في خطوة تثير العديد من التساؤلات، تسعى كل من بوركينا فاسو والنيجر إلى تعزيز علاقاتهما مع نظام طالبان في أفغانستان، رغم كونهما هدفًا لتمرد متشدد تقوده جماعات مرتبطة بتنظيم القاعدة.
ويشير هذا التقارب إلى محاولة لإعادة رسم التحالفات الإقليمية والدولية، في ظل تصاعد العزلة الدبلوماسية التي تواجهها الحكومتان العسكريتان في واغادوغو ونيامي بعد الانقلابات الأخيرة.
ووفقًا لمجلة "جون أفريك" الفرنسية، استقبلت سفارة طالبان في طهران في 12 مايو وفدًا رسميًا من بوركينا فاسو، برئاسة سفيرها لدى إيران، محمدي كابوري.
وناقش الجانبان تعزيز التعاون في مجالات التجارة والزراعة والتعدين، إلى جانب تنظيم زيارات لوفود من القطاع الخاص لتعزيز العلاقات الاقتصادية.
وأوضحت المجلة أن هذا التقارب بين الجانبين جاء في توقيت لافت؛ إذ تزامن مع هجوم دموي شنّه تنظيم "أنصار الإسلام"، التابع لجماعة "نصرة الإسلام والمسلمين" المرتبطة بالقاعدة، على شمال بوركينا فاسو، أسفر عن مقتل العشرات والاستيلاء على مواقع عسكرية ومقرات حكومية في مدينة جيبو.
رغم العلاقات التاريخية لطالبان مع تنظيم القاعدة، فإنها تسعى منذ عودتها إلى الحكم إلى كسر عزلتها الدولية، حيث حققت بعض التقدم في هذا السياق، إذ قبلت الصين بتعيين سفير لطالبان في بكين أواخر 2023، وأزالت روسيا الحركة من قائمتها للتنظيمات الإرهابية في أبريل الماضي.
يشار إلى أن الأمم المتحدة وبعض القوى الكبرى تروج لسياسة "الانخراط المشروط" مع طالبان.
كما التقى سفير النيجر في طهران، سيدو زاتاوي علي، مع نظيره الطالباني، في 23 أبريل في لقاء ركّز على التعاون الدبلوماسي والاقتصادي؛ مما يشير إلى توجه منسق داخل تحالف دول الساحل (AES) نحو شراكات غير تقليدية.
وتعاني الدولتان من ضغوط خانقة اقتصاديا؛ بوركينا فاسو تواجه ارتفاعًا حادًا في ديونها الداخلية التي بلغت 7 مليارات يورو، بينما علّقت النيجر صادراتها النفطية بسبب خلافات مع شركة صينية وأزمة دبلوماسية مع بنين.
وتشير بيانات مؤشر الإرهاب العالمي 2025 إلى أن منطقة الساحل الأفريقي تشهد أكثر من نصف ضحايا الإرهاب عالميًا، حيث تصدرت بوركينا فاسو القائمة للعام الثاني على التوالي.
بدورهم، يرى مراقبون أن فتح قنوات مع طالبان قد يكون محاولة غير مباشرة لفتح حوار مع قيادات الجماعات المتشددة، بحثًا عن مخرج سياسي للأزمة المستفحلة في الساحل، في ظل محدودية النتائج العسكرية وتزايد الكلفة الإنسانية والأمنية للنزاع.