
وأفاد هويدي في تصريحات لـ"إرم نيوز"، بأن السيناريو الثاني يتمثل في إمكانية تصاعد المشاركة الأمريكية إلى حد تنفيذ ضربات دقيقة وموثقة ضد أهداف إيرانية، خاصة إذا تعرضت مصالح واشنطن أو تل أبيب لتهديد وجودي أو لهجوم واسع النطاق.
وأوضح أنه حال شعور الولايات المتحدة بوجود تهديد يستهدف قواعدها العسكرية في المنطقة أو مصالحها الجيواستراتيجية، ستتدخل مباشرة ضد المنشآت الإيرانية عبر استخدام طائرات B-2 والقيام بضربة جوية باستخدام مقاتلاتها المتطورة، مشيرا إلى أن هذا السيناريو مرشح بقوة في حال تصاعد التهديدات.
السيناريو الثالث الأكثر تعقيدا، بحسب وصف هويدي، يتمثل في تجنب الانجرار إلى حرب إقليمية شاملة إذا تطورت الأمور وخرجت عن السيطرة، مؤكدا أن إيران تنظر إلى هذه الحرب على أنها معركة وجود، ولذلك لن تتوانى عن استخدام كل أدواتها وإمكاناتها للدفاع عن نفسها.
ولفت إلى أنه إذا حدث تصعيد كبير، فقد تتجه المنطقة نحو حرب إقليمية، خصوصا إذا أقدمت طهران على إغلاق مضيق هرمز أو إعاقة الملاحة في البحر الأحمر بشكل واسع.
ويؤكد هويدي أن هذا الاحتمال قد يدفع الولايات المتحدة إلى التدخل لحماية الملاحة والمصالح الاستراتيجية في البحر الأحمر من أي تهديدات بحرية، إضافة إلى إمكانية تدخلها إذا شنت إيران هجوما يفوق قدرات الدفاع العسكري الإسرائيلي.
وأكد أن طبيعة الموقف الأمريكي ستعتمد على حجم الرد أو الهجوم الإيراني ومدى تدميره أو توسعه، الأمر الذي قد يؤدي إلى الانزلاق نحو مستنقع حرب مفتوحة، مع استمرار استخدام الدبلوماسية والتهديدات لمحاولة ردع التصعيد من الطرفين.
وذكر هويدي أن السيناريوهات المتعددة لا تلغي حقيقة أن الولايات المتحدة تسعى إلى ممارسة أقصى درجات الضغط على إيران لدفعها إلى قبول شروط واشنطن، كما تهدف في الوقت نفسه إلى تفكيك البرنامج النووي الإيراني.
وأضاف: "إننا نقف أمام سيناريوهات متشابكة ومعقدة، وإذا ما تطورت الأمور، فقد تنجر المنطقة إلى حرب إقليمية تُستهدف فيها القواعد الأمريكية وتشارك فيها أطراف حليفة لإيران أو مرتبطة بها، وهو ما لا ينسجم مع المصالح الأمريكية، خاصة في ظل إدارة ترامب الذي يسعى إلى عقد الصفقات باستخدام القوة كوسيلة ضغط".
وأشار إلى أن ما يحدث اليوم هو محاولة لدفع إيران إلى عقد صفقة مع الولايات المتحدة؛ وهو ما يتوافق مع تصريح المبعوث الأمريكي توم باراك الذي أكد أن أي عملية تستهدف تغيير الأنظمة لن تنجح.
وأوضح أن أهداف إسرائيل في تغيير النظام السياسي في طهران فشلت خلال حرب الاثني عشر يوما، كما فشلت في منع إيران من إنجاز برنامجها النووي أو إضعاف نفوذها في المنطقة على الرغم من سقوط حليفها في دمشق.