أصبحت ناقلة النفط القديمة "بيلا 1" محور مطاردة بحرية دولية غير مسبوقة قرب المياه الفنزويلية؛ ما كشف هشاشة النظام الدولي في مواجهة سفن تنقل نفطًا خاضعًا للعقوبات الأمريكية.
وبحسب "وول ستريت جورنال"، فإن السفينة، التي يُزعم أنها شحنت نفطًا إلى منظمات مصنّفة إرهابية، قلبت المحيط الأطلسي إلى ساحة مواجهة مباشرة بين واشنطن وموسكو وكاراكاس، فيما بدا وكأنه اختبار مباشر لقدرة القانون الدولي على ضبط التجارة السوداء.
ومنذ بدء مطاردة ناقلة النفط "بيلا 1" قرب المياه الفنزويلية قبل أكثر من 10 أيام، فإن هذه العملية تعد إحدى أطول عمليات الملاحقة البحرية الحديثة؛ ما يبرز التحديات القانونية والسياسية أمام الولايات المتحدة في تطبيق عقوباتها على النقل البحري.
وكشفت مصادر أن مطاردة الناقلة من قبل البحرية الأمريكية تعقدت بعدما رفعت السفينة العلم الروسي؛ في محاولة واضحة للاستفادة من الحماية المزعومة من موسكو، وقد صرحت وزارة الخزانة الأمريكية بأن "بيلا 1" كانت على صلة بفيلق القدس، الذراع الخارجية للحرس الثوري الإيراني.
وبحسب المسؤولين، فإن القوات الأمريكية، بما فيها فريق الاستجابة البحرية الخاصة، وهي وحدة نخبوية مدربة على التعامل مع السفن المعادية، تمتلك القدرة على الصعود بالقوة إلى السفينة، ومع ذلك، يبرز عامل قانوني معقد: وفقًا لاتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار، يحق لخفر السواحل الصعود على السفن الأجنبية إذا كانت عديمة الجنسية أو هناك أسباب معقولة للاشتباه في ممارساتها الخادعة.
ومع أن القانون الدولي لا يسمح بتغيير العلم خلال الإبحار إلَّا بعد تغيير الملكية أو التسجيل، فإن هذا العلم المرسوم على جانب السفينة أثار جدلاً قانونيًا وفتح بابًا للرهانات السياسية والدبلوماسية.
من جانبه وصف البيت الأبيض السفينة منذ بداية المطاردة بأنها تحمل علمًا مزيفًا وتخضع لأمر قضائي بالمصادرة، لكن محاولة رفع العلم الروسي على بدن السفينة أثارت تساؤلات حول صعوبة التدخل بالقوة إذا تم تسجيلها رسميًا في موسكو.
وأوضح الأدميرال المتقاعد فريد كيني، أن الولايات المتحدة تعمل عبر القنوات الدبلوماسية لتحديد الوضع القانوني للسفينة، مشددًا على أن مجرد رسم العلم على السفينة لا يمنحها الجنسية تلقائيًا.
وأشار الباحث يوجين فيديل من جامعة ييل إلى احتمال تجاوز روسيا للإجراءات الرسمية لمضايقة واشنطن؛ ما يجعل "بيلا 1" نموذجًا حيًا للتشابك بين القوة العسكرية والقانون الدولي والسياسة الدولية في ميدان النقل البحري.
وبينما كانت السفن الأمريكية، مدعومة بفرق استجابة بحرية خاصة، على مقربة نصف ميل من "بيلا 1" وتستعدُّ للانقضاض عليها حال صدور أمرٍ من البيت الأبيض، لكن القرار بقي محل جدل داخلي، ولا سيَّما وأن السفينة فارغة وقديمة.
وفي حين لم تتمكن القوات الأمريكية من احتواء السفينة حتى الآن، فإن العقوبات الأمريكية برزت كجزء من حرب أشمل على النفط الإيراني والفنزويلي المرتبطين بمنظمات مثل حزب الله والحوثيين؛ ما جعل "بيلا 1" رمزًا لصراع دولي متداخل بين السياسة والاقتصاد والجريمة العابرة للحدود.