logo
العالم

ممر لوبيتو في خطر.. هل تخسر واشنطن معركة النفوذ بأفريقيا لصالح التنين الصيني؟

ممر لوبيتو في خطر.. هل تخسر واشنطن معركة النفوذ بأفريقيا لصالح التنين الصيني؟
نواب أمريكيون خلال جلسة للكونغرس- أرشيفيةالمصدر: رويترز
20 يوليو 2025، 5:12 م

حذّر نواب ديمقراطيون في الكونغرس الأمريكي من فقدان واشنطن نفوذها في القارة الأفريقية لصالح بكين؛ بسبب تراجع مساعدات التنمية للمنطقة، ما يُهدد بتعريض العديد من المشاريع الكبرى للخطر، بما في ذلك ممر "لوبيتو".

وسلط تقرير، أعده ديمقراطيون في الكونغرس، الضوء على خطورة تراجع النفوذ الأمريكي في أفريقيا لصالح الصين بسبب تراجع الدعم الأمريكي. وفي حين ينفي الرئيس دونالد ترامب ذلك، فإن إدارته بعيدة كل البعد عن التخلي عن ممر لوبيتو، هذا المشروع الضخم الذي يهدف إلى ربط مناجم النحاس في زامبيا وجمهورية الكونغو الديمقراطية بساحل أنغولا الأطلسي ومينائها الاستراتيجي لوبيتو.

أخبار ذات علاقة

 جو بايدن، في ميناء لوبيتو بأنغولا

ممر لوبيتو.. خيار أمريكا لمواجهة روسيا والصين في أفريقيا

والدليل على ذلك الاستثمارات الجديدة البالغة 2.5 مليار دولار التي أُعلن عنها في منتدى الأعمال الأمريكي الأفريقي، الذي عُقد الشهر الماضي في لواندا، لمشاريع البنية التحتية على طول خط السكك الحديدية الذي يربط جمهورية الكونغو الديمقراطية وزامبيا بمدينة لوبيتو الساحلية الأنغولية.

تشمل هذه المشاريع بناء وتشغيل 22 محطة صوامع حبوب، وتوفير الطاقة الكهرومائية، وإنشاء خط نقل كهرباء بطول 1200 كيلومتر بين أنغولا وجمهورية الكونغو الديمقراطية بتكلفة 1.5 مليار دولار، إذ يُموّل المشروع المستثمر الأمريكي "هيدرو-لينك" ومجموعة "ميترلي".

وأكد التقرير أنه رغم تصريحات ترامب، فإن الاستراتيجية الاقتصادية للرئيس السابق جو بايدن تجاه أفريقيا مُعرضة لخطر التراجع؛ ففي تقرير نُشر في 14 يوليو الجاري، حذَّر الديمقراطيون في لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ من تراجع القوة الناعمة الأمريكية في عهد ترامب لصالح الصين، مُعربين عن أسفهم لتراجع الولايات المتحدة في جميع الميادين بأفريقيا، من الدبلوماسية إلى التنمية الاقتصادية، بما في ذلك الصحة والمساعدات الإنسانية.

أول دراسة عن تأثير تراجع المساعدات

في أول دراسة حالة نقلتها مجلة "جون أفريك" الفرنسية حول تأثير تراجع ميزانيات مساعدات التنمية الأمريكية، يشير التقرير، الذي أعدته النائبة الديمقراطية جين شاهين من نيو هامبشاير، إلى أنه حتى الآن لم توزع مؤسسة تمويل التنمية الدولية الأمريكية القرض البالغ 553 مليون دولار، الذي وعدت به في ديسمبر 2024. والأسوأ من ذلك، أن العديد من مشاريع المساعدات الخارجية المخطط لها لمرافقة قرض مؤسسة تمويل التنمية قد تم تعليقها أو إلغاؤها بعد تفكيك الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية.

ويذكر التقرير أن "التراجع غير المدروس للمساعدات الخارجية الأمريكية من قِبل إدارة ترامب، عطّل ما يقرب من 20 مليون دولار من برامج الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية بخصوص ممر لوبيتو، مما يُعرّض نجاح المشروع على المدى الطويل للخطر". في حين أن هذه التخفيضات "أحدثت ارتباكا بين المستثمرين من القطاعين العام والخاص"، كما حذّر التقرير من أنه في حال لم يُؤمَّن التمويل بحلول نهاية عام 2025، فمن المُحتمل أن يستغلّ مستثمرون آخرون، خاصة الصينيين، هذه الفرصة".

وبدلًا من تعزيز مشاركة الولايات المتحدة في هذا المشروع الحيوي، تُخاطر الإدارة بفقدان استثماراتها الأساسية. في الوقت نفسه، تسعى الصين بقوة إلى تنفيذ مشاريعها الاستراتيجية للبنية التحتية في المنطقة، لتحقيق الهدف النهائي نفسه: ضمان الوصول إلى المعادن الأساسية، كما أشار نواب المعارضة.

مشروع لوبيتو مُهدد

يُفصّل التقرير في جميع برامج التنمية المُخطط لها حول ممر لوبيتو، سواء لرسم خريطة المنطقة أو لمكافحة الفساد المحلي، الذي لم يعد من الممكن تمويله إطلاقا دون الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية.

