logo
العالم
خاص

"خنق اقتصادي" أم حرب؟.. ترامب يعيد رسم معادلة الردع مع إيران

معرض عسكري في طهرانالمصدر: (أ ف ب)

كشفت مصادر دبلوماسية أمريكية أن الرئيس دونالد ترامب يميل في المرحلة المقبلة إلى استبدال خيار المواجهة العسكرية مع إيران، بخطة تعتمد تشديد العقوبات أقصاها، بهدف تحقيق تأثير أسرع وضغط أقوى على طهران.

وتتمثل العقوبات في إصدار وزارة الخزانة الأمريكية، خلال الفترة القادمة، حزمة من العقوبات على قيادات بالحرس الثوري، لتفكيك نفوذهم وسيطرتهم على القرار داخل النظام الإيراني، ومن ثم الرضوخ للتفاوض الجاد خلال الربع الأول من العام القادم 2026.

أخبار ذات علاقة

جزر كوك

"أعلام للإيجار".. كيف تستغل روسيا وإيران ثغرات جزر كوك للتحايل على العقوبات؟

وأوضحت المصادر في تصريحات لـ"إرم نيوز"، أن "ترامب إذا دخل مواجهة عسكرية مع إيران هذه المرة ستكون نتائجها أكبر وأقسى من حرب الـ12 يومًا وستؤدي إلى سقوط النظام، وهو ما يضعه كحل أخير، لافتة إلى أن اللجوء لذلك سيكون بعد تجاوز انتخابات الكونغرس حتى لا يؤثر ذلك في الحزب الجمهوري".

وذهبت مستويات تأرجح الخطاب بين واشنطن وطهران حول إجراء مفاوضات الفترة القادمة، بين الترحيب تارة والرفض تارة أخرى، مرورًا بالتلويح بالشروط من الجانبين، إلى تساؤلات حول مدى وجود تفاهمات بين إيران والولايات المتحدة، ووضعية التحرك بعملية عسكرية من جانب إسرائيل مدفوعة بكافة أشكال الدعم من واشنطن، تكون أقوى من حرب الـ12 يومًا، لتركيع إيران بالقضاء على برنامجها الصاروخي.

ومن أبرز أشكال التعاطي الهادئ في التصريحات المتبادلة مؤخرًا بين واشنطن وطهران، استبعد رئيس البرلمان الإيراني محمد باقر قاليباف احتمال اندلاع حرب جديدة في المنطقة، مشيرًا إلى أن أبواب الدبلوماسية لا تزال مفتوحة، فيما أكدت إدارة دونالد ترامب في أحدث وثيقة لـ"إستراتيجية الأمن القومي الأمريكية" تراجع تهديدات إيران مقارنة بالسنوات الماضية.

ويقول مصدر مطلع بوزارة الخارجية الأمريكية، إن ترامب لا يريد توجيه عملية عسكرية جديدة على إيران في الوقت الحالي ضد برنامجها الصاروخي والنووي من خلال إسرائيل، في ظل رهانه على أن تدفع "خنقة" العقوبات بأقصى حد النظام في طهران إلى مفاوضات جادة في الربع الأول من عام 2026.

وبيّن المصدر أن ترامب يضع برنامج حزم عقوبات على طهران، لن يتوقف عند العقوبات التي أُصدرت الشهرين الماضيين على كيانات وأفراد وشركات إيرانية مرتبطة بالنظام الإيراني، ولكن سيكون هناك حزم تدريجية يتم فرضها الأشهر القادمة لزيادة "خنق" النظام، ليكون الذهاب إلى مفاوضات حقيقية ومنجزة لا يكون فيها أيّ مقايضات أو ربط ملف بآخر، مثلما هي الحال حاليًّا عبر قنوات الاتصال عبر وسطاء.

وأفاد المصدر بأن حزم العقوبات القادمة هدفها العمل على تجفيف نفوذ قيادات بالنظام في الحرس الثوري، مشيرًا إلى أن الضغط أكثر على هؤلاء سيفكك قدرًا كبيرًا من سيطرتهم على قرار النظام ويعطي مناخًا مؤهلاً للتفاوض خلال الفترة القليلة القادمة.

وتابع المصدر أن إدارة الرئيس ترامب تعمل على إعطاء الفرصة كاملة لإيران لتجهيز ملف تفاوض حقيقي ومنع الذهاب إلى حرب جديدة.

ورغم حالة "الحوار عن بعد" بين واشنطن وطهران، فإن الأخيرة تقع بين هواجس تجعلها متخبطة، أبرزها أن "تنعيم" لغة الولايات المتحدة حول التفاوض قد يحمل نوعًا من "التنويم" لإيران، مثلما جرى في يونيو الماضي عندما كان صوت التفاوض عاليًا، فكانت الضربات الإسرائيلية عبر العملية العسكرية "الأسد الصاعد" التي شاركت فيها الولايات المتحدة وأوجعت الداخل الإيراني كثيرًا.

