يواجه الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، ورئيس الاحتياطي الفيدرالي، جيروم باول، صراعاً حاداً حول كيفية استجابة البنك المركزي للتأثير الاقتصادي للحرب التجارية التي يشنها البيت الأبيض.
ويبدو أن ترامب وباول على مسار تصادمي، إذ أبقى الاحتياطي الفيدرالي على تعليق مؤقت لخفض أسعار الفائدة استجابة لارتفاع التضخم، بينما تُنذر رسوم ترامب الجمركية بضغط إضافي على الأسعار، بحسب تقرير لصحيفة "ذا هيل".
بينما يُحذّر باول من مخاطر الركود التضخمي الناجم عن سياسات ترامب الجمركية، يدعو الرئيس إلى خفض أسعار الفائدة ويُهدد بإقالة رئيس الاحتياطي الفيدرالي.
تحدث ترامب عدة مرات، يوم الخميس، عن رغبته في إقالة باول من منصبه كرئيس لمجلس محافظي الاحتياطي الفيدرالي، وهو ما قد يكون غير قانوني بموجب حكم صادر عن المحكمة العليا عمره 90 عاماً.
وكتب ترامب في منشور على مواقع التواصل الاجتماعي صباح اليوم: "لا يُمكن إقالة باول بالسرعة الكافية!"، متهماً رئيس الاحتياطي الفيدرالي بالتأخر في خفض أسعار الفائدة، وحثّه على ذلك.
وبينما أفادت التقارير أن ترامب يُجري مناقشات حول محاولة إقالة باول منذ أشهر، صرّح خبراء بأنهم يعتقدون أن مثل هذه الخطوة ستُسبب اضطراباً شديداً لوول ستريت، التي عانت بالفعل من موجة بيع هائلة بسبب الرسوم الجمركية.
وقال ستيفن مايرو، الشريك الإداري في شركة "بيكون بوليسي أدفايزرز": "ستُثير إقالته قلق الأسواق المالية بشدة. لكننا بدأنا بالفعل نرى نقاشاً حول التحضير لبديله".
تجاهل المتداولون تهديدات ترامب، إلى حد كبير، يوم الخميس، حيث أغلقت الأسهم على تباين في جميع المؤشرات، ولم تتفاعل بشكل ملحوظ مع تعليقات الرئيس.
وأغلق مؤشر داو جونز الصناعي، يوم الخميس، بخسارة 527 نقطة، ويعود ذلك بشكل رئيس إلى الانخفاض الحاد في أسهم يونايتد هيلثكير عقب تقرير أرباح ضعيف بشكل غير متوقع.
وارتفع مؤشر ستاندرد آند بورز 500 بنسبة 0.1%، وانخفض مؤشر ناسداك المركب بنسبة 0.1% خلال اليوم.
لم يُخفِ باول وجهة نظره بأن رسوم ترامب الجمركية، التي تشمل ضرائب استيراد من 3 أرقام على العديد من السلع الصينية، وضرائب على السيارات والمعادن، ورسوماً جمركية عامة بنسبة 10%، ذات طبيعة ركود تضخمي.
وقال يوم الأربعاء في فعالية بشيكاغو: "إن مستوى زيادات الرسوم الجمركية المُعلن عنها حتى الآن أكبر بكثير من المتوقع".
وأضاف: "ومن المرجح أن ينطبق الأمر نفسه على الآثار الاقتصادية، التي ستشمل ارتفاعاً في التضخم وتباطؤاً في النمو".
وأدت هذه التعليقات إلى هبوط حاد في أسواق الأوراق المالية. وشهدت الأسهم انخفاضاً حاداً بعد ظهر الأربعاء، واستمر هذا التراجع حتى جلسة تداول يوم الخميس، وبدأت عائدات سندات الخزانة الأمريكية بالارتفاع مجدداً.
وقال باول إن الاقتصاد سيبتعد - على الأرجح - عن هدف الاحتياطي الفيدرالي المتمثل في معدل التضخم البالغ 2% ومعدل البطالة الأدنى.
ولطالما أكد الاحتياطي الفيدرالي على استقلاليته المؤسسية، على الرغم من مروره ببعض المراحل في تاريخه من التورط المباشر في السياسة الرئاسية.
في حين صرّح خبراء بأنه لا يحق للرؤساء إقالة المحافظين من مجلس الاحتياطي الفيدرالي دون سوء سلوك أو سبب محدد آخر، أشاروا إلى وجود غموض قانوني فيما يتعلق بخفض رتبة رئيس الاحتياطي الفيدرالي وإعادته إلى مستوى المجلس.
وقالت سارة بايندر، أستاذة العلوم السياسية في جامعة جورج واشنطن، "ليس من الواضح كيف يُفسّر المرء غياب الحماية الصريحة على مستوى الرئيس".
وأضافت: "يمكن لترامب خفض رتبة باول أو التهديد بفصله على أمل إجباره على التنحي عن الرئاسة، ولكن لا يوجد سبب قانوني يسمح لترامب بفصله من المجلس".
إذا سعى ترامب لإقالة باول، وعيّن عضواً آخر في مجلس الإدارة رئيساً للجنة، فسيظل على هذا المحافظ العمل على بناء توافق في الآراء داخل اللجنة بدلاً من الانصياع لأوامر الرئيس تلقائياً.
وتم الطعن في سلطة ترامب في إقالة المسؤولين الذين لا يعجبه أمرهم في عدة قضايا قضائية، ووصل بعضها إلى المحكمة العليا.
أدت إقالة ترامب لديمقراطيين من المجلس الوطني لعلاقات العمل، والهيئة الفيدرالية لعلاقات العمل، ومجلس حماية أنظمة الجدارة إلى طعون قانونية اتحادية. كما طُعن في المحكمة في إقالة الرئيس لديمقراطيين اثنين من لجنة التجارة الفيدرالية.
قدّم المشرعون الديمقراطيون مذكرة هذا الأسبوع يعارضون فيها إقالة ترامب من لجنة التجارة الفيدرالية، والتي يرون أنها غير قانونية.
ومهما كانت قرارات المحاكم بشأن سلطة ترامب في الإقالة، فقد تتعلق بأيّ إشعارات فصل محتملة صادرة عن الاحتياطي الفيدرالي.