مع اقتراب احتمال التوصل إلى اتفاق سلام لأوكرانيا، شرعت قيادات أوروبا في وضع الخطوط العريضة لدعم كييف من خلال قوة عسكرية متعددة الجنسيات، في حال نجحت البلاد في التوصل إلى اتفاق سلام مع روسيا.
وفي سياق دبلوماسي متسارع يهدف إلى تهيئة الظروف لإنجاز الاتفاق، اجتمع حلفاء أوكرانيا مؤخرًا، ضمن ما يسمى بـ"تحالف الراغبين"، بعد ما يبدو أنهم حصلوا على موافقة أمريكية مبدئية على المشاركة.
وأعلن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون خلال الاجتماع عن تشكيل قوة مشتركة جديدة بقيادة فرنسا وبريطانيا، وبمشاركة الولايات المتحدة وتركيا، لتحديد التفاصيل الدقيقة للدعم العسكري الأوروبي في حال تم التوصل إلى اتفاق سلام.
وقال ماكرون: "في الأيام المقبلة، سنتمكن من تحديد مساهمة كل دولة بدقة وعرض ضمانات أمنية مكتملة".
وذكر مسؤول بالإليزيه، إن تشكيل القوة الجديدة سيمنح "تماسكًا جديدًا" للمفاوضات عبر الأطلسي بشأن الضمانات الأمنية.
بدوره، أكد رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر، أن القوة متعددة الجنسيات ستلعب "دورًا حيويًا" في ضمان أمن أوكرانيا، بحضور وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو في الاجتماع الافتراضي.
واعتبر مسؤول بريطاني آخر مشاركة روبيو علامة إيجابية على موافقة واشنطن، وهو أحد أكثر عناصر الخطة إثارة للجدل، وأضاف مسؤول بريطاني ثانٍ أن التحضيرات العسكرية البريطانية "متقدمة جدًا".
من جهته، حذر إيد أرنولد من مركز الملكية المتحدة للخدمات في لندن، من أن عدم وضوح الضمانات الأمنية الأمريكية يضع التحالف "في موقف خطير، إذ يتم نشر قوة مع غطاء أمني لا يُعد موثوقًا بالكامل".
ويشمل التحالف، وهو تحالف مرن لدول مثل فرنسا، وألمانيا، وبريطانيا، وبلجيكا، وكندا، وتركيا، تقديم الدعم بدرجات متفاوتة، بما في ذلك نشر قوات برية لضمان تنفيذ الاتفاق وردع أي عدوان روسي محتمل.
وخلال الاجتماع، تم طرح فكرة قوة "طمأنة" تقدم الدعم الجوي والبحري لأوكرانيا، إضافة إلى دعم إعادة بناء القوات المسلحة الأوكرانية.
وأكد ستارمر استعداد بريطانيا لوضع قوات برية على الأرض، بينما أشار ماكرون إلى أن القوات لن تكون في خط المواجهة، بل في "مواقع احتياطية في كييف أو أوديسا".
وقال ماكرون: "سننشئ قوة جوية للطمأنة، لن تتواجد داخل أوكرانيا، ولكن ربما في الدول المجاورة، لتنسيق العمليات مع القوات الجوية الأوكرانية وضمان السيطرة على المجال الجوي".
وأضاف: "لا ينبغي أن نزرع الذعر بين الفرنسيين، فهناك من يريد تخويفنا بالقول إننا سنرسل القوات مباشرة، وهذا غير صحيح".
وأبدت ألمانيا موقفًا أكثر تحفظًا، حيث أشار وزير الخارجية يوهان وادفول، إلى وجود لواء ألماني في ليتوانيا، موضحًا أن ألمانيا "أكثر مشاركة في المنطقة بأكملها مقارنة بأي عضو آخر في حلف شمال الأطلسي الناتو" وأن هذا "يكفي".
وأكد كالفين بيلي، نائب حزب العمال في لجنة الدفاع البريطانية، أن "المجموعة تلعب دورًا مهمًا، ولكن يجب أن تكون القدرات والخطط التي نقدمها مزودة بالموارد وموثوقة ليكون ذلك فعالًا".
وقال مسؤول بريطاني ثانٍ إن هذه الانتقادات غير دقيقة، مؤكدًا أن التوقعات التشغيلية الواضحة يمكن تحديدها فقط بعد التوصل إلى اتفاق وقف إطلاق النار.
فيما اعتبر جون فورمان، الملحق العسكري البريطاني السابق لدى روسيا، أن الفائدة الرئيسة للتحالف هي "كونه تجمعًا سياسيًا يربط بين الناتو والاتحاد الأوروبي وبقية العالم".
وأضاف أنه "لن يكون قادرًا أبدًا على تقديم ضمانات أمنية موثوقة، فقط الولايات المتحدة وبعض الحلفاء الرئيسين يمكنهم فعل ذلك، إذ لا أحد يرغب في مواجهة الروس إذا انهار السلام".
وتبقى أسئلة كبيرة مطروحة حول دور الولايات المتحدة الفعلي، وأين يمكن أن يحدث للجيش الأوروبي فرق ملموس، خاصة أن روسيا رفضت علنًا أي خطة سلام مدعومة أوروبيًا.