الكرملين: مشاركة الأوروبيين في مفاوضات أوكرانيا "لا تبشّر بالخير"

logo
العالم

يتقاطع مع ماكرون.. لماذا يغيب صوت اليمين الفرنسي تجاه حرب أوكرانيا؟

بارديلا ولوبان ممثلا اليمين الفرنسيالمصدر: رويترز

رغم أن اليمين الفرنسي يبدو متوافقًا في جوهر موقفه مع الرئيس إيمانويل ماكرون بشأن الحرب في أوكرانيا، فإن صوته في هذا الملف يكاد يكون غائبًا عن الساحة السياسية والإعلامية.

أخبار ذات علاقة

جوردان بارديلا

زعيم اليمين الفرنسي المتطرف: سنصوت ضد الميزانية "مهما حدث"

حزب "الجمهوريين" الذي يفاخر بكونه الوريث الطبيعي للديغولية ولفكرة "الاستقلالية الاستراتيجية" لفرنسا، يجد نفسه اليوم مترددًا وغير قادر على صياغة خطاب واضح حول موقع البلاد في واحدة من أخطر الأزمات الأوروبية منذ عقود.

داخل حزب "الجمهوريين"، يقر عدد من قياداته بأن مواقفهم لا تحظى بالاهتمام الكافي، ليس فقط لأن وسائل الإعلام نادرًا ما تستضيف نواب اليمين للحديث في الشؤون العسكرية والدولية، وإنما أيضًا لأن الحزب ذاته لم ينجح في بلورة رؤية متماسكة تُسمع بوضوح.

كانت هذه الهشاشة واضحة خلال النقاشات البرلمانية في مارس/ آذار الماضي حول زيادة الدعم الفرنسي لأوكرانيا، حيث ظهر تمثيل نواب الحزب محدودًا للغاية في لحظة كان يفترض بها أن تكون مناسبة لإبراز موقفه من الحرب.

وعلى الرغم من ابتعاد اليمين عن الاهتمام المفرط بالسياسة الخارجية لصالح الملفات الداخلية مثل الهجرة، فإن الكثير من مواقفه في الأساس لا تختلف جذريًا عن موقف الإليزيه.

أخبار ذات علاقة

مارين لوبان وجوردان بارديلا

انقسامات داخل اليمين الفرنسي.. الصراع الخفي يتصاعد بين بارديلا ولوبان

وقد عبّر نواب بارزون في الحزب عن دعمهم الثابت لأوكرانيا في مواجهة روسيا، محذرين من أن أي تسوية غير مضمونة قد تفتح الباب أمام فوضى إقليمية وتمنح موسكو نفوذًا أكبر قرب حدود أوروبا.

قادة معروفون بانتقاداتهم الشرسة للرئيس، مثل لوران فوكييه، حرصوا أيضًا على تجنب مهاجمة ماكرون في الملف الأوكراني، مشيرين إلى أن الرئيس "يحاول القيام بما هو صائب".

هذا التقاطع في المواقف يعزوه بعض النواب إلى أن سياسة الإليزيه الحالية تنسجم فعليًا مع المبدأ الديغولي القديم الذي يعطي فرنسا استقلال قرارها الاستراتيجي ويهدف إلى تعزيز دورها الدولي. 

أخبار ذات علاقة

رشيدة داتي وميشيل بارنييه- أرشيفية

صراع داخل حزب "الجمهوريين".. انقسامات تُضعف معسكر اليمين الفرنسي

وبالنسبة لشخصيات مثل السيناتور سيدريك بران، لا حاجة لافتعال خلاف سياسي ما دام الخط الذي تتبناه باريس يعكس ما هو قريب من رؤية الحزب نفسه حول ضرورة الردع العسكري وحماية الأمن الأوروبي.

لكن هذا التماهي لا يمرّ دون ثمن، فبعض النواب المساندين بقوة لأوكرانيا باتوا عرضة لحملات منظمة على شبكات التواصل الاجتماعي، يُعتقد أنها مدعومة من دوائر موالية لروسيا تحاول إشعال الخوف لدى الفرنسيين من احتمال إرسال قوات فرنسية إلى جبهات القتال.

ومع أن الأصوات المؤيدة لموسكو داخل اليمين تراجعت خلال السنوات الماضية، فإن تصريحات بعض الشخصيات السابقة تظل تلقي بظلالها على الحزب. 

وقد أثارت مواقف وزير التعليم الأسبق لوك فيري، الذي اعتبر روسيا "عدوًا مختلَقًا"، جدلًا واسعًا، وأحدثت تصريحات رئيس الوزراء الأسبق فرنسوا فيون، المعروف بصلاته الاقتصادية السابقة مع شركات روسية، انزعاجًا إضافيًا حين حمّل القيادة الأوكرانية جزءًا من مسؤولية اندلاع الحرب.

ورغم كل ذلك، يبقى حضور برونو ريتايو، رئيس الحزب الجديد، ضعيفًا في قضايا السياسة الدولية. 

وعلى الرغم من تأكيده أن روسيا هي المعتدي وأن على فرنسا أن تعزز قدراتها الدفاعية، فإن خطابه العام يظل منصبًا أكثر على الملفات الداخلية، ولا يقدم رؤية واضحة بشأن المسألة الأوكرانية.

أخبار ذات علاقة

جنود أوكرانيون يطلقون النار على قوات روسية قرب بوكروفسك

ما بعد الحرب.. فرنسا وبريطانيا ترسمان ملامح "القوة الضامنة" لأمن أوكرانيا

ويقول مقربون منه إنه يدرك أهمية الملف وضرورة أن تتسلح فرنسا أخلاقيًا وعسكريًا، لكنه لم يترجم هذا الإدراك إلى مواقف علنية ثابتة أو خطاب سياسي مؤثر.

في المحصلة، تبدو مشكلة اليمين الفرنسي في الحرب الأوكرانية ليست في مواقفه، بل في غياب خطاب قوي وواضح يشرح هذه المواقف ويعرضها للرأي العام.

الحزب، الذي يجد نفسه متوافقًا مع ماكرون أكثر مما يرغب، يخشى أن يُنظر إليه كمؤيد للرئيس، في وقت يعتمد فيه على معارضة الإليزيه لكسب الناخبين.

وهكذا، يبقى صوته منخفضًا على الرغم من أن الأزمة تمسّ بعمق موقع فرنسا في أوروبا ومستقبل أمنها. وفي ظل هذا الارتباك، يستمر اليمين في الظهور كقوة سياسية تفضّل الصمت في اللحظة التي تحتاج فيها البلاد إلى مواقف واضحة.

logo
تابعونا على
جميع الحقوق محفوظة © 2025 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC