في مشهد يتجاوز الطقوس الدينية إلى رمزية كونية، يستعدّ الفاتيكان لوداع البابا فرنسيس، الرجل الذي طبعت كلماته وجوه الفقراء والمهمّشين في ذاكرة العالم.
ولن تكون ساحة القديس بطرس في روما فقط مسرحاً لجنازة بابا راحل، بل نقطة التقاء لزعماء دول وملوك ورؤساء حكومات، اجتمعوا لتكريم إرث رجل دين تحوّل إلى رمز عالمي للرحمة والعدالة والاعتدال.
وفي تعليقه على رحيل البابا، نشر الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون على منصة "إكس" رسالة جاء فيها: "من بوينس آيرس إلى روما، كان البابا فرنسيس يريد من الكنيسة أن تنقل الفرح والأمل إلى الفقراء، وأن توحّد بين البشر وبين الإنسان والطبيعة. فلتُبعث هذه الرسالة من الرجاء مراراً وتكراراً بعده."
وأضاف موجهاً حديثه إلى جميع الكاثوليك حول العالم، في لحظة من التأمل الجمعي والتضامن الروحي.
وأعلن الفاتيكان أن جنازة البابا فرنسيس، الذي توفّي الاثنين عن عمر ناهز 88 عاماً إثر إصابته بجلطة دماغية، ستُقام صباح السبت الـ26 من أبريل/نيسان الساعة العاشرة، الـ(8:00 ت غ)، في ساحة بازيليك القديس بطرس، وسط مشاركة دولية واسعة من قادة الدول والشخصيات البارزة.
وبحسب بيان رسمي صادر عن الكرسي الرسولي، فإن نعش البابا سيُنقل، صباح الأربعاء، إلى بازيليك القديس بطرس، حيث سيتمكن المؤمنون من إلقاء النظرة الأخيرة عليه، قبل أن يُوارى الثرى في بازيليك القديسة مريم الكبرى (سانتا ماريا ماجوري)، وذلك وفقاً لرغبة البابا التي عبّر عنها في وصيته، حيث طلب أن يُدفن في قبر بسيط، دون أي زينة، يحمل فقط اسمه مكتوباً باللاتينية: Franciscus.
وذكرت صحيفة "لوموند" الفرنسية، أن الجنازة التي يُتوقع أن تستقطب آلاف المشاركين من حول العالم، ستشهد حضور عدد كبير من رؤساء الدول والملوك؛ ما يعكس المكانة العالمية التي تمتع بها البابا فرنسيس. وأكد كلٌّ من الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، والرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، مشاركتهم الرسمية في مراسم التشييع.
ومن بين القادة الذين أعلنوا نيتهم الحضور أيضاً، الرئيس الأرجنتيني خافيير ميلي، ورئيس الوزراء البرتغالي لويس مونتينيغرو، ورئيس البرلمان البرتغالي جوزيه أغيار-برانكو، إلى جانب وزير الخارجية باولو رانجيل. كما أكدت العائلة المالكة الإسبانية حضور الملك فيليبي السادس والملكة ليتيثيا، فيما أعلن رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر أنه سيشارك في الجنازة "لتقديم الاحترام للبابا الراحل".
على الصعيد الأوروبي، ستحضر رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين، إلى جانب رئيس المجلس الأوروبي أنطونيو كوستا؛ ما يُبرز البُعد السياسي والدبلوماسي الذي اكتسبه رحيل البابا، خصوصاً في ظل أدواره المتعددة في دعم قضايا اللاجئين، والسلام، والعدالة الاجتماعية.
ومن المتوقع أن تُشبه مراسم التشييع جنازة البابا يوحنا بولس الثاني في 2005، التي شهدت حضوراً غير مسبوق من قادة العالم. ويتواصل توافد الشخصيات السياسية والدينية إلى روما منذ إعلان الوفاة، في مشهد يُعيد تأكيد النفوذ الرمزي الذي تمتع به الفاتيكان في عهد البابا فرنسيس، الذي تولى منصبه عام 2013 وأمضى سنواته الأخيرة في مقر إقامة متواضع داخل بيت القديسة مارتا.