ومن بين الهواجس التي تقف أمامها طهران، زيادة ضغوط العقوبات الأمريكية الحالية بالإضافة إلى ما هو أصعب مع تفعيل "آلية الزناد"؛ ما جعل المجتمع الإيراني في حالة معاناة متصاعدة أمام صعوبة الوضع الاقتصادي، وفي ظل مخاوف من خروج الوضع الداخلي عن السيطرة.

ويرى الخبير في الشأن الإيراني الدكتور أحمد الياسري، أن "هناك قاعدة يتم ترسيخها بعمق مع الوقت لسياسات البيت الأبيض في عهد ترامب، وهي التي تقوم على الصفقات وإجرائها مع الأعداء الإستراتيجيين، وهو ما تم في أكثر من حالة دولية وحتى على المستوى الداخلي، حيث وضحت في تعامل الرئيس الجمهوري مع الحزب الديمقراطي ووصلت إلى عمدة نيويورك زهران ممداني".

وأضاف الياسري في تصريحات لـ"إرم نيوز"، أن "ترامب شخصية مائية لا تصطدم بشيء وتصطدم بكل الأحجار وتلتف حولها أيضًا"، مشيرًا إلى أن "الملف الوحيد الذي لم تحضر فيه عقلية الصفقات هو الإيراني، وذلك الأمر ما زال بعيدًا بعض الشيء نظرًا لواقعين: الأول توظيف إسرائيل للحضور الأمريكي في المنطقة لمصالحها من جهة، ومن جهة أخرى حالة العناد الإيراني التي تتأرجح".

ويعتقد الياسري أنه "في حال حدوث تحولات في السياسة الإسرائيلية الداخلية واستمرار الضغط الشعبي القائم في إيران حاليًّا، في ظل وجود تململ وإرهاق شعبي من الوضع الاقتصادي على أثر فشل مشروع طهران الإقليمي في المنطقة، قد يحدث نوع من الذوبان للعناد الإيراني، وهنا يحضر فكر صفقات ترامب الذي تعتمده إدارته في كافة الملفات من أوكرانيا إلى الصين وحتى مع الأوروبيين وفي مواقع أخرى عدة".

طبيعة الخطاب بين مسؤولي البلدين

ويرجح الياسري أن "الأمر لا يذهب فقط إلى مسار المواجهة، ومع ترامب المتغيرات قد تجري في يوم وليلة"، لافتًا إلى أن "التغيير في طبيعة الخطاب بين مسؤولي البلدين هو نوع من أنواع التهيئة لإجراء صفقة معينة، ولكن نسب حدوثها أقل بكثير أمام نسب التحدي، في وقت يعمل فيه الجانب الإصلاحي بالداخل الإيراني على احتواء ترامب".

وبدوره، يقول الباحث في العلاقات الدولية الدكتور سعد عبد الله الحامد، إن "المسؤولين الإيرانيين خلال الفترة السابقة لديهم العديد من التصريحات حول عدم الموافقة على التفاوض بخصوص برنامجهم النووي الصاروخي، لأن أي اتفاق مع الغرب سيحمل سقفًا للمطالب فيما يتعلق بالصواريخ البالستية والقضايا الإقليمية وحقوق الإنسان، في وقت رفعت فيه طهران قيود مدى الصواريخ البالستية ليزيد على أكثر من 2700 كم، وهو ما يعتبر تغييرًا جذريًّا في العقيدة الدفاعية الإيرانية".

منشأة نووية إيرانية

ويؤكد الحامد لـ"إرم نيوز"، أن "جانبًا من السلطة في إيران يرى أن عدم التفاوض في هذه الفترة أمر مناسب لتعزيز القدرات الدفاعية، في وقت يُرجّح أن أي حرب تجاهها قد تكون في النصف الثاني من العام القادم، بسبب طول المسار التفاوضي بين حماس وإسرائيل، المنشغل به ترامب عن ملفات أخرى".

وأشار الحامد إلى أن "طهران تريد إطالة أمد مرحلة الانشغال عنها، وأيضًا دائرة الحديث عن تفاوض، للهروب من حقبة ترامب لحين مجيء رئيس قادم للولايات المتحدة تتغير معه المعادلة، في ظل رغبة إيران في اعتراف واشنطن بأنها قوة فاعلة ولديها ردع في المنطقة".

واستكمل الحامد بالقول: إن "الحرب الآن ليست ممكنة في هذه الفترة بسبب المتغيرات الجارية في المنطقة، والتي في صدارتها انشغال واشنطن بتنفيذ خطة السلام في غزة، بالإضافة إلى مدى استجابة طهران للضغوطات الغربية، في وقت يراهن فيه الأوروبيون على "سناب باك" للضغط على الداخل الإيراني للعودة إلى طاولة المفاوضات".

logo
تابعونا على
جميع الحقوق محفوظة © 2025 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC