ترامب يوقع أمرا تنفيذيا يجيز فرض عقوبات على دول متواطئة في احتجاز أمريكيين "بشكل غير قانوني"
يُسلّط الهجوم الأخير لِما يسمى بجماعة نصرة الإسلام المتطرفة وسيطرته على عاصمة إقليمية، الضوء على قدرتها اجتياح المراكز السكانية في منطقة الساحل الإفريقي من جهة، وعلى إخفاقات المجلس العسكري البوركينابي المُعرّض للانقلابات الذي استعان بالدعم الروسي لاستعادة الاستقرار الأمني.
وسيطرت جماعة تابعة لتنظيم القاعدة في منطقة الساحل، على عاصمة إقليمية في بوركينا فاسو لساعات، بعدما هاجم المئات من المتطرفين مدينة جيبو واجتاحوا القاعدة العسكرية في المدينة مستهدفين المدنيين الذين يشتبه في صلتهم بالميليشيات الموالية للحكومة. وأجبرت المجموعة المتشددة الدعم الجوي البوركينابي على التراجع من المنطقة بمدافع مضادة للطائرات، والتي استولت عليها في هجمات سابقة على قواعد عسكرية.
وقال السكان المحليون للتلفزيون الحكومي، إن الهجوم أوقع أكثر من 100 ضحية، في حين زعمت جماعة نصرة الإسلام في 15 مايو أن الهجوم أسفر عن مقتل 200 جندي بوركيني.
وقبلها بأيام هاجمت بشكل منفصل ما يصل إلى ثمانية مواقع أخرى، بما في ذلك هجوم أسفر عن مقتل 60 جنديًّا بوركينابيًّا؛ ما جعل هذه الهجمات من بين الأكثر دموية في البلاد منذ سقوط مئات الضحايا في بارسالوغو، شمال بوركينا فاسو، في أغسطس 2024.
وحدثت العمليات المتطرفة الأخيرة في منطقة تداخل بين جماعة النصرة وكتيبة ماسينا، حيث تنشط الأولى في منطقة الحدود الثلاثية بين بوركينا فاسو ومالي والنيجر، بينما تعمل كتيبة ماسينا في غرب بوركينا فاسو ووسط وجنوب وغرب مالي. ووفق مصادر أمنية متعددة فإن الحكومة المالية شجعت سلسلة من اتفاقات وقف إطلاق النار بين القادة المحليين وكتيبة ماسينا في وسط مالي في وقت سابق من هذا العام؛ ما دفع المجموعة إلى رفع الحصار عن المدن المالية وتحرير الموارد لتوجيهها عبر الحدود إلى بوركينا فاسو.
ويرجح خبراء أن هذه التطورات أسهمت في انخفاض هجمات جماعة النصرة على الجانب المالي من الحدود في منطقة موبتي، بينما زادت الهجمات ونشاط الإرهاب في بوركينا فاسو.
وتكشف تقارير استخباراتية غربية بدء كتيبة ماسينا بشكل منفصل في استخدام الطائرات دون طيار لإسقاط المتفجرات على مواقع الجيش في بوركينا فاسو في مارس الماضي، بعد تنفيذ عدد قليل من هذه الهجمات في بوركينا فاسو ومالي في عام 2024.
ويلفت معهد دراسة الحرب الأمريكي في 15 مايو الجاري، إلى خطاب جماعة النصرة في الأشهر الأخيرة بأنها قد تكثف هجماتها على المدن المحاصرة كجزء من حملة الضغط، وسط ترجيح سيطرة الجماعة بشكل مباشر على المراكز السكانية الرئيسة.
وتهدف تكتيكات المتطرفين إلى ثني المدنيين عن التعاون مع موظفي الدولة وإجبار المجتمعات على اتفاقيات تفرض حكمًا غير مباشر للسيطرة المباشرة على المدن وإدارتها.
ويؤكد رئيس المركز الدولي للتحليل والتنبؤ السياسي في موسكو دينيس كوركودينوف في تصريح خاص لـ"إرم نيوز"، هشاشة الحكم الذي أصبح يعيشه المجلس العسكري في بوركينافاسو، حيث "يواجه مشاكل حادة في الحفاظ على الأمن القومي، لذلك طرق الرئيس الانتقالي إبراهيم تراوري أبواب روسيا من أجل الحصول على دعم حليف قوي مثل موسكو".
ووصل تراوري، إلى السلطة في سبتمبر 2022 نتيجة انقلاب عسكري، أطاح بالرئيس بول هنري سانداغو داميبا. وتلخصت الشكاوى الرئيسة الحالية ضد المجلس العسكري في عجزه عن مواجهة تمرد المتطرفين بفاعلية وفق المحلل الروسي.
وحسب دينيس كوركودينوف، في مقابل المساعدة العسكرية، تتوقع روسيا ليس فقط توسيع نطاق وجودها العسكري في المنطقة، بل أيضًا الحصول على عقود جديدة لإنتاج النفط والغاز في بوركينا فاسو.
وتابع يقول "يُعد التعاون بين بوركينا فاسو وروسيا من الأولويات حاليًّا، إذ سيحل العديد من المشاكل، بما في ذلك الاقتصادية والاجتماعية. بالإضافة إلى ذلك، ونظرًا لغنى القارة الإفريقية بالموارد الطبيعية، وخاصة موارد الطاقة، يبدو التعاون بين روسيا وبوركينا فاسو مفيدًا للغاية لكلا الطرفين".
لكن مع ذلك، يحذر معهد الحرب الأمريكي من تربص خطر الانقلاب ضد المجلس العسكري البوركينابي الذي لجأ إلى روسيا وإيران للحصول على دعم لنظامه. وزار قائد إنفاذ القانون الإيراني بوركينا فاسو، كجزء من زيارة متعددة المحطات إلى إفريقيا في 6 مايو "لمشاركة الخبرة الأمنية"، والتي من المحتمل أن تكون مرتبطة بتكتيكات القمع الداخلي.
وعاد إبراهيم تراوري من موسكو، في 11 مايو، حيث حضر احتفالات يوم النصر والتقى بالرئيس الروسي فلاديمير بوتين. وسبق له أن زعم إحباط محاولة انقلاب في أبريل، وساعدت هجمات كبيرة مماثلة لتلك التي وقعت في 11 مايو في التحريض على محاولات انقلاب في السابق.
وأفادت الشهر الماضي، صحيفة "لوموند" الفرنسية بأن المجلس العسكري اعتقل أعضاء من وحدات النخبة البوركينابية تورطت بمؤامرة الانقلاب، بما في ذلك أعضاء من قوة حماية تراوري وألوية كتيبة التدخل السريع النخبة.