رأى المسؤول السابق في وزارة الحرب الأمريكية "البنتاغون" برنت سادلر، أن الخطة الأمريكية بشأن الحرب في أوكرانيا "غير مكتملة"، وإذا بقيت كما هي قد تؤدي إلى "تصدع سياسي" بين واشنطن والعواصم الأوروبية.
وأضاف سادلر في حوار خاص لـ"إرم نيوز"، أن "المسودة المكونة من 28 بندًا تعكس فجوة واضحة بين الوعود الغربية القديمة لضمان أمن أوكرانيا وبين الواقع الذي فرضته الحرب خلال السنوات الماضية، وأن السرعة التي تدفع بها واشنطن نحو توقيع الاتفاق تعكس خشيتها من تغير الوقائع الميدانية لصالح موسكو، ما يجعل أي تسوية مستقبلية أكثر كلفة وتعقيدًا".
وتالياً نص الحوار:
بدايةً.. إلى أي مدى يعكس تضمين شرط منع أوكرانيا من دخول الناتو في دستور أوكرانيا تغييرًا جذريًا في ميزان النفوذ بين واشنطن وموسكو؟
إدراج شرط يمنع كييف من الانضمام إلى "الناتو" داخل دستورها يعني الانتقال من مجرد تفاهمات سياسية إلى قيود قانونية دائمة على القرار الأوكراني المستقبلي.
وهذا النوع من الاشتراطات يعكس حجم الضغوط المفروضة على أوكرانيا، لكنه في الوقت نفسه يوضح أن واشنطن وموسكو تتعاملان مع مستقبل الأمن الأوروبي على أساس المساومة لا المبادئ.
ورغم أن تعديل الدستور ممكن دائمًا في اللحظة المناسبة، فإن بناء قدرة عسكرية مستقلة تُغني عن الحاجة إلى الناتو أصعب بكثير ويتطلب سنوات طويلة، ما يجعل هذا الشرط أقرب إلى إعادة رسم موازين النفوذ بين القوتين أكثر من كونه ضمانة طويلة الأمد.
تعديل النظام الأساس للناتو لحظر عضوية أوكرانيا، هل يمثل هذا اعترافًا غير معلن بنهاية سياسة الباب المفتوح؟
ما يُطرح، اليوم، يعكس اعترافًا بوجود فجوة كبيرة بين الضمانات التي قُدمت لأوكرانيا العام 1994 وبين ما كان مطلوبًا فعليًا لردع روسيا. صحيح أن أوكرانيا تتحمل بدورها مسؤولية عدم بناء دفاعات كافية خلال العقود الماضية، لكن الأهم، الآن، أن الخطر على الحدود الشرقية لأوروبا لا يزال قائمًا.
لذلك، فإن الحديث عن تعديل نظام الحلف يشير إلى سعي أمريكي لإيجاد صيغة تُبقي أوكرانيا خارج الناتو، مقابل تعويضها بضمانات بديلة، وهو تحول جوهري يضع سياسة "الباب المفتوح" في اختبار صعب وربما غير مسبوق.
تصر واشنطن على توقيع زيلينسكي، قبل نهاية نوفمبر/تشرين الثاني.. ماذا يعكس هذا الاستعجال؟
الإصرار على توقيع سريع يعطي انطباعًا بأن واشنطن تسابق الزمن قبل أن تتغير المعادلات على الأرض، فهناك مخاوف حقيقية من خسارة أوكرانيا مزيدًا من الأراضي، وإطالة الحرب قد تجعل أي تسوية مستقبلية أكثر تعقيدًا.
ومع ذلك، يبقى غياب معالجة واضحة لوضع القوات البحرية في البحر الأسود ثغرة خطيرة في الخطة؛ فطالما لا توجد قيود على إعادة بناء الأسطول الروسي هناك، سيظل الاستقرار هشًا بغض النظر عن سرعة التوقيع.
أوروبا تشعر بالدهشة من الخطة الأمريكية وتعتبرها "كارثية".. هل يمكن أن يؤدي هذا الشرط إلى شرخ عميق داخل المعسكر الغربي؟
المسودة الحالية، المكونة من 28 بندًا، تبدو غير مكتملة أصلًا ويجري تعديلها من خلال المفاوضات، لذلك من الطبيعي أن يثير إدخال بنود حساسة كهذه حساسيات أوروبية، خاصة لدى دول ترى أنها تُستبعد من صياغة مستقبل الأمن الأوروبي.
وإذا لم تُضبط الصياغات النهائية بعناية، فقد يتحول هذا الخلاف إلى تصدع سياسي بين واشنطن والعواصم الأوروبية التي تخشى أن يمنح الاتفاق موسكو مساحة لإعادة ترتيب قوتها بعد سنوات قليلة.
الخطة تمنح أوكرانيا ضمانات أمنية لمدة 10 سنوات فقط.. إلى أي مدى يمكن لهذه الضمانات أن تحل محل مظلة الناتو؟
الضمانات المقترحة ليست بديلاً عن مظلة الناتو، لكنها يمكن أن توفر حدًا أدنى من الردع إذا صيغت بطريقة تجعل استئناف الحرب مكلفًا وخطرًا للطرفين معًا.
لذلك، فإن نجاح أي وقف لإطلاق النار لا يعتمد على شعور روسيا بأنها تربح أو تخسر الآن، بل على قدرتها وقدرة كييف على الالتزام بما يتم الاتفاق عليه. فإذا ضمنت الخطة آليات رقابة وعقوبات واضحة، فقد تصبح السنوات العشر نافذة لتهدئة حقيقية، أما إذا بقيت الضمانات رمزية فلن تكون كافية لمنع عودة الصراع.
حتى الآن لم تتسلم روسيا رسميًا الخطة، لكنها ترحب بتثبيت وضع أوكرانيا خارج الناتو.. هل ترى موسكو في هذا الشرط انتصارًا وخطوة أولى نحو تنازلات إضافية؟
من الواضح أن موسكو تعتبر إخراج أوكرانيا من مسار "الناتو" مكسبًا سياسيًا، لكنه ليس نهاية الطريق من وجهة نظرها.
المهم، الآن، هو أن تكون الضمانات المقترحة كافية لجعل أي استئناف للقتال مكلفًا لكلا الجانبين، لا أن تُقرأ في موسكو كدعوة للاستمرار في الضغط العسكري والبحث عن مكاسب إضافية.