logo
العالم

رومانيا.. كيف تحولت الانتخابات إلى "ساحة صدام" بين روسيا والغرب؟

رومانيا.. كيف تحولت الانتخابات إلى "ساحة صدام" بين روسيا والغرب؟
تجمع انتخابي في رومانياالمصدر: غيتي إيمجز
20 مايو 2025، 3:19 م

اعتبر خبراء سياسيون فرنسيون أن الاتهامات التي وجهها بافل دوروف، مؤسس تطبيق "تيليغرام"، بخصوص التدخل الفرنسي في الانتخابات الرومانية، تُظهر أكثر من مجرد قضية سياسية، بل تسلط الضوء على التوترات المتزايدة في الساحة الدولية بين  روسيا والغرب. 

وفي الوقت الذي نفى فيه جهاز الاستخبارات الفرنسي أي تدخل في العملية الانتخابية، يعتبر الباحثون أن هذه التصريحات تأتي ضمن سياق أوسع من الحروب الرقمية والنفوذ الجيوسياسي، مما يثير تساؤلات حول الدور الذي تلعبه التكنولوجيا في الديمقراطيات الحديثة وتأثيراتها على الانتخابات العالمية.

وقبل 3 ساعات فقط من إغلاق مراكز الاقتراع، فجر بافل دوروف قنبلة إعلامية. فقد اتهم مؤسس تطبيق المراسلة تيليغرام، عبر وسائل التواصل الاجتماعي، فرنسا بمحاولة التدخل في الانتخابات الرئاسية، والتي انتهت، وبشكل مفاجئ، بهزيمة مرشح اليمين المتطرف جورج سيميون لصالح رئيس بلدية بوخارست الوسطي، نيكوشور دان.

وقال الدكتور باتريك مارتن-جنيه الباحث في معهد العلاقات الدولية والإستراتيجية (IRIS) لـ"إرم نيوز" إن " تصريحات بافل دوروف تبدو محاولة لتصفية حسابات شخصية أو قانونية، خاصة بعد ملاحقته قضائيًا في فرنسا". 

ورأى الباحث السياسي الفرنسي أن الادعاء بأن  فرنسا تدخلت لمنع أصوات محافظة، دون دليل موثق، لا يصمد أمام المعايير القانونية والسياسية الغربية. كما أن جهاز الاستخبارات الفرنسي لا يمتلك سلطة فرض رقابة سياسية مباشرة على منصات رقمية دولية دون سند قانوني".

بدوره، قال أنطوان بونداز الباحث في مؤسسة البحوث الاستراتيجية لـ"إرم نيوز" إن ما يجري يعكس تحوّل "تيليغرام" إلى منصة توتر جيوسياسي، ليس فقط بين روسيا والغرب، بل بين الدول الغربية نفسها. 

واعتبر أن اتهام فرنسا بالتدخل في الانتخابات الرومانية لا يمكن عزله عن السياق الأوسع لحروب النفوذ والمعلومات، حيث يسعى كل طرف إلى استغلال التكنولوجيا والتواصل لتوجيه الرأي العام. 

ورأى بونداز أن فرنسا تُنكر رسميًا أي تدخل انتخابي، ومن المرجح أن يكون ما حدث جزءًا من استراتيجية تضليل سياسي هدفها إضعاف الثقة بالمؤسسات الديمقراطية الغربية.

وأشار الباحث السياسي الفرنسي إلى أن الاتهامات المتبادلة بين باريس وبوخارست تُظهر أكثر من مجرد قضية سياسية، بل تسلط الضوء على التوترات المتزايدة في الساحة الدولية بين روسيا والغرب.

أخبار ذات علاقة

مرشح اليمين المتطرف جورج سيميون

قبل إتمام الفرز.. مرشح اليمين المتطرف لرئاسة رومانيا يعلن فوزه

 وقامت المديرية العامة للأمن الخارجي (DGSE) الفرنسية بـ"دحض شديد"، للتصريحات التي أدلى بها بافل دوروف، والذي أكد أن جهاز الاستخبارات الخارجية الفرنسي طلب منه "إسكات الأصوات المحافظة" قبيل الانتخابات الرئاسية الرومانية.

وقال دوروف إن "إحدى حكومات أوروبا الغربية تواصلت مع تيليغرام وطلبت منا إسكات الأصوات المحافظة في رومانيا قبل الانتخابات الرئاسية التي جرت اليوم. وقد رفضت ذلك بشكل قاطع".

وأشار إلى فرنسا باستخدام رمز تعبيري على شكل خبز باغيت لتسهيل "حل اللغز" على متابعيه.

في المساء، أصبح رجل الأعمال الروسي الذي حصل على الجنسية الفرنسية عام 2021 أكثر وضوحًا، إذ سمّى صراحة نيكولا لورنيه، المدير العام للاستخبارات الخارجية، وقال إنه طلب منه خلال لقاء بفندق "كريون" في باريس، في الربيع، "حظر الأصوات المحافظة".

وقال دوروف عبر منصة "إكس": "لم نحظر المعارضين في روسيا أو بيلاروسيا أو إيران. ولن نفعل ذلك في أوروبا".

وردًّا على هذه الادعاءات، سارعت فرنسا إلى التنديد بتصريحات الملياردير، الذي كان قد تم توقيفه في منطقة باريس خلال صيف 2024، ثم وُجّهت إليه تهم متعددة تتعلق بمحتوى غير قانوني يتم تداوله عبر تيليغرام.

دحض فرنسي شديد

وأكدت المديرية العامة للأمن الخارجي (DGSE) أنها "اضطرت، عدة مرات في السنوات الأخيرة، إلى التواصل المباشر مع بافل دوروف لتذكيره بشدة بمسؤوليات شركته، فيما يتعلق بمنع التهديدات الإرهابية واستغلال الأطفال جنسيًا".

لكنها شددت على أنها "تدحض بشدة المزاعم التي تقول إنه طُلب حظر حسابات مرتبطة بأي عملية انتخابية خلال تلك المناسبات".

اتهامات متبادلة بين المرشحين

واعتبر نيكوشور دان، المرشح الفائز، أن ما جرى هو محاولة واضحة للتأثير على نتائج الانتخابات.

أما خصمه، جورج سيميون، فسارع إلى إعادة نشر منشور مؤسس "تيليغرام"، وكان هذا النائب اليميني المتطرف قد تحدّث عن "تزوير انتخابي" قبل أن يعترف بهزيمته في الليل، واتهم هو الآخر باريس بالتدخل خلال حملته الانتخابية.

وقال في مقابلة على شبكة "سي نيوز" الفرنسية، يوم الخميس إن "إيمانويل ماكرون يُظهر نزعات ديكتاتورية" واتهمه بـ"التدخل" في العملية الانتخابية الرومانية، مضيفًا أن "سفير فرنسا جاب كل مناطق البلاد ليقنع رجال الأعمال بدعم خصمي".

وفي رومانيا، الموضوع بالغ الحساسية، خاصة أن القضاء كان قد ألغى في ديسمبر الماضي الجولة الأولى من الانتخابات الرئاسية بسبب شبهات تدخل روسي، بعدما تصدّرها مرشح آخر من اليمين المتطرف. وقد رحبت فرنسا وقتها بهذا القرار.

ويوم الجمعة الماضي، جدّد إيمانويل ماكرون تنديده بـ"تدخلات خارجية" قال إنها "تقوّض نزاهة ديمقراطياتنا"، وكان يشير إلى رومانيا، وكذلك بولندا التي شهدت الجولة الأولى من الانتخابات الرئاسية يوم الأحد، ومولدوفا التي تنظم انتخابات تشريعية في سبتمبر المقبل.

أخبار ذات علاقة

ديميتري بيسكوف

"الشيطان في التفاصيل".. روسيا ترد على إعلان ترامب عن "المحادثات المباشرة"

 موسكو تستغل الفرصة

في المقابل، استغلت موسكو تصريحات بافل دوروف للهجوم المعاكس، وقال ديمتري بيسكوف، المتحدث باسم الكرملين: "حقيقة أن الدول الأوروبية – فرنسا، بريطانيا، ألمانيا – تتدخل في الشؤون الداخلية لدول أخرى، ليست بالأمر الجديد. ما نراه هو مجرد أمثلة كُشف عنها. صدقوني، هناك بلا شك العديد من الأمثلة الأخرى التي لا نعرفها بعد".

;
logo
تابعونا على
جميع الحقوق محفوظة © 2024 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC