logo
رومانيا تحت رقابة الروس.. هل تتحول حديقة "الناتو" الخلفية إلى منصة اشتباك؟
التصعيد بين روسيا والناتوالمصدر: إرم نيوز
العالم
خاص

رومانيا تحت رقابة الروس.. هل تتحول حديقة "الناتو" الخلفية إلى منصة اشتباك؟

23 يوليو 2025، 9:30 ص

رأى خبيران أن رومانيا باتت تحت رقابة موسكو في ظل تصاعد الحديث عن إمكانية استخدامها كمنصة دعم غربي لأوكرانيا، خصوصًا مع قربها الجغرافي من الجبهة.

وفي خضم التحولات العسكرية المتسارعة في شرق أوروبا، بدأت رومانيا تخرج تدريجيًا من عباءة "الحديقة الخلفية" لحلف شمال الأطلسي "الناتو"، لتصبح محورًا متقدّمًا في مواجهة روسيا، ومنصة مرشحة للاشتباك غير المباشر في صراع تبدو أوكرانيا ساحته الأولى، لكن أطرافه الإقليمية تتسع بوتيرة متسارعة.

ومنذ العام 2016 تحديدًا، شهدت رومانيا تحولًا لافتًا في موقعها الإستراتيجي ضمن هيكل "الناتو"، عندما أصبحت، رسميًا، جزءًا من منظومة الدرع الصاروخي الأمريكية في أوروبا، عبر نشر صواريخ متقدمة في قاعدة "ديفيسيلو".

واعتُبر ذلك، وفقاً للمراقبين، لحظة مفصلية في التمركز العسكري للناتو على الجبهة الشرقية، خاصة أن موسكو اعتبرت هذه الخطوة تهديدًا مباشرًا لمنظومتها النووية الرادعة.

أخبار ذات علاقة

تجمع انتخابي في رومانيا

رومانيا.. كيف تحولت الانتخابات إلى "ساحة صدام" بين روسيا والغرب؟

 ومنذ ذلك العام، تكثفت الاستثمارات العسكرية الغربية على الأراضي الرومانية، وشملت تعزيز الدفاعات الجوية، وتوسعة البنية التحتية للقواعد العسكرية، خاصة قرب الساحل الشرقي للبلاد، كما تم توسع دور قاعدة "ميهاي كوغالنيتشانو" الجوية، الواقعة على بُعد أقل من 400 كيلومتر من سيفاستوبول في شبه جزيرة القرم، لتتحول إلى مركز إستراتيجي بالغ الحساسية في الحسابات الروسية.

وبيّن الخبيران في تصريحات لـ"إرم نيوز"، أن التوتر لا يقتصر على الداخل الروماني فقط، بل يمتد إلى مولدوفا المجاورة، التي تسعى للاندماج مع رومانيا، والانضمام لـ"الناتو"، لكن هناك "عقبة حساسة قد تشعل فتيل أزمة جديدة".

تحذيرات دبلوماسية

وأطلق السفير الروسي لدى رومانيا، فلاديمير ليبايف، تحذيرًا شديد اللهجة، متهمًا الغرب باستخدام الأراضي الرومانية كمنصة للتدخل غير المباشر في الحرب الأوكرانية، عبر تصعيد عسكري "ممنهج" من قِبل دول "الغرب الجماعي" بهدف إطالة أمد النزاع دون تورط مباشر.

وذكر أن رومانيا أصبحت مركزًا لنشاط عسكري متسارع، بدءًا من نشر منظومات الدفاع الصاروخي، ومرورًا بتوسعة القواعد الأمريكية، ووصولًا إلى استقبال مزيد من القوات والتجهيزات التابعة لـ"الناتو".

عقبات سياسية وجغرافية

وقال المحلل السياسي والخبير في الشؤون الروسية الدكتور نبيل رشوان، إن بولندا تعد الأقرب لاحتمال التصعيد في النزاع بين روسيا و"الناتو"، بالنظر إلى تاريخها الطويل من الخلافات مع موسكو، فضلًا عن موقعها الجغرافي المحاذي لغرب أوكرانيا، وهو الإقليم الذي كان يومًا جزءًا من الأراضي البولندية.

وأضاف لـ"إرم نيوز"، أن رومانيا تُعد قريبة جغرافيًا من أوكرانيا، لكن لا يمكن اعتبارها الطرف الأكثر عرضة للتوتر في سياق هذا النزاع، مشيرًا إلى أن التحدي الأكبر الذي تواجهه رومانيا لا يرتبط مباشرة بالحرب الروسية الأوكرانية، وإنما يتمثل في الأوضاع المعقدة بدولة مولدوفا المجاورة.

وأكد الدكتور رشوان أن مولدوفا تسعى، منذ فترة، إلى الانضمام إلى رومانيا، إلا أن هذه المساعي تصطدم بعقبات سياسية وجغرافية، أبرزها إقليم ترانسنيستريا الواقع شرق نهر الدينستر، والذي يتمتع بحكم ذاتي ويميل إلى الولاء لروسيا.

ونوه إلى أن "الإقليم لا يخضع فعليًا لسيطرة الحكومة المركزية في كيشيناو، وهو ما حال، سابقًا، دون تنفيذ خطوات جدية نحو الاندماج مع رومانيا".

وبيّن الدكتور رشوان أن سيناريو التصعيد المباشر بين روسيا و"الناتو" قد يشهد تفجر المواجهة من إحدى نقطتين أساسيتين، بولندا أو جمهوريات البلطيق، نظرًا لقربهما من الجبهة المشتعلة، ومواقفهما المتشددة ضد موسكو خلال الأزمة الحالية، موضحًا أن رومانيا لا تزال تحافظ على مستوى أقل من الانخراط في هذا النزاع.

ومضى قائلًا: إن "وارسو ترفع منسوب جاهزيتها العسكرية بصورة متواصلة، وتقوم طائراتها الحربية بردود فعل سريعة في حال رصد طائرات مسيّرة روسية تهاجم غرب أوكرانيا، ما يجعلها في موقع حساس للغاية".

أخبار ذات علاقة

أسلحة نووية أمريكية

أسلحة نووية في بريطانيا.. تحرك أمريكي جديد يثير قلق روسيا

 ولفت الدكتور رشوان إلى احتمال كبير بأن تعلن كيشيناو رغبتها في الانضمام إلى "الناتو" بعد الانتخابات البرلمانية المرتقبة، لا سيما إذا نجحت الرئيسة مايا ساندو، الموالية للغرب، في حصد أغلبية مريحة داخل البرلمان.

واعتبر أن ذلك الإعلان "المرتقب" قد يُعد تصعيدًا حقيقيًا في نظر موسكو، التي ترى فيه تهديدًا مباشرًا لمصالحها، خاصة مع وجود نفوذ فعلي لها في إقليم ترانسنيستريا، الذي كان ولا يزال يشكل عائقًا أمام اندماج مولدوفا مع رومانيا.

رسائل أكثر من مؤشرات

من جانبه، رأى رامي القليوبي، الأستاذ بكلية الاستشراق في المدرسة العليا للاقتصاد بموسكو، أن رومانيا تُعد من الناحية الإستراتيجية منطقة مهمة، لكنها ليست من الدول المعرضة بشكل مباشر لتداعيات النزاع بين روسيا وأوكرانيا.

وذكر لـ"إرم نيوز"، أن ما يحدث أقرب إلى تدخل غير مباشر من قبل "الناتو" في هذه المنطقة، بالنظر إلى موقع رومانيا القريب نسبيًا من حدود أوكرانيا وروسيا، وهو ما يمنح الغرب مساحة لتعزيز وجوده العسكري هناك، وربما تسهيل عمليات دعم كييف، لا سيما على صعيد نقل الأسلحة.

وأشار القليوبي إلى أن التوترات الحادة تتركز بدرجة أكبر حول أوكرانيا، إلى جانب مناطق أخرى قابلة للاشتعال مثل إقليم ترانسنيستريا في مولدوفا، فضلًا عن مستقبل الأقاليم الانفصالية الموالية لروسيا في جورجيا، والتي تبقى أيضًا ضمن بؤر التوتر في المحيط الروسي.

وأوضح أن رومانيا تُصنف في نظر موسكو كجبهة بعيدة نسبيًا، وبالتالي فإن أي إشارات بشأن وجود تهديد مباشر لها تُفهم في إطار الرسائل التحذيرية أكثر منها كمؤشرات على تطور وشيك في ساحة المواجهة.

;
logo
تابعونا على
جميع الحقوق محفوظة © 2024 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC