قالت صحيفة "لوفيغارو" الفرنسية إن الصين لم تتمكن من ترسيخ وجود فعّال في القطب الشمالي الغني بالموارد، إذ أخفقت معظم مشاريعها المعلنة في قطاعي التعدين والطاقة.
يأتي ذلك، رغم مرور أكثر من عقدين على إعلان الطموحات الاستراتيجية للصين في القطب الشمالي، ورغم استثمارات تُقدَّر بعشرات المليارات من الدولارات.
ووفقًا لتقرير نشرته الصحيفة الفرنسية، استنادًا إلى دراسة أكاديمية حديثة صادرة عن كلية كينيدي بجامعة هارفارد، لم تنجح الصين في تحويل خططها الطموحة إلى مشاريع ملموسة.
وأعدّ الدراسة 3 باحثين هم: الكندي بول ويتني لاكنباور، والآيسلندية جوبجورغ ريكي ث. هاوكسدوتر، والنرويجي أنديرس كريستوفر إيدستروم.
وجاء في التقرير أن الحكومة الصينية وشركاتها الكبرى أعلنت منذ سنوات عن مشاريع استثمارية واسعة في القطب الشمالي، لكن نسبة ضئيلة منها فقط تم تنفيذها فعليًا.
ويعزو الباحثون هذا الإخفاق إلى تعقيدات جيوسياسية، ومخاوف أمنية وبيئية، بالإضافة إلى معايير حظر الانتشار النووي.
ومنذ عام 2003، استثمرت الصين نحو 90 مليار دولار في مشاريع بالقطب الشمالي، غير أن 18 مشروعًا فقط من أصل 57 لا تزال قيد التشغيل، أغلبها في روسيا، وبعضها في النرويج وآيسلندا.
كما اصطدمت محاولات الصين المتكررة للاستحواذ على شركات تعدين في أمريكا الشمالية بحواجز سياسية وأمنية، وحققت نجاحًا محدودًا، مثل مشاركتها الوحيدة في منجم "ريد دوغ" للرصاص والزنك والفضة في ألاسكا.
ولا تملك الصين في كندا سوى منجم واحد للنيكل، تديره شركة "جيين كندا ماينينغ ليمتد"، في حين رفضت السلطات الكندية في عدة مناسبات استثمارات صينية لأسباب تتعلق بالأمن القومي.
ومن أبرز الأمثلة على ذلك، رفض صفقة استحواذ على منجم "هوب باي" الواقع على مساحة تزيد على 1100 كيلومتر مربع شمال الدائرة القطبية، إذ عبّرت أوتاوا عن مخاوف من استخدام منشآت الميناء فيه لأغراض عسكرية صينية.
ورغم هذه الانتكاسات، لا تزال الصين متمسكة برؤيتها طويلة الأمد تجاه القطب الشمالي.
ومع تسارع ذوبان الجليد بسبب التغير المناخي، تزداد أهمية المنطقة باعتبارها ممرًا بحريًا جديدًا يربط آسيا بأوروبا، ويختصر الطريق مقارنة بقناة بنما.
وتشير التقديرات إلى أن القطب الشمالي يحتوي على نحو 13% من احتياطيات النفط و30% من احتياطيات الغاز غير المكتشفة في العالم، إلى جانب معادن ثمينة وموارد بحرية هائلة.
وبحسب تقرير الصحيفة الفرنسية، فإنه "في محاولة لتعزيز نفوذها، قدمت بكين ما يقرب من 500 مليون دولار من القروض إلى آيسلندا في أعقاب الأزمة المالية عام 2008، مما مهّد لدخولها بصفة مراقب في مجلس القطب الشمالي عام 2013".
وفي العام ذاته، أطلق الرئيس الصيني شي جين بينغ مشروع "الحزام والطريق"، تلاه في عام 2018 إصدار كتاب أبيض يعلن عن "طريق حرير قطبي" جديد يربط آسيا بأوروبا عبر المحيط المتجمد الشمالي.
وخلص التقرير إلى أنه، رغم الجهود المستمرة والرهانات الجيوسياسية الضخمة، تُظهر الوقائع على الأرض أن الاستراتيجية الصينية في القطب الشمالي لا تزال تعاني من عثرات وتحديات قد تؤجل تحقيق أهدافها لسنوات قادمة.