تتبادل إيران وإسرائيل رسائل الحرب في ظل تعثر عقد جولة رابعة من مباحثات واشنطن وطهران، حيث تخيم حالة من عدم اليقين على مصير المفاوضات النووية في مرحلة بحث النقاط الفنية بين الجانبين، والتي تمثل المرحلة الأصعب للوصول إلى اتفاق نووي جديد.
ورغم تصاعد مساعي إسرائيل لدفع الولايات المتحدة نحو توجيه ضربة عسكرية لمنشآت إيران النووية، يبدو من المستبعد ذهاب إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لمغامرة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو.
وكان وزير الخارجية الإيراني، عباس عراقجي، قد اتهم إسرائيل بالسعي إلى جر الولايات المتحدة إلى "كارثة" في الشرق الأوسط، محذرا من أي محاولة لشن حرب على إيران.
وأكد عراقجي أن الدبلوماسية وحدها، وعلى أساس الاحترام والمصالح المتبادلة، تمثل الطريق الوحيد لتحقيق أي اتفاق بشأن الملف النووي.
ويرى الخبير في العلاقات الدولية، الدكتور أحمد الياسري، أن من يحاول الدفع بالحرب هو الجانب الاسرائيلي في حين أن المبادرة الإيرانية العسكرية غير حاضرة في ظل ذهاب طهران إلى "احتواء" ولاية الرئيس دونالد ترامب.
ولفت الياسري، في تصريحات لـ"إرم نيوز"، إلى رسائل الحرب المتبادلة ما بين بندر عباس ومطار بن غوريون، معتبرا أنه على الرغم من أن حجم الاستهداف عبر الحوثيين لمطار بن غوريون ليس بمستوى ما جرى في بندر عباس فإن الرسالة الإيرانية لإسرائيل أكدت القدرة على الرد أمام أي ضربة عسكرية.
وأشار إلى أن استهداف بن غوريون تجاوز المنظومات الدفاعية المتطورة، وهي ذاتها المستخدمة لحماية مفاعل ديمونة؛ ما جعل هذا الهجوم بمثابة رسالة أربكت الأوضاع في الداخل الإسرائيلي.
وبحسب الياسري، فإن الحاجة للتفاوض ما زالت قائمة، "وترامب رجل صفقات في وقت تبحث فيه إيران عن استراحة محارب لتخفيف حجم الضغط والعقوبات الاقتصادية".
وذكر أن ترامب لا يريد الذهاب إلى ضربة عسكرية لإيران، مدللا على ذلك بالقول إن إزاحة مستشار الأمن القومي الأمريكي السابق مايك والتز من منصبه ليست مرتبطة بالتسريبات بقدر ما جرى من تفاهم بينه وبين نتنياهو لشن ضربة عسكرية مباشرة ضد إيران؛ ما يعارض رغبة ترامب.
ويؤكد الياسري أن المجريات تقول إن "الاتفاق هو سيد رغبة الأطراف، وحظوظه قوية، ولكن في الوقت ذاته، فإن مساعي عرقلته من جانب تل أبيب حاضرة عبر الحرب على الرغم من أن فرص حدوث ذلك أقل مقارنة بالذهاب إلى اتفاق مرهون بالتفاصيل التي تتأرجح بين التفاهم والصدام".
وتابع الياسري أن "الجوانب الفنية تحمل تخبطا طبيعيا منتظرا ما بين التفكيك الكلي والجزئي للبرنامج النووي الإيراني وحضور وكالة الطاقة الذرية وأمور عدة غير مدرجة حتى الآن".
وأضاف: "تعلن واشنطن شيئا في حين أن التفاوض يكون على نقاط أخرى، في وقت يرفع فيه الإيرانيون سقف طروحاتهم ويتفاوضون أسفل الطاولة على بنود غير التي تعلنها طهران" وفق تعبيره.
ومن جهته يرى الخبير في الشأن الإيراني، عبد الظاهر عارف، أنه كان من الطبيعي تأجيل الجولة الرابعة من المحادثات لأنها تقف على استكمال التفاصيل الفنية لاسيما أنها جاءت بعد مباحثات الانعقاد الثالث الذي شهد بحث الجوانب التقنية للبرنامج النووي والمشروع التسليحي الصاروخي وهي نقاط مليئة بالتفاصيل.
وأضاف: "تدخل الضغوط الممارسة كأحد جوانب التفاوض، وكان آخرها ما جرى في ميناء بندر عباس".
ورجح عارف، في تصريحات لـ"إرم نيوز"، أن تعمل إدارة ترامب على استكمال المفاوضات، مستبعدا الذهاب إلى استهداف المنشآت النووية الإيرانية في أي مرحلة أو حتى في وقت الصدامات.
وأشار إلى أن لجوء واشنطن لذلك سيكون "كلمة النهاية" للتفاوض أو الجلوس عبر وسيط مع إيران؛ لأنها ستكون الضربة القاضية، وهذا الأمر غير مطروح حاليا.
ويؤكد عارف أن اللعب بالعقوبات حاضر ومستمر وسيظل متواجدا حتى في حال الوصول إلى اتفاق وتطبيقه.
وبين في هذا الصدد أن هناك فرقا بين عقوبات تتعلق بالاقتصاد الإيراني وتأثيره على الداخل، وهو ما يهم الإصلاحيين الذين يجرون المفاوضات، وعقوبات على الحرس الثوري تستهدف أشخاصا وكيانات وشركات.
وأضاف عارف أن واشنطن تعمل على اتفاق يضمن عدم امتلاك إيران للسلاح النووي، وفي الوقت نفسه تقديم حد يتوافق مع طلبات تل أبيب في هذه المفاوضات حتى لا يكون هناك خروج عن السيطرة وذهاب نتنياهو لتوجيه ضربة عسكرية منفردة للمنشآت النووية والعسكرية الإيرانية.
واستكمل عارف بالقول إن من أكثر النقاط العالقة في المباحثات، إلى جانب النواحي الفنية، رغبة إيران في اتفاق لمدة لا تزيد على 10 سنوات في حين أن ترامب لا يقبل بأقل من 25 سنة؛ مما يمنع طهران من إعادة إحياء برنامجها غير السلمي في ظل ضغوط نتنياهو في هذا الجانب.