يعتزم معظم قادة الدول الكبرى أو رؤساء الحكومات، حضور جنازة البابا فرنسيس يوم السبت، لكن إسرائيل لن يمثلها سوى سفيرها لدى الفاتيكان.
وقال دبلوماسيون إن قرار التمثيل عند أدنى مستوى يُعد دلالة على مدى تدهور علاقات إسرائيل مع الفاتيكان منذ بدء الحرب في غزة عام 2023.
ويأتي أيضا في أعقاب قرار الحكومة الإسرائيلية بحذف منشور على وسائل التواصل الاجتماعي قدمت فيه التعازي في وفاة البابا.
وبعد وقت قصير من إعلان وفاة البابا فرنسيس يوم الاثنين، نشر حساب إسرائيل الرسمي على منصة "إكس" رسالة جاء فيها "ارقد في سلام أيها البابا فرنسيس. لتكن ذكراه مباركة". كما عرض صورة للبابا وهو يزور حائط البراق في القدس.
وجرى حذف المنشور لاحقا دون تفسير. ونقلت صحيفة "جيروزاليم بوست" عن مسؤولين في وزارة الخارجية قولهم إنه نُشر "عن طريق الخطأ".
كانت إسرائيل أرسلت وفدا رئاسيا لحضور جنازة البابا يوحنا بولس الثاني، آخر بابا تُوفي وهو في منصبه، عام 2005. وقالت السفارة الإسرائيلية لدى الفاتيكان إن يارون سايدمان سفيرها الذي يشغل منصبه منذ سبتمبر أيلول سيمثلها في جنازة البابا فرنسيس.
وقال دبلوماسي طلب عدم الكشف عن هويته "الأمر بسيط للغاية.. آمل أن يتمكن الجانبان من تجاوز الخلافات والخروج من هذه الأزمة معا".
وقلصت السفارة الإسرائيلية لدى الفاتيكان رد فعلها على مواقع التواصل الاجتماعي بشأن وفاة البابا، إلى حد مجرد إعادة نشر رسالة تعزية للمسيحيين في الأرض المقدسة وفي أنحاء العالم، وجّهها الرئيس الإسرائيلي إسحق هرتسوغ، الذي وصف البابا فرنسيس بأنه "رجل ذو إيمان عميق وتعاطف لا حدود له".
ولم يُعلّق رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الذي يقود ائتلافا يمينيا متطرفا من الأحزاب الدينية والقومية، على وفاة البابا حتى ظهر اليوم الأربعاء.
تدهورت العلاقات بين الفاتيكان وإسرائيل باطراد منذ هجوم حركة حماس على إسرائيل في السابع من أكتوبر تشرين الأول 2023، مما تسبب في مقتل نحو 1200 شخص واحتجاز حوالي 250 رهينة في غزة.
وذكرت السلطات الصحية الفلسطينية أن أكثر من 50 ألف شخص قتلوا في غزة منذ ذلك الحين، ونزح معظم سكان القطاع البالغ عددهم 2.3 مليون نسمة.
وبعد شهر من بدء الصراع، اندلع خلاف حاد على ما إذا كان البابا فرنسيس قد استخدم كلمة "إبادة جماعية" لوصف الأحداث في غزة. وقال الفلسطينيون الذين التقوا به إنه قالها، بينما نفى الفاتيكان ذلك.
واجتمع البابا مع أقارب للرهائن الإسرائيليين في اليوم نفسه.
وبعد بدء الحرب، مارس سفير إسرائيل لدى الفاتيكان آنذاك، رافائيل شوتز، ضغوطا على نحو متكرر على أمانة سر دولة الفاتيكان في أواخر عام 2023 وطوال عام 2024، طالبا من البابا أن يكون أكثر حزما في إدانته لحماس.
وقال شوتز عام 2023 "هناك فرق بسيط.. طرف يقتل ويغتصب ولا يكترث بمن هم في صفه. أما الطرف الآخر فيخوض حربا دفاعا عن النفس"، على حد تعبيره.
وفي العام الماضي، وبعد أن وصف أمين سر دولة الفاتيكان الكاردينال بيترو بارولين رد إسرائيل على هجوم حماس بأنه "غير متناسب"، أصدرت السفارة الإسرائيلية بيانا وصفت فيه تصريحاته بأنها "مستهجنة".
وخففت السفارة لاحقا من حدة انتقاداتها، مشيرة إلى خطأ في الترجمة، لكن العلاقات ظلت متوترة.
وفي يونيو حزيران الماضي، وجه وزير خارجية الفاتيكان رئيس الأساقفة بول جالاجر ما يبدو أنه انتقاد لشوتز في مناسبة حضراها معا.
قال جالاجر إن الفاتيكان "لا يغلق أبوابه أمام أحد، ويسعى جاهدا لفهم دوافع الجميع ووجهات نظرهم"، مضيفا "وفي هذا الصدد، يُقدّر بشدة قيام السلطات... بعرض مواقفها في الوقت المناسب عبر المنتديات والقنوات الدبلوماسية المناسبة".
وفي نوفمبر تشرين الثاني الماضي، اقترح البابا فرنسيس، الذي زار الأراضي المقدسة عام 2014، أن يدرس المجتمع الدولي ما إذا كانت الحملة العسكرية الإسرائيلية على غزة تشكل إبادة جماعية، في واحدة من أكثر انتقاداته صراحة لسلوك إسرائيل في حربها مع حماس.
وفي يناير كانون الثاني، وصف البابا الوضع الإنساني في غزة بأنه "مخز"، مما أثار انتقادات من كبير حاخامات روما ريكاردو دي سيني الذي اتهم فرنسيس بأنه يمارس "الغضب الانتقائي" أي أنه يركز اهتمامه بشكل غير عادل على إسرائيل مقارنة بصراعات عالمية أخرى جارية.
وأشاد دي سينيي بالبابا هذا الأسبوع، وألقى نظرة على جثمانه في الفاتيكان. وقال إنه سيحضر جنازة فرنسيس، على الرغم من أنها ستقام في يوم السبت المقدس عند اليهود.