خُصص له قرض بقيمة 6 ملايين دولار لمساعدة شركة أنغولية على دعم القروض الصغيرة للمزارعين المحليين، كما خُصص 5 ملايين دولار لشركة "أفريسيل" لتطوير منظومة آمنة للأموال المتنقلة والتمويل الرقمي في أنغولا، وخُصصت مساعدة فنية، بقيمة مليوني دولار، لتحسين الشفافية في قطاع التعدين الأنغولي، وخُصصت منحة بقيمة 1.5 مليون دولار من صندوق "باور أفريكا للفرص" لضمان توفير معدات الطاقة لخدمة المجتمعات الزراعية المحلية.

من جهتها، ردت إدارة ترامب مؤكدة أن استراتيجيتها، المركزة على الدبلوماسية التجارية، تمثل صيغا رابحة. وصرح مسؤول أمريكي رفيع المستوى قائلا: "يعتقد الرئيس أن الدول الأفريقية تُتيح فرصًا تجارية هائلة ستؤدي إلى ازدهار مُتبادل. ويُركز نهجه على الشراكة من خلال التجارة وإشراك القطاع الخاص، وليس فقط على المساعدات".

كما يبرز التقرير أنه بينما لا تزال التساؤلات حول ممر لوبيتو عالقة، تمضي الصين قُدما في مشروعها لإعادة تأهيل خط سكة حديد تنزانيا-زامبيا. ويكتب الديمقراطيون في تقريرهم أن هذا المشروع يتضمن "جزءا تدريبيا ومبادرات أخرى للقوة الناعمة تهدف إلى تصدير أسلوب الحكم الاستبدادي للحزب الشيوعي الصيني". ويُحذر المصدر من أن "المشروع الذي سينجح سيُحدد ما إذا كانت المعادن الأساسية ستُشحن إلى المحيط الأطلسي والولايات المتحدة أم إلى المحيط الهندي والصين".

أخبار ذات علاقة

الرئيس الأمريكي أعلن دعمه لممر لوبيتو

"جون أفريك": ممر "لوبيتو" الاستراتيجي يواجه تحدياً في الكونغو

 ويشير الديمقراطيون إلى أن هذا النمط يتكرر في جميع أنحاء أفريقيا؛ فبينما يسعى ترامب إلى خفض برامج الصحة العالمية الأمريكية بنسبة 62% في مقترح ميزانيته لعام 2026، وينسحب من التحالف العالمي للقاحات، تقول لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ الأمريكي إنها "شهدت كيف تُنشئ الشركات الصينية، في إطار مبادرة طريق الحرير الصحي، مشاريع مشتركة مع شركات الأدوية، وتُقدم رحلات مجانية إلى الصين للعاملين الأفارقة في مجال الصحة".

خلال رحلة رسمية إلى أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى في أبريل 2025، لاحظ أعضاء لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ الأمريكي أن شركات أدوية صينية تعاونت مع شركات نيجيرية لإنتاج علاجات لفيروس نقص المناعة البشرية "الإيدز" لم تعد الولايات المتحدة توفرها. تأتي هذه التطورات في الوقت الذي تتخذ فيه نيجيريا خطوات لمنع استيراد الأدوية الصيدلانية من الصين، بحجة وجود أدوية مزيفة وغير مطابقة للمواصفات.

وفي الوقت الذي تسعى فيه الإدارة الأمريكية إلى خفض تمويل عمليات حفظ السلام والتعليم العسكري الدولي، "تُعمّق الصين تعاونها الأمني في القارة الأفريقية، إذ تُقدّم تدريبًا عسكريًا مكثفًا لمسؤولي الأمن الأفارقة".

علاوة على ذلك، كان من شأن إلغاء مبادرة "باور أفريكا"، التي أطلقها الرئيس باراك أوباما، "أن يُعرّض للخطر عقودًا بقيمة تزيد على 26 مليار دولار مع شركات أمريكية، تُقدّم دعمًا يتراوح من معدات محطات الطاقة الفرعية إلى توربينات الغاز والألواح الشمسية".

وفي الختام، سلط تقرير الديمقراطيين الضوء على أن مواجهة إدارة ترامب مع جنوب أفريقيا، الدولة الأكثر تصنيعًا في القارة، يُعرّض مشروع معالجة المعادن الأرضية النادرة في فالابوروا للخطر الذي تقدر قيمة استثماره 50 مليون دولار من مؤسسة تمويل التنمية الأمريكية، الذي يهدف إلى توفير وصول رئيس إلى المعادن الحيوية للشركات الأمريكية.

وهدد دونالد ترامب الرئيس سيريل رامافوزا بفرض رسوم جمركية بنسبة 30% على بلاده، بعد أن وبّخه على "إبادة جماعية".

ونظرًا لموقف الإدارة الحالي تجاه بريتوريا، يُشير التقرير إلى أن "المسؤولين عن تنفيذ برنامج مؤسسة تمويل التنمية الأمريكية مترددون في استئناف العمليات". ومن المرجح أن تُعرّض هذه السياسات، إلى جانب وقف برامج المساعدات الخارجية الأمريكية، نجاح المشروع للخطر.

أخبار ذات علاقة

ترامب خلال اجتماعه مع رئيس جنوب أفريقيا

هل قدم ترامب "أدلة مغلوطة" خلال اجتماعه مع رئيس جنوب أفريقيا؟

 

;
logo
تابعونا على
جميع الحقوق محفوظة © 2024 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC