ترى صحيفة "لوموند" الفرنسية أن القطب الشمالي تحوّل من منطقة نائية إلى محور استراتيجي تتقاطع فيه الفرص الاقتصادية مع المخاطر البيئية والتنافس الجيوسياسي، محذّرة من أن طريقة تعامل الدول معه في السنوات المقبلة ستؤثر في مستقبل البيئة العالمية برمتها.
وفي تقرير بعنوان "لماذا يتقاتل الجميع على القطب الشمالي؟"، تقول الصحيفة إن المنطقة، التي اشتُهرت لعقود بلياليها الطويلة وجليدها الكثيف، كانت نموذجًا للتعاون الدولي عبر مجلس القطب الشمالي.
وأشارت إلى أن تأثير تغير المناخ في القطب الشمالي أدى إلى انحسار الجليد وفتح طرق ملاحية موسمية، مما أتاح وصولًا أسهل إلى الموارد الطبيعية وأشعل تنافسًا جيوسياسيًا متصاعدًا.
وأفادت بأن ذوبان الجليد يفتح آفاقًا جديدة للملاحة البحرية، إذ أصبحت مسارات مثل الممر الشمالي الشرقي قابلة للعبور موسمياً، ما يقلل زمن النقل بين آسيا وأوروبا وأمريكا الشمالية. هذا التحوّل يمنح الدول المطلة على القطب، وكذلك القوى العالمية الباحثة عن الطاقة والمعادن النادرة، فرصًا اقتصادية ضخمة.
ويقدّر التقرير أن القطب الشمالي يحتوي على أكثر من 25% من احتياطيات النفط والغاز غير المكتشفة عالميًا، إضافة إلى ثروات من المعادن الثمينة ومخزونات الأسماك.
وتتنافس دول، مثل الولايات المتحدة، كندا، النرويج، الدنمارك، وروسيا، على توسيع سيطرتها البحرية، في بعض الأحيان خارج الحدود التي تحددها اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار.
وأشارت إلى أن روسيا عززت حضورها العسكري بإعادة فتح قواعد سوفييتية قديمة وتحديث بنيتها التحتية، في حين تتحرك الصين بخطوات استثمارية كبرى عبر مشروع طريق الحرير القطبي لتأمين خطوط تجارية مع أوروبا.
وبحسب "لوموند"، فإن ازدياد النشاط الاقتصادي والعسكري في القطب الشمالي يهدد النظم البيئية الحساسة، إذ يمكن أن تؤدي عمليات الاستخراج وزيادة حركة السفن إلى فقدان التنوع البيولوجي، كما يفاقم ذوبان التربة المتجمدة انبعاثات غاز الميثان، ما يعزز ظاهرة الاحتباس الحراري.
ولفت التقرير إلى أن التعاون في المنطقة تعرّض لانتكاسة بعد انسحاب روسيا من مجلس القطب الشمالي عام 2022، مما أعاق جهود الإدارة المستدامة وزاد حدة التوترات.